نازحون سوريون.(أرشيف)
نازحون سوريون.(أرشيف)
الأحد 13 أكتوبر 2019 / 13:41

الغزو التركي لسوريا يطلق أزمة لاجئين جديدة

كتبت المراسلة الصحافية نيكول ناريا، في تقرير بموقع "فوكس" الأمريكي، أن الغزو التركي لشمال شرق سوريا سيقود إلى تفجر أزمة لاجئين جديدو؛ وبخاصة مع تشريد قرابة 300 ألف شخص ومنعهم من الوصول إلى الخدمات الإنسانية.

من المستبعد أن تساعد الولايات المتحدة اللاجئين السوريين على مواجهة الأزمة الوشيك

وأسفرت الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في شهر مارس(آذار) 2011 عن فرار قرابة 6,6 مليون لاجئ سوري من البلاد، ولايزال هناك 6,1 مليون نازح داخلياً. وبحسب المراسلة، سوف يضطر النازحون السوريون إلى النزوح مرة أخرى نتيجة الغزو التركي لشمال شرق سوريا.

الانسحاب الأمريكي من سوريا

وتمركزت القوات الأمريكية لسنوات طويلة في هذه المنطقة، ولكن بناء على أوامر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحبت القوات الأمريكية فجأة من المنطقة يوم الأحد الماضي، وبات المقاتلين الأكراد السوريين، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بمفردها في مواجهة الهجوم العسكري التركي.

ويلفت التقرير أنه رغم فرار آلاف اللاجئين من المنطقة، إلا أن الولايات المتحدة غير مستعدة لمساعدة اللاجئين السوريين وإعادة توطينهم، حتى إذا أسفر الهجوم التركي الأخير عن أزمة جديدة؛ لاسيما أن ترامب خفض برنامج اللاجئين الأمريكي بشدة وكذلك قلل الأعداد السنوية لقبول اللاجئين من 110 إلى 18 ألف لاجئ في غضون عامين فقط، كما منع ترامب دخول اللاجئين من سوريا خصوصاً.

وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، خفضت الولايات المتحدة مساعدتها الإنسانية لسوريا في عهد ترامب؛ إذ بلغت قيمة التعهدات الإنسانية 397 مليون دولار في عام 2019 بدلاً من 697 في عام 2017. وشددت كيارا ترينسيا المتحدثة باسم لجنة الانقاذ الدولية على أنه ينبغي على الولايات المتحدة استئناف التعاون الدبلوماسي للوصول إلى سلام دائم في سوريا وتعزيز المساعدات الإنسانية إذا كانت تسعى بالفعل إلى تجنب أزمة أخرى للاجئين. وقالت: "رغم العواقب الوخيمة بالنسبة لنصف السكان السوريين، إلا أن الأمور الإنسانية لم تكن حتى الآن أولوية قصوى لصانعي القرار بما في ذلك الولايات المتحدة".

أزمة جديدة للاجئين
يُشير التقرير إلى أن الرئيس التركي أردوغان يدعى أنه يرغب في إنشاء منطقة آمنة للاجئين المنتشرين على بعد حوالي 20 ميلاً في شمال شرق سوريا، بيد أن لجنة الانقاذ الدولية التي تقدم خدمات للاجئين حذرت في بيان لها من أن العدوان التركي، حتى إذا كان في صورة مبادرة عسكرية محدودة، قد تسبب بنزوح أكثر من 60 ألف شخص.
ويضيف التقرير أن المدنيين يفرون "بملابسهم فقط على ظهرهم"، ومن المتوقع أن يتجه الكثيرون منهم نحو مدينة الرقة التي لاتزال مُحطمة بعد آلاف الغارات الجوية الأمريكية التي أطاحت بمقاتلي داعش الذين تمركزوا بالمدينة في عام 2017. وتمتلئ جميع المخيمات في المنطقة المحيطة باللاجئين وليس لديها الموارد اللازمة لدعم المزيد من اللاجئين الجدد.

ومن جانبها حذرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من أن تزايد الصراع في المنطقة قد يمنع العاملين في المجال الإنساني من تقديم المساعدات إلى المدنيين.

وحذرت لجنة دولية تحقق في انتهاكات حقوق الإنسان بسوريا من أن الهجوم التركي سيؤدى إلى عودة تنظيم داعش الإرهابي وهو آخر ما يحتاج إليه السوريون في الوقت الراهن.

ابتزاز أردوغان لأوروبا
وتنوه المراسلة إلى أن أردوغان يستخدم اللاجئين السوريين في تركيا البالغ عددهم 3,6 مليون نسمة لابتزاز الدول الأوروبية وتهديدها، وبالفعل قدم الاتحاد الأوروبي مساعدات مالية لأنقرة لمنع تدفق اللاجئين إلى القارة الأوروبية. وتوعد أردوغان الغرب يوم الخميس الماضي بالتوقف عن التعاون والسماح للاجئين الموجودين في تركيا بعبور الحدود إلى الاتحاد الأوروبي إذا شجبت الدول الأوروبية هجومه على سوريا أو صنفته بأنه "غزو".

ويرى التقرير أنه من المستبعد أن تساعد الولايات المتحدة اللاجئين السوريين على مواجهة الأزمة الوشيكة، وبخاصة أن إبعاد اللاجئين السوريين من الولايات المتحدة كان أحد وعود ترامب خلال حملته الانتخابية. وخلال عام 2015 رحبت الولايات المتحدة بمعدلات عالية من اللاجئين السوريين، ولكن الرأي العام تحول عقب هجمات باريس الإرهابية في وقت لاحق من ذاك العام؛ حيث راح 130 شخص مدني ضحية الانفجارات وإطلاق النار الجماعي في جميع أنحاء المدينة.

وأفادت التكهنات أن أحد منفذي ذلك الهجوم الداعشي كان لاجئاً سورياً، ولاحقاً تم التأكيد على أن جميع الجناة كانوا مواطنين في الاتحاد الأوروبي، ولكن الشائعات كانت كافية لإثارة حالة من الذعر بشأن اللاجئين السوريين وبدأت الولايات المتحدة خفض قبول أعداد اللاجئين السوريين وإعادة توطينهم على نحو واسع.

وبث ترامب، خلال حملته للانتخابات الرئاسية، المزيد من الخوف عندما حذر من أن اللاجئين السوريين يدربون جيشاً لشن هجوم على الولايات المتحدة، وأنه سوف يعيدهم جميعهم إلى ديارهم إذا فاز في الانتخابات. وعندما تولى ترامب منصبه في نهاية المطاف، التزم بتعهده بخفض قبول اللاجئين من سوريا، وتم تعليق قبول اللاجئين السوريين بالكامل من يناير(كانون الثاني) إلى أكتوبر(تشرين الأول) عام 2017، ولم تقبل الولايات المتحدة سوى 62 لاجئاً سورياً فقط من أكتوبر 2018 إلى أكتوبر 2018.

لا مساعدات أمريكية للاجئين
كذلك، أعلن ترامب في شهر سبتمبر(أيلول) الماضي أن الولايات المتحدة لن تقبل سوى 18 ألف لاجئ هذا العام، يمكن جزءاً صغيراً منهم أن يكون من سوريا. وخصصت الولايات المتحدة أعداداً للاجئين الفارين من الاضطهاد الديني والعراقيين الذين ساعدوا الحكومة الأمريكية أو الذين لديهم صلة بها، إضافة إلى لاجئين من غواتيمالا والسلفادور وهندوراس، وعلى الأرجح أن تتوافر فرصة لقبول 7500 لاجئ من سوريا.

ويشير التقرير إلى أمر تنفيذي جديد صادر عن ترامب يسمح للسلطات الحكومية والمحلية منع اللاجئين من الاستقرار في مناطقهم، ولن تكون الولايات الأمريكية قادرة فقط على رفض اللاجئين من دول معينة، مثل سوريا، ولكنها ستكون أيضاً قادرة على إبعاد جميع اللاجئين إذا لم تتوافر لديها الموارد اللازمة لدعمهم في التحول إلى الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على المساعدات العامة على الأمد الطويل.

ويختتم التقرير بأن الولايات المتحدة طالما كان لديها إرث تاريخي فريد من نوعه في المساعدات الإنسانية السخية والدفاع عن الشعوب المضطهدة في العالم ولكن الإدارة الأمريكية الحالية تعكس هذا المسار؛ إذ تؤكد سياسات ترامب على أنه لم يعد بالإمكان الاعتماد على الولايات المتحدة لمساعدة الشعوب الضعيفة مثل اللاجئين السوريين.