الفائز بانتخابات الرئاسة التونسية قيس سعيّد (أرشيف)
الفائز بانتخابات الرئاسة التونسية قيس سعيّد (أرشيف)
الإثنين 14 أكتوبر 2019 / 01:00

"الروبوكوب" إلى قصر قرطاج

24 - بلال أبو كباش

فاز أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيّد، بانتخابات الرئاسة التونسية متقدماً بفارق كبير على منافسه نبيل القروي، واستطاع سعيّد بفضل "صرامته ونظافته" في نظر أنصاره، الوصول إلى قصر قرطاج بعد رحلة طويلة في انتخابات مثيرة للجدل.

وحصل الفائز بانتخابات الرئاسية التونسية قيس سعيّد على 75% من الأصوات في الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات الرئاسية التونسية منهياً بذلك رحلة المنافسة الصعبة مع خصمه نبيل القروي رجل الأعمال والإعلام القوي.

الرجل البسيط، وصاحب الحملة الانتخابية المتواضعة، والمدرس الجامعي، المقلب بالـ"روبوكوب" من قبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لأنه دائماً ما يتحدث اللغة العربية بطلاقة وبدون توقف، ضل متمسكاً حتى اللحظة الأخيرة بأمله الكبير، وبالقوة المحركة له، فئة الشباب التي تتطلع لتغيير طموح يلبي احتياجاتها.

حياته
ولد سعيّد في 22 فبراير (شباط) 1958 في عائلة من الطبقة الاجتماعية الوسطى من أب موظف وربة منزل، ودرس بالجامعة التونسية وتخرج منها ليدرس فيها لاحقاً القانون الدستوري قبل التقاعد قبل سنة.

لسعيّد بنتان وولد وهو متزوج من القاضية اشراف شبيل التي ظهرت لأول مرّة برفقته خلال الأيام الأخيرة من حملته الانتخابية.

حصل على دبلوم في سن 28 عاماً من الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري في تونس ثم باشر تدريس القانون في جامعة (سوسة) وأشرف لفترة وجيزة على قسم القانون العام لينتقل إثرها ومنذ 1999 إلى حدود 2018 إلى جامعة العلوم القانونية والسياسية في تونس العاصمة.


زلزال سياسي
شكّل قيس سعيّد مفاجأة بتجاوزه المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية بنسبة بلغت 18%، خصوصاً أنه قادم من تاريخ غامض وسيرة ذاتية فقيرة سياسياً. 

وشكلت نتائج صناديق الاقتراع "زلزالاً سياسياً" في تونس، فأتت بغير المتوقع بالجولة الثانية، حيث أن الفارق بين قيس سعيّد ومنافسه القوي نبيل القروي كان شاسعاً، كما أن نتائج استطلاعات الرأي التي كانت تشير في الغالب إلى احتمالية فوز قيس سعيّد بالانتخابات الرئاسية لم تؤخذ على محمل الجد لدى كثير من التونسيين، خاصة أن المواجهة أصبحت قوية مع القروي رجل الأعمال القوي وذو النفوذ الإعلامي الواسع.

شهرته
لقي سعيّد استحساناً كبيراً من قبل التونسيين منذ بدء ظهوره المتعدد على وسائل الإعلام في 2011، وكان يقدم حينها التفسيرات والتوضيحات ويبسط المسائل الدستورية المعقدة خلال كتابة الدستور الجديد للبلاد عام 2014.

بدأ نجم قيس سعيّد يلمع كثيراً منذ يناير (كانون الثاني) 2019 حينما أخذ اسمه حيزاً كبيراً في استطلاعات الرأي لانتخابات الرئاسة، حتى أصبح في مايو (أيار) متصدراً للنتائج، ويليه رجل الأعمال والإعلام نبيل القروي.

تبنى عدد كبير من الشباب التونسي المتمرد على المنظومة الحاكمة أفكار ومواقف قيس سعيّد، وأخذوا على عاتقهم مسؤولية إيصال صوته لكل الأرجاء في تونس، حتى اتسعت شهرته ونجوميته على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لا يجيد سعيد التعامل معها، ولا يمتلك حسابات عليها حسب تصريحاته لوسائل الإعلام.

حملة متواضعة
أطلق قيس سعيّد حملته الانتخابية بإمكانيات ضعيفة رافضاً أي تمويل من أي جهة عمومية، ويقول سعيد، إن مبلغ الائتمان الانتخابي الذي كان عليه دفعه مع التزكيات ضمن ملف الترشح ويبلغ 10 آلاف دينار (حوالي 3200 دولار) لم يكن متوفراً لديه، فتكفل أصهاره بجمعه، وأنه لم يساهم إلا بـ 50 ديناراً (حوالي 17 دولاراً).

وبعد صعود اسم قيس سعيّد، سعى حزب "النهضة" الإخواني للقفز في ركبه، محاولاً التهرب من الهزيمة التي مني بها بعد أن حل مرشحه عبدالفتاح مورو في المركز الثالث في انتخابات الرئاسة، إلا أن قيس سعيّد نفى حصول أي اتصال بينه وبين أي حزب أو طرف، قائلاً ''القضية قضية مشروع وطني من أراد دعمه فمرحباً به.. العالم دخل مرحلة جديدة، شعار الشعب يريد تم ترديده في أكبر العواصم.. إن كان هناك حزب فهو حزب الشعب التونسي الذي لا يملك تأشيرة من وزارة الداخلية'' على حد تعبيره.

أعطت المناظرة التلفزيونية التي أجريت بين نبيل القروي وقيس سعيّد يوم الجمعة الماضي، دفعة كبيرة للأخير، خاصة وأنه بدا جدياً ومرتاحاً ومتحدثاً بلغة فصحى قوية تفوق فيها على خصمه الذي بدا مرتاحاً أيضاً إلا أنه كان متردداً في بعض الأحيان وتحدث باللهجة التونسية عن القضايا الأساسية التي يركز عليها أي مكافحة الفقر والليبرالية الاقتصادية.

أما قيس سعيّد فقد دافع عن تخفيف مركزية السلطة وانتقد النظام الحزبي، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لن يفككك الدستور. وشدد على حق "وإرادة الشعب" في ولايات قابلة للإلغاء.