السبت 21 سبتمبر 2019 / 13:26

اللجنة العليا للأخوة الإنسانية: خطط مستقبلية لتشجيع الأمم المتحدة على تبني الوثيقة

عقدت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية بكامل هيئتها، أمس الجمعة، اجتماعها العالمي الثاني في المكتبة العامة وسط مدينة نيويورك الأمريكية، وذلك بحضور وزير الخارجية والتعاون الدولي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وعدد من كبار المسؤولين الإماراتيين وممثلي عدد من المؤسسات المختلفة والشركاء وأصحاب المصلحة الرئيسيين.

واستعرض خلال الاجتماع، الذي عقد بالتزامن مع بدء أعمال الجزء الرفيع المستوى للدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أعضاء اللجنة العليا لمهمتها الرامية إلى تعزيز نشر ثقافة الاحترام المشترك والحوار بين أتباع الديانات والمذاهب والجنسيات المختلفة، ما يعد بمثابة انطلاقة لخطوة طموحة تتضافر من خلالها الجهود المشتركة من أجل استكشاف السبل التي يمكن أن يمضي في إطارها أصحاب النوايا الطيبة من كافة الديانات والمعتقدات بهدف تعزيز التفاهم المشترك والسلام العالمي.

بيت العائلة الإبراهيمية
وللجنة العليا التي تشكلت حديثاً، صلاحيات تقديم المشورة والتوجيه بشأن تحقيق أهداف "وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك"، التي وقع عليها كل من بابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس، وشيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في أبوظبي، وذلك خلال زيارتهما للإمارات في شهر فبراير (شباط) الماضي.

كما استعرض أعضاء اللجنة العليا خلال الاجتماع مشروع "بيت العائلة الإبراهيمية" المقرر إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، وهو إحدى المبادرات الأولى التي دعت إليها وثيقة الأخوة الإنسانية، حيث سيضم البيت كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات، من أجل تعزيز قيم التعايش السلمي والقبول بين العقائد والجنسيات والثقافات المختلفة.

وكشف خلال الاجتماع عن التصاميم الخاصة المعنية بهذه المبادرة، والتي يتولاها المهندس المعماري الشهير عالمياً والحاصل على العديد من الجوائز السير ديفيد أجايي أوبي.

بناء الحوار
وفي معرض تعليقه على هذه المبادرة التاريخية، قال رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان ورئيس اللجنة المطران ميغيل أنخيل أيوسو غويكسوت: "ينطوي هذا المسعى على تأثير بالغ للبشرية، ففي الوقت الذي تطغى للأسف أنباء الحقد والكراهية والشر والانقسامات على التقارير الإخبارية من جميع أنحاء العالم، فلا تزال مشاعر الخير تملؤ قلوبنا وتنير طريقنا لبناء الحوار وتبادل المعرفة وتحقيق التطلعات نحو بناء عالم تسوده قيم التآخي والسلام، جنباً إلى جنب مع شركائنا من أتباع الديانات الأخرى، والرجال والنساء من أصحاب النوايا الطيبة"، وأضاف "أنني بهذه المناسبة أود أن أتوجه بالشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على التزامها الملموس تجاه مبادرة الأخوة الإنسانية" .

من جانبه، أكد عضو اللجنة العليا والأمين العام للجنة والمستشار السابق لشيخ الأزهر القاضي محمد محمود عبد السلام، أن "تشكيل اللجنة العليا للأخوة الإنسانية جاء في وقت مهم، ويتطلب ذلك من كافة المحبين للسلام الوقوف صفا واحدا من أجل دعم جهود نشر ثقافة التعايش والإخاء والتسامح في جميع أنحاء العالم"، معرباً عن سعادته بهذه الطاقة الإيجابية وروح الإصرار الذي تبثه مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل إرساء الأمن والتعايش والسلام للجميع.

وعبر القاضي عبد السلام عن تقديره لما أثمر عنه لقاء البابا فرنسيس مع الدكتور أحمد الطيب في فبراير (شباط) الماضي، ولا سيما تعبيرهما عن قلقهما الإنساني المشترك، وإصرارهما على العمل معا من أجل توفير سبل السعادة للبشر، أيا كانت انتماءاتهم العقائدية أو جنسياتهم.

ونوه إلى تأثره الكبير بما لمسه من الإمام الأكبر شيخ الأزهر وكذلك البابا فرانسيس في أول لقاء جمع بينهما من اهتمام مشترك بما يعانيه الإنسان من آلام ومآس وإصرارهما على الاجتهاد فيما تبقى من عمرهما في كل ما يسعد البشر مهما اختلفت أديانهم وأجناسهم.

جسور التواصل
وتحدث كبير الحاخامات في المجمع العبري بواشنطن، وعضو اللجنة الحاخام م. بروس لوستيج، قائلاً إن "هذه فرصة مهمة لجميع من يثقون بقوة الإيمان والقيم البشرية، حيث ستساهم في مد جسور التواصل بين رجال الدين وأفراد المجتمعات، وتعزيز السلام والتآلف، لا سيما ونحن نعيش في عصر تسوده أشكال الفرقة".

وأضاف "يشرفني أن أكون جزءاً من هذه النخبة الموقرة، حيث يجمعنا العمل لهدف واحد وهو إعلاء قيم الحب على الكراهية، والعدل على الظلم، والإيمان على الخوف"، مشدداً على أهمية مبادرة الأخوة الإنسانية لعكس بعض المفاهيم السلبية القائمة على التمييز والكراهية، وقال إن "أي اعتداء على أي من الأديان السماوية هو بمثابة اعتداء على الإنسانية برمتها".

وقال المؤسس ورئيس شركة "أجايي وشركاه" السير ديفيد أجايي: "يسعدني ويشرفني وقوع الاختيار على تصميمي لهذا الصرح المتميز الذي سيضم 3 مبان منفصلة، سيخصص كل مبنى على حدة منها لعبادة ديانة سماوية في إطار مدخل منفصل من الحديقة الرئيسية للمجمع، إلى جانب مبنى رابع أخير غير تابع لأي ديانة، سيكون بمثابة متحف ثقافي يجتمع فيه الأخوة في الإنسانية بمختلف انتماءاتهم، وسيوفر برامج تعليمية وفعاليات متنوعة، تهدف إلى تعزز التبادل والتعاون الثقافي والإنساني بين الأديان والأخوة الإنسانية بمختلف انتماءاتهم".

وكشف عن أن تنفيذ هذا المشروع التاريخي الفريد من نوعه والذي بدأت حالياً أولى خطوات تنفيذه، سيستغرق ثلاث سنوات ليتم افتتاحه في عام 2022، وقال: "أؤمن بأن دور فن العمارة هو إضفاء طابع متميز على العالم الذي نطمح أن نعيش فيه، وبما يعكس قيم التسامح والانفتاح والتطور المستمر، فالعمارة وفن تنسيق الأماكن يمكن أن يكونا تجسيداً لمعالم المكان والمبادئ التي شيد من أجلها، وتحفيز سبل الحوار، ومساعدتنا في إعادة تقييم تصوراتنا الحالية بشأن العالم من حولنا، واستكشاف المميزات التي يمكن أن نجنيها بشكل أكثر دلالة".

كما أجمع أعضاء اللجنة العليا على أن اختيار هذا التصميم العصري لـ"بيت العائلة الإبراهيمية" جاء وفق عملية دقيقة، أتيحت الفرصة خلالها لمشاركة معماريين معروفين حول العالم تتنوع خلفياتهم ودياناتهم، ولفتوا إلى أن "تصميم المعماري أجايي اتسم بالتميز حيث يضم أماكن عبادة منفصلة لكل ديانة، ومكاناً مشتركاً للتعاون، تقام فيه تجمعات غير رسمية، ولكونه تصميماً معاصراً، فهو سيعكس الهدف الذي تم وضعه لإنشاء مكان للأجيال المقبلة يستقطب الأجيال المستقبلية".

الأمم المتحدة
وعلى صعيد آخر، كشف أعضاء اللجنة العليا عن خطتهم المستقبلية لتشجيع منظمة الأمم المتحدة على تبني "وثيقة الأخوة الإنسانية" من أجل السلام العالمي والتعايش المشترك، التي تم صياغتها والتوقيع عليها من قبل شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية خلال المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي استضافته الإمارات في فبراير (شباط) الماضي، وأيضاً تحديد يوم دولي للاحتفال العالمي بهذه المبادرة الهامة، من أجل تفعيل نشر التعايش السلمي والتآخي الإنساني بين البشر على مختلف انتماءاتهم وتنوعهم.

وشدد رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي وعضو اللجنة العليا محمد خليفة المبارك، على أهمية هذه الوثيقة التي تعد من أهم وثائق العصر الحديث والتي ترمي إلى تعزيز الأخوة الإنسانية بين أتباع الأديان الثلاثة.