الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الجمعة 27 سبتمبر 2019 / 23:24

هل تنجح روسيا بعزل اقتصادها عن العقوبات؟

24 - إعداد: ريتا دبابنه

في محاولة لعزل الاقتصاد الروسي عن العقوبات الأمريكية، وضع الكرملين عملية إلغاء تداول الدولار في أولوية أجنداته طويلة الأجل، لكن اقتصاديون يرجحون أن موسكو ستضطر إلى الاعتماد على الدولار لبعض الوقت.

منذ عام 2013، يحاول البنك المركزي الروسي تقليل عدد المعاملات التي تتم بالدولار الأمريكي، إما للمدفوعات المحلية أو التجارة الخارجية.

آثار العقوبات
واجهت روسيا مراراً عقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ عام 2014 لأسباب تتراوح ما بين ضم شبه جزيرة القرم، إلى تسمم جاسوس سابق في الولايات المتحدة، وكذلك التدخل عبر الإنترنت في الانتخابات الأمريكية عام 2016.

يقول مدير التنبؤ العالمي في وحدة المعلومات الاقتصادية أغاثي ديماريز، في تصريح لشبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، إن روسيا تحاول التحايل على العقوبات الأمريكية المفروضة عليها عن طريق التخلي عن الاعتماد على الدولار.

عملية استباقية
ومن أجل استباق العقوبات المحتملة التي قد تعزل روسيا عن القنوات المالية الدولية مثل "SWIFT"، أنشأت موسكو أيضاً نظام دفع مصرفي محلي يطلق عليه اسم "Mir" والذي يعني "السلام" و"العالم" بالروسية.

كما صعّدت الجهود لتوقيع اتفاقيات تبادل العملات، والتي تمكن التجارة المباشرة بين بلدين بعملتين محليتين، بدلاً من الاعتماد المعتاد على الدولار الأمريكي، وفقاً لتقرير "سي إن بي سي".

يشير ديماريز إلى أنه "ليس من المستغرب أن تكون روسيا قد أبرمت صفقات مبادلة العملات مع الدول التي لديها حالياً علاقات سيئة مع الولايات المتحدة، بما في ذلك إيران وتركيا والصين".

جهود كبيرة
وبحسب تقرير نُشر هذا الأسبوع من قبل كبير الاقتصاديين في شركة "آي إن جي"، فإن جهود "إزالة الدولرة" أصبحت واضحة الآن في معظم المناطق.

ويشمل ذلك التدفقات التجارية والدين الأجنبي والأصول الدولية التي تحتفظ بها البنوك، عن طريق القروض المحلية وسوق الصرف الأجنبي المحلي. وعلى النقيض، فقد زاد دور الدولار فعلياً في معاملات الممتلكات الخاصة التي تملكها الشركات والأسر في روسيا.

وقال التقرير، إن تخفيض قيمة الدولار يفضله البنوك، بينما يحتفظ الباقي بما في ذلك الشركات والأسر وحتى الحكومة، بدولاراتهم الأمريكية التي تعد أكثر جاذبية مقارنة باليورو، بفضل ارتفاع أسعار الفائدة.

تقدم بطيء
وأشار دولجين كبير الاقتصاديين في شركة "آي إن جي"، إلى أن التقدم في تخفيض قيمة الدولار يتم بصرياً فقط، بسبب انخفاض قيمة اليورو والروبل مقابل الدولار بنحو 20٪ و 50٪ على التوالي منذ عام 2013، مما يشير إلى أن انخفاض حصة استخدام الدولار الروسي كان يمكن أن يكون أكثر وضوحاً لو بقيت مستويات التبادل هذه على حالها.

ومع ذلك، بدأت بعض الشركات في الابتعاد عن العملة الأمريكية، ففي عام 2015، أعلنت شركة غازبروم نيفت أنها حسمت جميع صادراتها النفطية إلى الصين بالرنمينبي. وفي أغسطس (آب) من هذا العام، أعلنت روسنفت أنها ستتوقف عن استخدام الدولار الأمريكي في عقود التصدير الخاصة بها.

عقبة جديدة
من جهته، يقول ديماريز إن التخلص من الدولار بشكل كامل لا يزال أمراً بعيد المدى، بسبب اعتماد صادرات النفط العالمية على الدولار، وكذلك تقلب الروبل، وبالإضافة إلى ذلك، بما أن روسيا لا تمثل سوى 2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهذا يعني أيضاً أن الروبل لا يزال غير جذاب لبعض المستثمرين الدوليين.

علاوة على ذلك، تشير التقارير إلى أن تكاليف التداول الإضافية الناتجة عن إلغاء الدولار ستمثل "عقبة رئيسية أخرى".

وخلص التقرير إلى أن وزارة المالية الروسية قد تكون قادرة على تخفيض قيمة أصولها بعد عام 2020، بمجرد أن تصل نسبة السيولة من الصندوق الوطني للثروة إلى 7 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما يسمح "بتنويع أكبر للأدوات".

دعم الاتحاد الأوروبي
يشرع الاتحاد الأوروبي في مهمة لزيادة الدور الدولي لليورو، وعلى هذا النحو، تعد أوروبا المستفيد الرئيسي من عملية إلغاء الدولار في روسيا.

يقول ديمارايز إنه "بشكل غير رسمي، يحرص الاتحاد الأوروبي على دعم جهود روسيا الرامية إلى إلغاء الدولرة، حيث يأسف مسؤولو الاتحاد الأوروبي لآثار العقوبات الأمريكية خارج الحدود الإقليمية على الشركات الأوروبية، ويريدون الترويج لليورو كعملة دولية".

تسويق اليورو
في وثيقة عمل الموظفين التي نُشرت في يونيو (حزيران)، وبعد مشاورات مع المشاركين في السوقين العام والخاص، خلصت المفوضية الأوروبية إلى أن "اليورو يبرز بوضوح باعتباره المرشح الوحيد الذي يتمتع بجميع الخصائص الضرورية لعملة عالمية يمكن للمشاركين في السوق استخدامها بديل للدولار الأمريكي".

كما تسلط اللجنة الضوء على إمكانية زيادة حصة المعاملات المقومة باليورو في سلع الطاقة، ولا سيما الغاز الطبيعي.

وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية لـ "سي إن بي سي"، إن تعزيز دور اليورو الدولي "جزء من التزام أوروبا باقتصاد وتجارة عالميين مفتوحين ومتعددي الأطراف وقائمين على القواعد"، مشيراً إلى أن تعزيز دور اليورو من شأنه أن يساعد في تحسين مرونة النظام المالي الدولي، ويزود مشغلي السوق في جميع أنحاء العالم بخيارات إضافية ويجعل الاقتصاد الدولي أقل عرضة للصدمات".