الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 / 14:16

ترامب ينسف أهداف واشنطن في سوريا.. بقرار واحد

تبنت الولايات المتحدة منذ اندلاع النزاع في سوريا أهدافاً ثابتة، في طليعتها القضاء على تنظيم داعش، وإزاحة الرئيس بشار الأسد من السلطة، والحد من نفوذ إيران، وهي أهداف ربما نسفها دونالد ترامب، بقرار واحد.

يقول رئيس مجموعة الأزمات الدولية روبرت مالي: "نحن الآن أمام وضع كان يمكن توقعه منذ ديسمبر(كانون الأول)، لكنه يتمّ بطريقة تجعل أسوأ العواقب التي كنا نخشاها، تتحقق".

قرار متهور
فبعد أسبوع من التصريحات المتناقضة، أمر ترامب في نهاية المطاف بسحب كل العسكريين الأمريكيين المنتشرين في شمال سوريا، وعددهم حوالى ألف.

ويعود هذا المنعطف في الخط الأمريكي في الواقع إلى عام كامل، حين أعلن ترامب الذي انتخب على وعد بالانسحاب من نزاعات الشرق الأوسط، سحب كل القوات من سوريا.

لكنه سرعان ما وجد نفسه أمام وضع مذهل، لخصه روبرت مالي بالقول :"حين ظن الرئيس أنه اتخذ قراراً، قاوم فريقه وتجاهل خياره، بل وعمل خلافاً له".

وتناوب الدبلوماسيون والعسكريون الأمريكيون، على زيارة حلفاء واشنطن، خاصةً القوات الكردية التي تصدرت الكفاح ضد تنظيم داعش، ليؤكدوا لهم أن الرئيس لا يعني حقاً ما يقوله.

ونجح مستشارو ترامب في إقناعه بالتراجع عن قراره، مشددين على المصالح الأمريكية المتمثلة في مكافحة تنظيم داعش الذي لا يزال يحتفظ بقدرة على إلحاق الأذى رغم سقوط "خلافته" المزعومة، وحماية المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين، والتصدي لتوسع النفوذ الإيراني.

لكن بعد عشرة أشهر، عاد ترامب إلى قراره الأساسي، مفسحاً المجال أمام هجوم قوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الأكراد، حلفاء الأمس في سوريا.

فوضى عارمة
لكنه أغفل اتخاذ أي تدابير تمهيداً للانسحاب، فساد إحساس عام بالفوضى أمام تقدم القوات التركية، ما انعكس سلباً على المصالح نفسها التي كانت واشنطن تدافع عنها.

وتقول إليزابيث دنت من معهد الشرق الأوسط للدراسات: "هناك بالطبع خطر كبير لعودة تنظيم داعش إلى الظهور، وفرار إرهابيين خطيرين، في وقت ينصرف المقاتلون الأكراد الذين كانوا يحرسونهم إلى مقاومة الهجوم التركي".

وترى أنه كان بإمكان إدارة ترامب "إبداء مزيد من التصميم لتفادي توغل تركي"، وحتى لو لم يكن ذلك ممكناً "كان بمقدور الولايات المتحدة التحضير لانسحاب أكثر تنظيماً، كان يمكن التصرف فيوضع هؤلاء المعتقلون في مكان آمن".

ومن عواقب قرار ترامب أيضاً أن الأكراد بدلوا موقفهم، ووجهوا نداءً إلى دمشق.

نفوذ الأسد
وهذا ما سيجعل الرئيس السوري يستعيد المزيد من النفوذ الذي خسره منذ اندلاع النزاع في 2011، بعدما نددت به الولايات المتحدة باعتباره "دكتاتوراً وحشياً" داعيةً إلى رحيله.

وترى إليزابيث دنت، أن ظهور"شكل من التفاهم بين نظام دمشق والقوات الكردية كان أمراً محتوماً، إذ كان ترامب يجاهر بأنه يريد الرحيل"، لكن هذا التراجع الأمريكي "يعزز الأسد سياسياً، وإمكانية العودة للسيطرة على المناطق السورية التي خسرها منذ سنوات، تمنحه وزناً".

وتقول: "اتخذ القرار بشكل مباغت، دون تخطيط، معطياً صورة عن الولايات المتحدة التي أُرغمت على الانسحاب، أو رضخت للطلبات التركية، وكان بمثابة تخل عن القوة الشريكة لنا، وسينعكس حتماً على مصداقية الولايات المتحدة والثقة فيها، أعوماً".

روسيا وإيران
ويلتقي عزم ترامب على فك ارتباط بلاده بالمنطقة مع مصالح مجموعة من الأطراف المتنوعين الذين كانوا يتمنون انسحاباً أمريكياً، من تركيا إلى النظام السوري، مروراً بروسيا وإيران حليفتا دمشق اللتين يرسخ القرار الأمريكي نفوذهما في المنطقة.

لا تزال القوات الأمريكية تحتفظ  اليوم بـ150 عنصراً في قاعدة التنف في جنوب سوريا، عند مثلث الحدود السورية، والعراقية، والأردنية، وهو موقع يعتبر استراتيجياً لمنع إيران من بسط نفوذها حتى أبواب إسرائيل.

لكن روب مالي يقلل من أهمية هذا الأمر مؤكداً "ليس وجود مئة أو ألف أو حتى ألفي جندي أمريكي، ما يمكن أن يحدث فرقاً"، معتبراً أن "البقاء في سوريا للتصدي لإيران كان سبباً خاطئاً، وهدفاً وهمياً".