الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 / 16:18

آخر معجزات أردوغان..توحيد الخصوم

عندما غزا رجب طيب أردوغان شمال سوريا في الأسبوع الماضي، نجح في رأي سيمون تيسدال، الكاتب ومحرر الشؤون الخارجية لدى صحيفة "غارديان" في تحقيق ما اعتبره كثيرون مستحيلاً: توحدت دول المنطقة، وقوى منافسة، لها مصالح في البلاد، في معارضة غاضبة لما يرونه خطوة متهورة مزعزعة للاستقرار.

شجبت جميع الحكومات العربية، ومنها مصر والأردن والبحرين ولبنان والإمارات والسعودية الغزو التركي

ويرى تيسدال أن أردوغان مشاكس قومي شعبوي ذو ميول ديكتاتورية قدم نفسه طوال 16 عاماً متواصلة رئيساً للوزراء ثم رئيساً لتركيا، رجلاً يقف في مواجهة العالم. والآن يقف فعلياً بمفرده.

وحسب كاتب المقال، لا يزال القتال عبر الحدود محدوداَ، ولكنه قد يتبدل بسرعة كبيرة. فقد قالت "مجموعة كرايزس غروب"  إنه "إذا وقعت أعمال قتالية مكثفة، فإن تقدماً تركياً نحو مناطق ذات كثافة سكانية كبيرة قد يؤدي لوقوع إصابات كبيرة بين المدنيين، وتشريد عدد كبير من السكان وإثارة حركة تمرد محلية".

تحول ميزان القوى
وفيما أعرب الاتحاد الأوروبي، وروسيا، وإيران، ودول عربية، عن معارضة متباينة للغزو، تصفه  تسعى كل تلك الأطراف للاستفادة أو لاستغلال تحول ميزان القوى ثانية في سوريا.

ولا شك، حسب الكاتب، أن أردوغان توقع رد فعل أوروبي معادٍ. لكن تهديده بإرسال 3.6 ملايين لاجئ سوري إلى الغرب كان مثيراً للاشمئزاز. وهو يدرك أن كلمات الاتحاد الأوروبي لا ترقى إلى الفعل، كما لا يبدو منزعجاً من الدعوات لتعليق عضوية تركيا في حلف الناتو.

ووصلت علاقات تركيا بأوروبا إلى أدنى مستوياتها بسبب سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، وإحباط محاولتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

واليوم يدفع قادة أوروبيون ثمناً باهظاً لمحاولاتهم القديمة التطبيع مع استبداد أردوغان. وتثبت أعماله الأخيرة أنه ليس ديمقراطياً، ولا حليفاً، ولا صديقاً.

نفوذ ضئيل
وفيما تفتقر أوروبا للنفوذ الواسع في ما سيجري لاحقاً، يرى كاتب المقال أن للولايات المتحدة نفوذا كبيرا، يبدو أنها مصممة على تبديده. ورغم إنكار البيت الأبيض، يتضح من خلال بيانه الصادر في 6 أكتوبر(تشرين الأول) أن دونالد ترامب وافق بسرعة على غزو أردوغان، دون التشاور مع حلفائه، وسهل العملية بسحب قوات برية.

ويرى الكاتب أن قرار ترامب كان كارثياً، ولذلك تسعى الولايات المتحدة اليوم إلى تصحيحه، وإن كان تحركها  متأخراً. كانت خيانة الأكراد، رفاق السلاح في الحرب ضد داعش، مسيئة إلى أبعد حد.

ويبدو أن التخلي عن سوريا لروسيا وإيران، خصوم أمريكا والداعمين الرئيسيين لنظام الرئيس بشار الأسد، فشل استراتيجي كبيرتوج ثمانية أعوام من الإخفاقات السياسة الأمريكية في المنطقة.

رد فعل سلبي
وحسب الكاتب، ربما يعتقد أن الروس سعداء بما يجري، لأن خروج أمريكا من سوريا والشرق الأوسط عموماً، هو هدفهم منذ وقت طويل. ولكن رد فعل موسكو كان سلبياً بدرجة كبيرة، كما كان الحال بعد تدخل تركيا في محافظة إدلب السورية في العام الماضي.

ويشار إلى أنه عندما بعث فلاديمير بوتين بقواته إلى سوريا في 2015، فإنه دفع أموالاً لينتصر الأسد، لكن الانتصار بدا صعب المنال، وارتفعت الأثمان السياسية والمالية.

وتضيف خطوة أردوغان مزيداً من التعقيد على الأمر بعرقلة تسوية سلمية سعت روسيا، وإيران، وتركيا لتحقيقها فيما سمي "عملية أستانا".

فكرة حمقاء
ولهذا السبب تحض روسيا الأكراد، الآن بعدما تخلت عنهم أمريكا، على الموافقة على صفقة دفاع متبادل أو شكل من الترتيب الفيدرالي مع الأسد، فتقدمت قوات النظام السوري وميليشيات مدعومة من إيران، من الجهة الجنوبية نحو مناطق خاضعة لسيطرة كردية، ويرى الأسد أنها فرصة لاستعادة مناطق سورية، ولا يبدو أنه يتقبل فكرة أردوغان الحمقاء لإقامة "منطقة آمنة".

من جهة ثانية، لا تبدو إيران سعيدة بما يجري، لكن لدواع مختلفة. فهي أيضاً ترغب في خروج الأمريكيين، وتكره الأكراد، الأقلية المثيرة للمشاكل داخل إيران. ولكن خطوة تركيا تهدد آمال طهران بالسيطرة على ممر بري شمالي يربطها بحلفائها الشيعة في لبنان، وهو ما تطلق عليه إسرائيل" ممر الرعب".

إلى ذلك، وبعد محاولتها تنصيب حكومة في بغداد موالية لها بعد 2003، لا تريد إيران أن تواجه تمرداً سنياً آخر في سوريا والعراق.

وفي هذا السياق، كتب بلال بلوش، محلل إقليمي "سيؤجج الانسحاب الأمريكي مخاوف في إيران من بروز حركة تمرد سني لداعش جديد".

وتنتشر المخاوف بين القوى الإقليمية من نهوض داعش، الذي أصبح أكثر احتمالاً بفضل التحرك التركي.

وشجبت جميع الحكومات العربية، ومنها الإمارات، ومصر، والأردن، والبحرين، ولبنان، والسعودية الغزو التركي. كما يعارض قادة عرب دعم أردوغان جماعة الإخوان، وأفكاره العثمانية الجديدة عن السيطرة التركية على المنطقة.