القيادي الكردي صالح مسلم (أرشيف)
القيادي الكردي صالح مسلم (أرشيف)
الثلاثاء 8 أكتوبر 2019 / 16:55

قيادي كردي: تواطؤ إيران وروسيا والنظام السوري مع تركيا

"قدرنا أن نتلقى الطعنات في الظهر من قبل الجميع، الحلفاء وغيرهم، ولكننا لم ولن نعول على أحد في الدفاع عن أنفسنا، سندافع حتى الرمق الأخير، فلا سبيل آخر أمامنا، فالدول تحكمها المصالح، لا المبادئ، وربما اختار الجميع أن تكون مصلحتهم مع تركيا، وبالتالي فهم الآن صامتون على غزوها لمناطقنا"، بهذه الجمل، لخص القيادي الكردي البارز صالح مسلم، الوضع الراهن في ظل إعلان تركيا اكتمال استعداداتها لشن عملية عسكرية ضد مناطق الأكراد في شمال وشرق سوريا.

وقال مسلم في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء الألمانية: "بالطبع الكل يقول إنه عقب سحب الولايات المتحدة قواتها من مناطقنا، وفي إطار الاستعداد لصد الهجوم التركي، علينا المسارعة بمد الجسور والتحالف مع روسيا والنظام السوري، بل والقبول بعرض إيران، خصم أمريكا اللدود، لتأمين مناطقنا، أقول للجميع، إن إيران وروسيا والنظام السوري متواطئون مع تركيا. ولا نتحالف مع طرف ما لمجرد خلافه أو عداوته لطرف آخر لم يلتزم بوعوده معنا، مواقفنا لا تتخذ بهذه الطريقة".

صفقات ومقايضات
وشدد مسلم على أنه رغم "انفتاح الأكراد على الحوار مع الجميع، بما في ذلك الأتراك، لتجنيب أهالي ومكونات مناطق الإدارة الذاتية من عرب، ومسيحيين سريان، وكرد أيضاً، خطر الإبادة الجماعية، أو العرقية، إلا أنهم لم، ولن يلجأوا إلي أي طرف طلباً للدعم".

وأوضح أن "الدول لها مصالحها، هذا ما نعرفه. وبالتالي، نحن لا نتوقع من أحد أن يحمل السلاح أو أن يدافع عنا، وإقدام أي طرف على تقديم الدعم اللوجستي، أو التسليحي لنا، سيتوقف بالدرجة الأولى على حجم المصلحة التي ستتحقق له من ذلك، أي لو رأت إيران أو روسيا أو النظام السوري، أن لأي منهم مصلحة في التعاطي معنا ودعمنا، فسيفعلون ذلك، وهناك بالفعل مصالح عدة تجمعنا بالمنطقة، في مقدمتها الحرب على الإرهاب، ولكننا في نفس الوقت، لا نعلم ماذا عرضت عليهم تركيا، مقابل دعمهم، وفي اعتقادي، وفي ظل ما يظهر الآن، هناك صفقات جماعية ومقايضات بالفعل، حصل الأتراك على ضوء أخضر لعمليتهم العسكرية ضدنا من قبل تلك الدول، وإلا كيف نفسر صمت الجميع عن الغزو، كيف نفسر تحديداً صمت النظام السوري عن قبول احتلال تركيا جزءاً آخر جديداً من الأراضي السورية".

انتهاكات تركية
وتابع القياد الكردي "احتلت تركيا عفرين من قبل، وأقدمت قواتها العسكرية بمساعدة مجموعات ما يعرف بالجيش الحر على الكثير والكثير من التنكيل والظلم ضد الأهالي هناك، وقاموا بعمليات تتريك وتغيير ديمواجرفي واسع، فماذا فعل النظام السوري؟ مع الأسف، التزم الصمت، حتى شكوى واحدة للأمم المتحدة لم يقدمها حول ما حدث بعفرين من جرائم، النظام يتكلم عن السيادة السورية، فليتفضل ليدافع عن هذه السيادة معنا، ربما يريد أن نستسلم له بشكل كامل، ولكننا نشك كثيراً في قدرة هذا النظام على فعل أي شئ، ربما هم استسلموا لتركيا".

وأردف بالقول "نعم قدراتنا العسكرية لا تقارن بقوة دولة مثل تركيا، لكننا لن نستسلم، وسندافع للنهاية".

وكان البيت الأبيض أصدر بياناً الأحد، قال فيه إن "الولايات المتحدة لن تقف، ولن تتدخل، في وجه الهجوم التركي الذي لطالما هددت أنقرة به طويلاً، في شمال شرق سوريا".

وأعلنت قوات سورية الديمقراطية "قسد" أنها فوجئت بالقرار الأمريكي، بسحب عناصرها من هذه المناطق التي يشكل الأكراد المكون الرئيسي لسكانها، وهو ما اعتبرته الضوء الأخضر من واشنطن لتشن تركيا هجوماً على مواقع الأكراد.

واستبعد الرئيس المشترك للجنة العلاقات الخارجية في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، أن يكون هدف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من احتلال وضم مناطق في شمال وشرق سوريا، إنشاء منطقة آمنة على الحدود مع سوريا، ليعيد إليها ما يقارب 3 ملايين ونصف مليون سوري، في بلاده.

مصالح أردوغان
وأوضح مسلم "الهدف ليس القضاء على التهديد الكردي لتركيا في تل أبيض ورأس العين وغيرها من المواقع التي انسحبت منها القوات الأمريكية بالفعل حالياً، وليس السبب أيضاً تعالي شكوى الشعب التركي من تحمله تبِعات وجود كثير من السوريين على أراضيه، والمطالبة بإعادتهم إلى الداخل السوري، وبالتالي تكون المنطقة الآمنة هي الحل لتوطينهم، السبب الحقيقي، هو رغبة أردوغان في إنجاز تفاهماته مع الروس والنظام في محافظة إدلب. هو يريد نقل العناصر المتطرفة بتلك المحافظة وفي مقدمتها قيادات هيئة تحرير الشام التي تشكل جبهة النصرة مكونها الرئيسي إلى عفرين، وباقي المناطق التي يسعى للاستيلاء عليها بغزوه المرتقب لمناطقنا بالشمال والشرق السوري، هذا النقل يؤمن مصالح وأهداف النظام السوري، وحليفته سوريا، وربما هو ثمن صمتهما".

وأضاف "أما الثمن الذي قد تكون الولايات المتحدة قد حصلت عليه مقابل سحب قواتها فهو غير معلوم، ولكن الأمر في اعتقادي شخصي بين ترامب وأردوغان. فالقرار الأمريكي بالانسحاب كان مفاجئاً لنا ولكثير من العسكريين الأمريكيين، واعترض كثير من المسؤولين الأمريكيين عليه، وحذروا من تبعاته الكارثية على المنطقة والعالم. فوجود تركيا في تلك المناطق يعنى، بلا جدال السماح لبقايا داعش وخلاياه النائمة في سوريا والعراق، بتنظيم أنفسهم من جديد، وحينها سيكون على الجميع الاستعداد من جديد لمواجهة هذا الخطر".

مخاوف من داعش
وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، هناك ما يقرب من 14 ألف عنصر من داعش معتقلين الآن لدى قوات سوريا الديمقراطية، ويحذر مراقبون من تبعات إطلاق سراحهم، سواءً بقرار سياسي من تركيا، أو بعد فرارهم خلال العمليات العسكرية.

ويتوقع المراقبون تحول هؤلاء لقوة ضارية تشكل تهديداً حقيقياً للدول العربية والغربية، من  التي دعمت الحرب على التنظيم.

وسخر مسلم من تبريرات الرئيس الأمريكي لقرار سحب القوات الأمريكية من المنطقة الحدودية لسورية مع تركيا، وحديثه عن الكلفة المادية التي تحملها الأمريكيون، وكيف أن الأكراد حصلوا على الأموال والأسلحة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في الحرب على التنظيم الإرهابي، ما يعني أنه ليس مديناً لأحد، وقال: "إذا كانت القضية تقاس بالدولار، فنحن بالتأكيد لا نعرف الثمن أو القيمة ونترك له التقييم، فهو ضليع وماهر في تلك المسائل".

وأضاف مسلم "ولكننا دفعنا وقدمنا أكثر من 11 ألف شهيد من قواتنا في المعارك مع داعش على مدار سنوات الحرب، والسؤال هو: كم قدم ترامب من القوات الأمريكية، وكم سقط من هذه القوات خلال المعارك مع التنظيم الإرهابي، الذي مثل خطراً على الإنسانية وقيمها، هل قدم جنوداً في سوريا مثلما قدم في أفغانستان، والعراق؟ نعم زودتنا أمريكا بالسلاح والمعدات، ولكن كان هذا في إطار الشراكة للقضاء على داعش، أي لمصلحتها ومصلحة جميع أعضاء التحالف الدولي، فالأمر لم يكن منحة مجانية لنا".

خيانة أمريكية
ورفض مسلم بشدة ما يطرحه مراقبون عن عجز الأكراد عن تعلم الدرس جيداً، وأن الأمريكان كانوا سيتخلون عنهم في هذه الأزمة لانتهاء المصلحة المشتركة بعد إعلان القضاء على داعش في الباغوز السورية في مارس(آذار) الماضي.

وأوضح "هذا ليس حكماً أو قياساً صحيحاً. أولاً نحن لم نعتمد من البداية على توفير الأمريكيين الحماية لنا لنقول الآن إنهم تخلوا عنا، بالأساس عندما هددت داعش وجودنا بوضع السيوف على أعناقنا، لم نجد من يقف إلى جورانا. طلبنا المساعدة من الجميع وتحدثنا تحديداً مع الروس لاستخدام نفوذهم لدى النظام ليساعدنا، ولكن للأسف لم يستجب أحد لدعواتنا".

وتابع "كنا ندافع عن وجودنا وعن القيم الإنسانية، ومع بشائر انتصارنا على داعش في كوباني، وما رصده الأمريكيون من بسالتنا في التصدي له، عرضوا علينا المشاركة عبر التحالف الدولي، وحققنا سويا انتصارات تاريخية، ونتائج باهرة، كانت هناك مصلحة مشتركة بيننا، أما اليوم، فالأمريكيون، وتحديداً ترامب، وجدوا مصلحتهم مع تركيا".

خطر كبير
واختتم مسلم حديثه قائلاً "بالطبع، ترامب خالف وعود بلاده لنا بأنه لن يسحب القوات الأمريكية قبل القضاء على داعش نهائياً، وتحقيق الاستقرار للجميع عبر آلية الحل السياسي. نعم داعش انتهى تنظيماً عسكرياً موحداً، ولكن خلاياه النائمة موجودة غربي الفرات وفي مواقع أخرى، وقد ينشط التنظيم مع تسلم تركيا لتلك المناطق، وقد توجهت أغلبية القوات الكردية التي كانت تحمى معتقلي التنظيم إلى مراكز التعبئة بفعل الاستنفار والاستعداد لصد العدوان التركي، وهو ما يشكل خطراً على الجميع، وليس علينا وحدنا، بالنسبة لنا، داعش صنيعة تركيا، تغافل الجميع أو تناسوا تاريخ الأتراك، وغرامهم بقطع الرؤوس".