عسكريون أمريكيون في سوريا (أرشيف)
عسكريون أمريكيون في سوريا (أرشيف)
الإثنين 14 أكتوبر 2019 / 09:36

أمريكا تسحب باقي قواتها من شمال سوريا والنظام ينشر قواته على الحدود

قالت الولايات المتحدة الأحد، إنها تستعد لسحب نحو ألف جندي أمريكي من شمال سوريا بعدما علمت أن تركيا تعتزم توسيع هجومها، بينما أبرم الجيش السوري اتفاقاً مع المقاتلين الأكراد لينتشر على طول الحدود مع تركيا في انتصارين كبيرين للرئيس السوري بشار الأسد.

وتعكس التطورات انحسار نفوذ واشنطن على الأحداث في سوريا، وفشل السياسة الأمريكية المتمثلة في منع الأسد من إعادة تأكيد سلطة الدولة على المناطق التي خسرتها في الصراع المستمر منذ ما يربو على 8 أعوام، مع مقاتلي المعارضة الذين يحاولون إنهاء حكمه.

كما تمثل التطورات انتصارات لروسيا وإيران، اللتين دعمتا الأسد منذ 2011 عندما تحولت جهوده لسحق ما بدأ باحتجاجات سلمية على حكم عائلته المستمر منذ عقود في سوريا إلى حرب أهلية شاملة.

وبينما يُبعد الانسحاب الأمريكي القوات الأمريكية عن خط النار، فإن عودة الجنود السوريين إلى الحدود التركية تفتح الباب أمام احتمال اندلاع مواجهة أوسع إذا دخل الجيش السوري في صراع مباشر مع القوات التركية.

وأثار الهجوم التركي في شمال سوريا أيضاً احتمال هروب مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي وعائلاتهم الذين تحتجزهم القوات الكردية التي تستهدفها تركيا، وثمة تقارير عن فرار العشرات منهم ما قد يؤدي إلى عودة ظهور التنظيم المتشدد.

وبدأ تطور الأحداث قبل أسبوع عندما قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب حوالي 50 من قوات العمليات الخاصة من موقعين في شمال سوريا، في خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مهدت الطريق لتركيا لبدء غزوها المستمر منذ أسبوع ضد المقاتلين الأكراد في المنطقة.

وتهدف تركيا إلى تحييد وحدات حماية الشعب الكردية التي تمثل العنصر الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي كانت حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في تفكيك "خلافة" متشددي داعش في سوريا، وترى تركيا أن وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية متحالفة مع المتمردين الأكراد في تركيا.

عملية أوسع
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، إن الهجوم سيمتد من كوباني في الغرب إلى الحسكة في الشرق، ويمتد بعمق نحو 30 كيلومتراً في الأراضي السورية، وتخضع الآن مدينة رأس العين لسيطرة تركيا.

وبدوره، قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، إن "الولايات المتحدة قررت سحب نحو ألف جندي في شمال سوريا"، وقال مسؤولان أمريكيان الولايات المتحدة قد تسحب معظم قواتها خلال أيام بعدما علمت بتوسع الهجوم التركي، ولم يتضح مصير عدة مئات من الجنود الأمريكيين في قاعدة التنف الأمريكية قرب الحدود الجنوبية لسوريا مع العراق والأردن.

وأوضح إسبر أن سبباً آخر لهذا القرار الأمريكي يعود إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، حليفة واشنطن، تتطلع إلى إبرام اتفاق مع روسيا وسوريا للتصدي للهجوم التركي، وبعد ساعات قالت الإدارة التي يقودها الأكراد إنها أبرمت اتفاقاً مع الجيش السوري للانتشار على طول الحدود مع تركيا للمساعدة في التصدي لهجوم أنقرة.

وأضافت أن انتشار الجيش سيدعم قوات سوريا الديمقراطية في التصدي لهذا العدوان وتحرير الأراضي التي دخلها الجيش التركي والمرتزقة، في إشارة إلى قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا.

وأوضحت في بيان أن "ذلك سيسمح أيضاً بتحرير المدن السورية الأخرى التي احتلها الجيش التركي مثل عفرين"، وطرد الجيش التركي وحلفائه من مقاتلي المعارضة السورية المقاتلين الأكراد من عفرين في 2018.

وأثارت العملية العسكرية قلقاً دولياً، من عدم قدرة قوات سوريا الديمقراطية على احتجاز آلاف الجهاديين في السجون وعشرات الآلاف من أسرهم في مخيمات.

وقالت الإدارة التي يقودها الأكراد في المنطقة إن "785 أجنبياً من منتسبي التنظيم فروا هذا الأسبوع من مخيم عين عيسى"، لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان نقل عن مصادر في المخيم قولها إن نحو 100 شخص فروا.

ومن جهته، نفى أردوغان التقارير وقال لوكالة الأنباء التركية، إن "روايات فرار سجناء داعش معلومات مضللة تهدف إلى استفزاز الغرب".

تهديد بعقوبات
وعلى إثر ذلك، تعرض ترامب لانتقادات حادة بسبب قرار الانسحاب حتى من رفاقه الجمهوريين، وقد ألقى بالعبء على عاتق الأكراد وتركيا لكبح جماح مقاتلي داعش، وألقى باللوم على الدول الأوروبية لرفضها استعادة مواطنيها.

وقال على تويتر: "لا يجب أن تسمح لهم تركيا والأكراد بالهرب، كان على أوروبا إعادتهم، لا يمكنهم المجيء مطلقاً أو السماح لهم بالقدوم إلى الولايات المتحدة".

وأعلنت تركيا أيضاً أن قواتها وحلفاءها من مقاتلي المعارضة السورية سيطروا على طريق سريع على عمق يتراوح بين 30 و35 كيلومتراً تقريباً داخل سوريا، وأن ذلك سيقطع شرياناً رئيسياً يربط المناطق التي يديرها الأكراد في شمال سوريا، وقال مسؤول في قوات سوريا الديمقراطية، إن "الاشتباكات مستمرة على امتداد هذا الطريق".

وظهرت تقارير جديدة عن سقوط ضحايا مدنيين، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن "غارة جوية تركية في رأس العين قتلت 14 شخصاً بينهم 10 مدنيين أمس"، وقالت قوات سوريا الديمقراطية إن "قافلة مدنية استُهدفت".

وهدف أنقرة المعلن من العملية هو إقامة "منطقة آمنة" داخل سوريا لإعادة توطين الكثيرين من بين 3.6 مليون لاجئ فروا من الحرب السورية وتستضيفهم تركيا على أراضيها، وهدد الرئيس التركي بإرسال اللاجئين إلى أوروبا ما لم يدعم الاتحاد الأوروبي العملية التركية.

ولكن الهجوم التركي أثار قلقاً دولياً من نزوح جماعي للمدنيين، فضلاً عن الانتقادات داخل الولايات المتحدة بسبب تخلي ترامب عن حلفاء الولايات المتحدة الأكراد، ويقول ترامب، إن "على الولايات المتحدة أن تنسحب من حروب الشرق الأوسط التي لا تنتهي، وأن تحمي حدودها".

وتواجه تركيا حالياً تهديدات من الولايات المتحدة، الحليفة في حلف شمال الأطلسي، بعقوبات إذا لم توقف التوغل.

وقالت ألمانيا وفرنسا، حليفتا أنقرة أيضاً في حلف شمال الأطلسي، إنهما أوقفتا صادرات السلاح لتركيا، وعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعاً طارئاً للحكومة أمس لمناقشة الخيارات المتاحة بعد الهجوم التركي.

وقالت الأمم المتحدة إن "ما يربو على 130 ألفاً نزحوا من المناطق الريفية حول تل أبيض ورأس العين نتيجة المعارك".

وجاء تصريح وزير الدفاع الأمريكي عن اعتزام الولايات المتحدة سحب نحو ألف جندي أمريكي من شمال سوريا، بعد أن غير ترامب السياسة المتبعة فجأة وقرر سحب بعض القوات الأمريكية التي كانت في المنطقة لدعم القوات الكردية في قتال تنظيم داعش الإرهابي.

وقال إسبر: "في الساعات الـ 24 الماضية، علمنا أن الأتراك يعتزمون على الأرجح مد هجومهم إلى مسافة أبعد في الجنوب والغرب مما كان مخططاً له في البداية".

وأوضح أردوغان للصحافيين أن القوات التركية وحلفاءها من مقاتلي المعارضة السورية، حاصروا تل أبيض، المدينة الحدودية الرئيسية إلى الغرب من رأس العين، فيما قال شاهد إنهم تقدموا فيما بعد إلى وسط تل أبيض، وأن الوضع هادئ.

وقال أيضاً إن "القوات التي تقودها تركيا قتلت 440 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية حتى الآن، وانتزعت السيطرة على 109 كيلومترات مربعة من الأرض، بما في ذلك 17 قرية حول تل أبيض وأربع قرى حول رأس العين".