الخميس 17 أكتوبر 2019 / 14:12

هل يصير ترامب الرئيس الذي سمح بعودة داعش؟

تحول الغزو التركي لشمال سوريا، والذي سمح به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى كارثة إنسانية للأكراد الذين تشرد منهم فعلياً ما لا يقل عن مئة ألف شخص.

لا يعترف ترامب بأنه ارتكب خطأ، ولكن توحي بعض كتاباته على تويتر بأنه يشعر بأنه معرض لخطر

ويرى جون كاسيدي، كاتب لدى مجلة "نيويوركر" الأمريكية، أن هذا الغزو بدأ أيضاً ينتشر ليشكل كارثة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، التي تبدو ضعيفة وعاجزة ومعزولة. كما ينذر هذا الغزو بأن يتحول إلى كارثة سياسية لترامب نفسه.

ماتيس
وحسب كاسيدي، لو صح تحليل جيمس ماتيس، وزير دفاع ترامب سابقاً، قد يطلق على ترامب، في خضم انتخابات الرئاسة في 2020، وصف "الرئيس الذي سمح لداعش بالعودة ثانية". ويمكن القول إن ذلك سيهدد احتمالات إعادة انتخابه أكثر من محاولات الديموقراطيين لعزله.

ويرى كاتب المقال أن هذا ما جاء ضمن إطار إعلان البيت الأبيض، ليلة الإثنين الأخير، من أن الولايات المتحدة تطالب بوقف إطلاق النار وفرض عقوبات اقتصادية ضد تركيا. وفي مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان نقل له ترامب بوضوح أن أمريكا تريد أن توقف تركيا الغزو، وأن تطبق وقفاً فورياً لإطلاق النار، وأن تبدأ بالتفاوض مع قوات كردية في سوريا بغية إنهاء العنف. ويزور مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي وروبرت أوبريان، مستشار الأمن القومي الجديد تركيا لإجراء محادثات.

غموض
ولكن، وحسب الكاتب، كان ترامب نفسه غامضاً بشأن ما قاله بالضبط لأردوغان. وكتب في بيان على "تويتر": "أوضحت للرئيس أردوغان بأن العملية التركية ستثير أزمة إنسانية وتهيئ الظروف لجرائم حرب محتملة".

لكن لم يرد في نص البيان أي شيء بخصوص المطالبة بوقف إطلاق النار، وفي تغريدات أخرى واصل ترامب الدفاع عن قراره بشأن سحب قوات أمريكية من المنطقة القريبة من الحدود بين سوريا وتركيا. وكتب: "أرحب بكل من يريد أن يساعد في حماية الأكراد في سوريا، سواء أكانت روسيا أم الصين أم نابليون بونابرت. وآمل أن ينفذوا مهامهم بشكل جيد. إننا بعيدون 7000 ميل عن المنطقة".

وحسب الكاتب، رغم عجرفة وتفاخر ترامب، كان واضحاً أن سياسته جاءت بنتائج عكسية لم تعد محتملة. وفي الأيام الأخيرة، انضم أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، كالسيناتور ميتش ماكونيل وليندسي غراهام، إلى منتقديه بالتخلي عن الأكراد. وحتى من داخل البيت الأبيض، بدا الرئيس معزولاً بشكل خطير. ولذا أشار المحرران في "واشنطن بوست"، مين كيم وكارين دي يونغ، لما قاله مستشارون في البيت الأبيض لترامب من أن عدم القيام بأي عمل سيكون مكلفاً، وأن غياب الولايات المتحدة عن المنطقة سيقوي إيران، وأن تدهور الوضع سيضره سياسياً".

ويشير الكاتب إلى أن التحول الكامل في إدارة ترامب جاء بعد أيام من ورود أنباء مقلقة من سوريا. فقد نفذت ميليشيا مدعومة تركياً إعدامات ميدانية بحق أكراد، منهم ناشطة في مجال حقوق إنسان، وتعمقت قوات تركية في الأراضي السورية لقطع طرق سريعة. وما أثار مزيداً من القلق، برأي مستشاري ترامب السياسيين، كان تقريراً حول هروب مئات من مقاتلي داعش من معسكر يديره أكراد. ومنذ تمكنت قوات مدعومة من أمريكا من القضاء على خلافة داعش في شرق سوريا، اعتقل قرابة 10 آلاف مقاتل. وفي الأسبوع الماضي، قال قائد في قوات سوريا الديمقراطية لمحطة إن بي سي نيوز، أن حراسة معتقلات داعش، باتت أولوية ثانية بالنسبة لعدد كبير من الأكراد.

ترامب بخطر
وبرأي الكاتب، قد يكون ترامب محقاً في قوله إن معظم أنصاره، وربما غالبية الأمريكيين، متعاطفون مع قوله أن الوقت قد حان لسحب قوات أمريكا خارج سوريا. ولكن من المؤكد أن الدعم ضعيف جداً، خاصة بين الجمهوريين، لقضية تخلي الجيش الأمريكي عن محاربة داعش. وسيكون نهوض التنظيم الإرهابي، وهو احتمال حذر منه ماتيس قبل أيام، كارثياً بالنسبة للرئيس الأمريكي.

ويشير كاتب المقال لعدم اعتراف ترامب بأنه ارتكب خطأ، ولكن توحي بعض كتاباته على تويتر بأنه يشعر بأنه معرض لخطر. وكتب ليلة الأحد: "لدى الولايات المتحدة أسوأ سجناء داعش، وعلى تركيا والأكراد عدم السماح لهم بالهروب. كما يفترض بأوروبا استعادة جهاديين من أبنائها تلبية لعدة مطالب. ويجب أن لا يسمح لهؤلاء بالقدوم إلى الولايات المتحدة".

وحسب الكاتب، عندما يحاصر ترامب فهو يهاجم الجميع. وفي هذه الحالة، يتهجم ترامب على الأوروبيين والأتراك، وحتى على الأكراد.