مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.(أرشيف)
مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.(أرشيف)
الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 / 20:10

الشيخ زايد.. أحد أبطال الحرب الخالدة

الشيخ زايد ليس وحسب زعيمًا سياسيًّا فريدًا عزّ نظيرٌ له، وليس عربيًّا أصيلاً شهمًا وكريمًا، إنما هو مدرسة فكرية سياسية إنسانية حضارية متكاملة

انتصارُنا التاريخي على إسرائيل في حرب أكتوبر 1973 الخالدة، لم يكن انتصاراً مصرياً وفقط، بل انتصار لجميع الدول العربية الشريفة التي ساندت مصر معنوياً وأدبياً وفعلياً في حربها الشرسة ضد العدو الصهيوني. حرب أكتوبر هي دُرّة عقد الحروب الأربع التي خاضها العربُ ضد الكيان الصهيوني منذ نشأته عام 1948، فأعقبته حرب فلسطين، ثم العدوان الثلاثي على السويس عام 1956، ثم حرب الأيام الستة عام 1967، التي انتهت باحتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان. ثم أتى النصر المبين عام 1973. ولا شكّ أن انتصارنا في تلك الحرب هو انتصارٌ للعروبة كفكرة ووجود وكرامة. لهذا نثمّن ولا ننسى ما قدمه لنا شرفاءُ العرب الذين ساندوا مصر في حربها، إذ اعتبروها حربهم وعزّتهم.

فكيف ننسى، إن نسينا، العظيم الذي سخّر الإمكانيات المادية لدولته في خدمة جبهات الصراع العربي الإسرائيلي عام 73، وتبرع بمبلغ 100 مليون جنيه استرليني لصالح المعارك في الأراضي العربية المحتلة؟! وفي ثالث أيام الحرب الدائرة على أرض سيناء والجبهات العربية، أعلن عن دعمه حرب العرب حتى آخر فلس في خزينة دولته. بل طلب من موظفي دولته التبرع براتب شهر كامل لصالح دعم الجيش المصري، واستجاب شعبُه الذي تعلّم حبَّ مصر من أبيهم الروحي وزعيمهم. كيف ننسى الزعيم الذي أمرَ سفيرَ دولته في لندن البريطانية عام 1973  مع بدء الحرب، بأن يقوم بحجز جميع غرف العمليات الحرجة المتنقلة، وشراء كل المعروض منها في جميع دول أوروبا، وإرسالها مع مواد طبية وعدد من عربات الإسعاف؛ ليُعالج فيها الجنودُ المصريون والفلسطينون والسوريون مع إعانات تموينية عاجلة . كيف ننسى الرجل الذي أصدر أوامره إلى وزير النفط في بلاده، بعقد مؤتمر صحفي عاجل، للإعلان عن قرار دولته بقطع إمدادات النفط بالكامل عن الولايات المتحدة الأمريكية، وجميع الدول الداعمة لإسرائيل سياسياً أو عسكرياً، ثم قال جملته الشهيرة الخالدة: "النفطُ العربيُّ ليس أغلى من الدمِ العربي!"؟! كيف ننسى العظيم الذي كان أول زعيم عربي يوجّه نظراءه من زعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب مصر في معركتها المصيرية ضد إسرائيل، قائلاً إن تلك المعركة "هي معركة الوجود العربي كله ومعركة أجيال كثيرة قادمة، علينا أن نورثها العزة والكرامة". وكانت كل تلك الأمجاد الخالدة التي قدمها لمصر في أكتوبر 73، امتداداً لدعمه لنا بعد هزيمتنا عام 67. وهذا ما أكده اللواء عبد المنعم سعيد، الرئيس السابق لهيئة عمليات القوات المسلحة المصرية. حيث أن الدعم الاقتصادي الذي قدّمه ذلك الرجل العظيم لمصر كان عظيمًا بقدره، فلم يبخل بكل نفيس من أجل استئناف الجهود المصرية في إعادة بناء الجيش وترتيب أوراقه من جديد. ذلك هو الزعيم العربي الذي لم يقل كلمةً أو تصريح أو قرار إلا أردفها بعمل وتنفيذ.

بالتأكيد عرف القارئ أنني أتحدث عن خالد الذكر، "الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان"، طيّب الله ثراه وبارك في ذريته التي تسير على دربه وتعمل بوصاياه وتؤازر مصر في لحظات الفرح ولحظات الشقاء، في السراء والضراء، في اليسر وفي العسر.

وبعد كلّ ما قدّم لمصر من دعم وحبّ ومساندة واحترام، تصوروا أن يقول: "إن ما تقوم به الإمارات نحو مصرَ، ليس إلا نقطة في بحر ما قامت به مصر نحو العرب. ونهضة مصرَ نهضةٌ للعرب كلِّهم"؟! هو العظيم القائل: "أوصيتُ أبنائي أن يكونوا دائماً إلى جانب مصر. تلك وصيتي أكرّرها دائماً أمامكم".

هذا هو الطريق لتحقيق العزّة للعرب كلهم. مستحيل أن ننسى مكارم العظيم الذي رفض مقاطعة مصرَ بعد قمّة بغداد واتفاقية كامب ديفيد، رغم مقاطعة عديد الدول العربية لنا؛ قائلا جملته الشهيرة: "لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود دون مصر، مثلما لا يمكن لمصر بأي حال أن تستغني عن الدول العربية"!

الشيخ زايد ليس وحسب زعيماً سياسياً فريداً عزّ نظير له، وليس عربياً أصيلاً شهماً وكريماً، إنما هو أيضاً مدرسة فكرية سياسية إنسانية حضارية متكاملة. لهذا أعزّ اللهُ دولة الإمارات العربية المتحدة، لأن أبناءه يسيرون على خطاه المتحضرة. رحم الله الرجل الكريم وبارك في بنيه. وفي ذكرى حرب أكتوبر أقول له: "شكرًا لك، بحجم مكانتك الرفيعة في قلوب جميع المصريين".