الأحد 6 أكتوبر 2019 / 16:07

مكالمة ترامب – زيلينسكي..تداعيات داخلية وخارجية

يعتقد بعض المراقبين أن تداعيات التحقيق في مكالمة هاتفية بين الرئيسين الأمريكي ترامب ونظيره الأوكراني زيلينسكي، قد تتردد أصداؤها خارج أمريكا متجاوزة قضية العزل.

أوكرانيا في مرمى النيران، وما يجري اختبار حقيقي لديمقراطية تواجه تهديدين وجوديين، داخلياً بسبب الفساد، وخارجياً من قبل روسيا

وعشية صدور تقرير عن مبلّغ زعم بأن دونالد ترامب ربط مساعدات عسكرية لأوكرانيا بإجراء تحقيق مع جون بايدن، أبرز مرشح ديمقراطي لانتخابات الرئاسة في 2020، وابنه هانتر، بدأت نانسي بيلوسي رئيسة الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي تحقيقاً في مساءلة الترئيس.
   
واستطلعت مؤسسة تشاتام هاوس آراء مجموعة من الباحثين حول الفضيحة الرئاسية الأخيرة، والتي قد تستنفذ السياسات الداخلية الأمريكية، وتصل تداعياتها إلى أوكرانيا وإلى الشؤون الدولية.

وتقول ليندسي نيومان، باحثة بارزة لدى برنامج الولايات المتحدة والأمريكيتين، إنه منذ أكثر من عام، يعمل الديمقراطيون على التحقيق في تورط محتمل للرئيس دونالد ترامب بشأن تدخل روسي في انتخابات الرئاسة لعام 2016. والآن، وفي أقل من أسبوع، يبدو أنهم قرروا بأن موضوع مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومحاولات لاحقة من قبل إدارة ترامب لمنع نشر تقرير مبلغ له علاقة بالأمر، يشكل جرائم واضحة تستحق العزل.

أسئلة هامة
وتقول نيومان بأنه من بين الأسئلة الهامة، بشأن ما سيجري في ظل الانقسام الحالي داخل الحزب الديمقراطي، بين تقدميين ومعتدلين، هل تصوت الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب لعزل ترامب. كما أنه من غير المؤكد إن كان هناك أي احتمال لأن يصوت ثلثا الجمهوريين في مجلس الشيوخ لإدانة ترامب، خاصة بالنظر لارتفاع شعبيته بين أعضاء الحزب.

وتضيف الباحثة أن مكالمة زيلنسكي سيكون لها صداها حول كيفية تعامل قادة أجانب مع إدارة ترامب. وسوف تضع هذه السابقة حكومات أجنبية في موقف خطير عندما يجيبون على مكالمة من مسؤول في الإدارة، وتطرح استفسارات بشأن فيما إذا كان حلفاء، سئموا فعلياً من السياسة الخارجية المحيرة لإدارة ترامب، سيتطلعون لتعزيز علاقاتهم بقوى أخرى كالصين، وبدرجة أقل، مع روسيا.

تغيير مواقف
لكن ليسلي فينجاموري، عميدة أكاديمية الملكة إليزابيث الثانية لدى تشاتام هاوس، تقول إن قرار المضي في إجراءات عزل، هو تغيير في قواعد اللعبة، وسيفرض ضغطاً على جميع الأقسام داخل الحكومة الأمريكية كي يدعموا التحقيقات. وسوف يؤدي لتحفيز الرأي العام، وستكون جلسات الاستماع للإقالة طويلة وسياسية بشكل مكثف.

وتشير فينجاموري، مستدلة بشواهد تاريخية، إلى أن جلسات استماع إقالة ترامب سوف تحدث تحولاً في مواقف عامة، ليست بالضرورة لصالح الرئيس. وقد تطلع الجمهور الأمريكي، خلال العامين الأخيرين، لتحقيقات في الكونغرس من خلال عدسات حزبية. ولكن للكلمات أهميتها، ويرجح أن تكون جلسات استماع إقالة رسمية مختلفة تماماً. كما يخاطر الكونغرس بأن يظهر في صورة من يقوض آفاق رئيس حالي إذا ثبت أن مزاعم المبلّغ زائفة. وفي جميع الأحوال، يتعرض الكونغرس لضغط كي يتحرك بسرعة. وهناك فرق أساسي بين تحقيقات مولر واتهامات المبلّغ الحالية.

موقف صعب لأوكرانيا
ومن جانب آخر، تقول أوريسيا لوتسيفيتش، باحثة متميزة ومديرة برنامج منتدى أوكرانيا وروسيا وأورو آسيا، وجيمس نيكسي، رئيس برنامج روسيا وأورو آسيا، أن أوكرانيا في مرمى النيران، وما يجري اختبار حقيقي لديمقراطية تواجه تهديدين وجوديين، داخلياً بسبب الفساد، وخارجياً من قبل روسيا التي لا ترى أن أوكرانيا يجب أن تكون دولة مستقلة على رغم أن الغالبية العظمى من مواطنيها، (45 مليون نسمة) والقانون الدولي، يعتقدان العكس. وفي هذ الإطار يكون للدعم الأمريكي العسكري والتنموي لأوكرانيا أهمية قصوى.

ويأمل زيلينسكي بحل الصراع مع روسيا، رغم أن أهداف الكرملين تجاه أوكرانيا لم تتبدل. وقد يكون السلام على حساب المصالح القومية لأوكرانيا سبباً في زعزعة استقرار البلاد داخلياً.

وعلى نحو لافت، يتبنى الرئيسان ترامب وبوتين وجهات نظر متشابهة بشأن أوكرانيا. وكلاهما لا يهتمان كثيراً بشعبها وطموحاتها، ويعتبران أنها – لا روسيا- السبب الرئيسي في تدني مستوى العلاقات بين "القوتين العظميين". ولكن يجب معارضة سعي ترامب للضغط على كييف، لا على الكرملين من أجل التوصل إلى صفقة.