الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 / 16:09

أردوغان يمد داعش بحبل نجاة

يتخوف حسن حسن، زميل مقيم لدى معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، والمشارك في تأليف كتاب "داعش: من داخل جيش الرعب" من إعادة تسخين الحرب الأهلية في سوريا بعد القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب قواته منها.

انتقال المسؤوليات في شمال سوريا من طرف إلى آخر يولد فجوات سيستغلها داعش

وكتب في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن مؤرخين قد يذكرون، يوماً ما، أن التوغل التركي في شمال سوريا، والذي انطلق قبل أسبوع، كان ثاني مرة يقدم فيها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حبل نجاة لتنظيم داعش، عفواً أوعمداً، بعد أن سبق لتركيا فتح حدودها أمام متطرفين أجانب لدخول سوريا، ما مكن داعش، في نهاية المطاف، من بناء خلافة وصلت مساحتها في 2014 لما يعادل مساحة بريطانيا.

ويرى كاتب المقال أن توقيت وطريقة التدخل في سوريا ينذران بتدهور الوضع هناك، ليتجاوز المنطقة الآمنة التي تنوي تركيا إنشاءها في شمال شرق البلاد، وإنهاء الضغط على قوى متطرفة، ويخل بتوازن دقيق، وهدوء نسبي تحقق منذ حوالي عامين.

فترة حرجة
وحسب الكاتب، يأتي الغزو التركي في فترة حرجة في القتال ضد داعش، بعد سبعة أشهر من انهيار "خلافته"، وفيما لا تزال عملية الاستقرار واستعادة الوضع السابق في مراحلها الأولى. وفي الأشهر الأخيرة، عززت الولايات المتحدة جهودها لرفع كفاءة قوات محلية في الكشف عن خلايا نائمة مرتبطة بالتنظيم والقضاء عليها.

وحسب كاتب المقال، تفاجأ معظم الذين شاركوا في الصراع السوري بقرار ترامب والسماح لأنقره بغزو مناطق حمتها سابقاً الولايات المتحدة، وسيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية قسد، التحالف الذي يسيطر عليه أكراد سوريا.

وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن قائداً للقوة الكردية التي شكلت رأس حربة في القتال ضد داعش، خرج غاضباً من اجتماع مع أمريكيين بعدما قال لهم "لقد بعتونا".

ويشير الكاتب إلى حاجة قوة محلية معظمها كردية لتعلم كيفية التعامل مع مقاومة سرية برع داعش وأشكاله في تنظيمها، بعد الغزو الأمريكي للعراق. وثبت أن مقاومة التمرد كانت، في بعض الأوقات، أصعب من قتال الشوارع الذي خاضته قوات قسد في الأعوام الخمسة الماضية.

تشتيت جهود
وفي رأي الكاتب، يعطل الغزو العسكري لشمال سوريا هذه العملية، ويشتت جهود الميليشيا التي تتولى حماية مناطق داعش سابقاً، والتي تشكل قرابة ثلث مساحة سوريا.

ورغم الأخطاء، إلا أن قوات محلية بقيادة كردية، لاحقت داعش من بلدة إلى بلدة، ومن قرية إلى أخرى.

واستندت هذه العملية إلى جهود معقدة لجمع المعلومات والاستخبارات. وتعلمت هذه القوات الكثير عن كيفية عمل داعش، ووضعت تدابير لمكافحة الإرهاب، وآلية للتواصل مع قبائل محلية.

ويرى كاتب المقال أن انتقال المسؤوليات في شمال سوريا من طرف إلى آخر، يولد فجوات سيستغلها داعش. وهو السيناريو نفسه الذي عرفه العراق قبل عامين، بعدما انتزعت قوات حكومية مع ميليشيات مرتبطة بإيران كركوك من البشمركة الكردية، فوجد داعش فرصة لشن تمرد طويل الأمد في تلك المنطقة، وتوسع إلى مناطق مجاورة.

ثغرات
ومن المتوقع، حسب الكاتب، أن يحدث ذلك في شمال شرق سوريا، بغض النظر عن كيفية إظهار قوات مدعومة من تركيا لقدراتها هناك. فمجرد تعطيل هيكلية أمنية قائمة، يفتح ثغرات في وجه تنظيم إرهابي يراقب عن كثب، وينتظر فرصاً لإعادة تجميع صفوفه وشن هجمات.

وحالما تتواصل تلك الهجمات، فإنها ستنتقل إلى مناطق أخرى. وما يجعل هذا السيناريو أكثر احتمالاً قرار ترامب بالسماح لتركيا بالتقدم نحو سوريا، والذي اتخذه دون مداولات ولا مشاورات مع فريقه، أو مع حلفاء أمريكا على الأرض.

وإلى جانب ذلك، يرى الكاتب، أن أنقرة لا تملك استراتيجية للخروج من المنطقة. وفي واقع الأمر، يفاقم غياب أي خطة أمريكية أو تركية بعد نهاية العملية مخاطر الفراغ الأمني، وعودة المتطرفين، وتجدد الفوضى.

وسيطرت تركيا وأمريكا على منطقتين منفصلتين في شرق وشمال سوريا. وفي المنطقتين، شكل متطرفون تحدياً عالقاً إذا خرج الوضع عن السيطرة. ولربما يطلق التحرك التركي شبح إعادة تسخين الحرب الأهلية السورية، وإحياء تهديد المتطرفين، بعد أن ساد اعتقاد بأنهم باتوا تحت السيطرة.