الإثنين 14 أكتوبر 2019 / 12:32

انقسام عراقي كبير حول مصير سجناء داعش

أظهرت دراسة جديدة أن العراقيين منقسمون بشدة حول كيفية معاقبة أعضاء تنظيم داعش.

تأييد نسبة عالية من المدنيين لتنفيذ عقوبة الإعدام نابع من شعور بديهي

وكتبت فيرا مينوروفا، الباحثة الزائرة لدى قسم الاقتصاد في جامعة هارفرد، ودارا تحسين عاصي، الصحفية العراقية، في موقع "فورين بوليسي" أنه في ظل هجمات تركية في شمال سوريا، تزايدت المخاوف من إطلاق محتمل لمقاتلي داعش المحتجزين هناك داخل سجون مؤقتة. ولكن فيما يركز المراقبون على سوريا، ربما يكون مصير المقاتلين في العراق أشد إلحاحاً.

ويرجع ذلك لأن عدداً كبيراً من المعتقلين هم، في الحقيقة، عراقيون. وسيكون لموقف الحكومة العراقية منهم تأثير مباشر على سلوك داعش، ودعمه بين سكان محليين، ونتيجة له، على استقرار طويل الأمد للعراق.

تصورات عامة
وتقول الكاتبتان إنهما، ولتقييم تصورات عامة عن كيفية تعامل الحكومة العراقية مع المعتقلين، أجريتا دراسة شملت 400 مدني في الموصل، كان عدد منهم ضحايا لداعش، و200 شخص يقيمون داخل معسكرات خارج المدينة مع عائلات لعناصر من التنظيم. وأجريت الدراسة بين ديسمبر( كانون الأول) 2018 ويناير( كانون الثاني) 2019.

وتركزت أول مجموعة من الأسئلة حول من يفترض اعتباره مناصراً لداعش. وأجمع كل من مدنيي الموصل وأشخاص على ارتباط بداعش، على أنه يجب محاكمة قيادات التنظيم ومقاتليه. وتعتبر المجموعتان أنهما ضحايا لزعماء داعش، لأسباب عدة.

ويحمل سكان الموصل هؤلاء القادة مسؤولية سوء معاملة المدنيين. وفي الوقت ذاته، يلوم أشخاص على ارتباطات أسرية بالتنظيم، قادته بسبب فشل سياسات أدت لهزيمته. وقال عضو في داعش، إن "قيادة التنظيم وعدتنا بالنصر والجنة، ولكنه كان وعداً بعيداً جداً عن واقع شهدناه ضمن التنظيم".

تباين حول العقوبات
وتشير كاتبتا المقال إلى تباين في آراء المدنيين والمرتبطين بداعش في العقوبات المناسبة. وكان أكثر ما اختلف عليه سكان الموصل، وأقارب داعشيين، كيفية معاملة أنصار للتنظيم لم يحملوا السلاح، والذين كانت لهم أدوار مدنية في التنظيم، مثل الذين عملوا في مجال البناء، والأعمال الميكانيكية، وشرطة المرور.

ولا عجب في أن يفضل مدنيو الموصل معاملة غير المقاتلين باعتبارهم أعضاء في داعش يستحقون العقوبة، فيما أسرهم تفضل التساهل معهم.

وحسب مشارك في الدراسة من المرتبطين بداعش "يعتبر مدنيون عاديون في الموصل أن أنصار داعش هم كل من تلفظ بكلمة دعماً للتنظيم. ولأنهم لم يكونوا قط داخل التنظيم، فهم لا يفهمون مختلف الأدوار التي لعبها مدنيون ومقاتلون". وتابع "لا تستطيع أحياناً لوم المدنيين لعدم التفريق بين مقاتلين وعاملين مدنيين، لأن داعش أجبرهم جميعاً على القتال عندما انطلقت معركة الموصل".

نوع العقوبة
وتشير كاتبتا المقال إلى نقطة خلاف ثانية على العقوبة المناسبة لأعضاء في داعش، خاصةً ما يتعلق بعقوبة الإعدام أو سواها. وحسب قانون مكافحة الإرهاب العراقي، يحكم على بعض مقاتلي داعش بالإعدام، فيما يترك آخرون ليقضوا بقية حياتهم خلف القضبان.

ويتضح هذا التباين في الرأي خاصة في قضية المقاتلين الأجانب في مقابل مقاتلين محليين. وعلى سبيل المثال، فضلت قلة من أسر المقاتلين عقوبة الإعدام ضد أعضاء عراقيين في داعش. وأعرب 11٪ من المشاركين في الدراسة عن اعتقادهم في ضرورة إعدام مقاتلين أجانب.

وفضلوا تنفيذ عقوبات أقل وحشية، مثل سجنهم مدداً تتراوح بين 40 و16 عاماً. وبمعنى آخر، رأى هؤلاء أن هناك فرصة لإعادة تأهيل المقاتلين. وفي المقابل، رأى قرابة 90٪ من مدنيي الموصل ضرورة إعدام مقاتلي التنظيم من العراقيين، مع نسبة أقل تريد إنزال نفس العقوبة بمقاتلين أجانب.

ويعود أحد أسباب هذا الاختلاف في الرأي إلى رغبة بعض مدنيي الموصل في إعطاء صورة أفضل عن العراق إلى العالم الخارجي، ولا يريدون أن ينفذ بلدهم إعدامات ضد أجانب.

شعور بديهي
وترى الكاتبتان أن تأييد نسبة عالية من المدنيين لعقوبة الإعدام نابع من شعور بديهي. وحسب شخص تأذى من داعش "قتل التنظيم عدداً كبيراً من الأشخاص، ولذلك الإعدام لأعضائه بمثابة الوسيلة الوحيدة لمعاقبتهم".

كما رأى بعض سكان الموصل أنه سيكون لعقوبة الإعدام قيمة استراتيجية، فهي تقوض عقائد من يحتمل أن يشكلوا تهديداً مستقبلياً، وتردع آخرين عن الانضمام إلى مثل تلك التنظيمات الإرهابية.