أنصار لحزب الله يرفعون صور الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آ]ة الله علي خامنئي.(أرشيف)
أنصار لحزب الله يرفعون صور الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آ]ة الله علي خامنئي.(أرشيف)
الجمعة 18 أكتوبر 2019 / 13:28

تقرير: العقوبات الاقتصادية لم تضعف وكلاء طهران بعد

رأى تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن سياسة الضغط الأقصى التي تفرضها إدارة ترامب ضد إيران قد أضرت بالفعل بالاقتصاد الإيراني، ولكنها ليست كافية لردع إيران وتغيير مسار سياساتها الخارجية والأمنية، إذ لاتزال إيران قادرة على دعم وكلائها في المنطقة مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا.

يجب أن تعتمد استراتيجية مواجهة حزب الله على تقييد عملياته الإجرامية الضخمة، في حين تتضمن الطريقة الفاعلة لمواجهة الحوثيين التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن

ويُشير التقرير، الذي أعده كل من آريان طبطبائي وكولين كلارك، إلى أن سياسة الضغط الأقصى تعتمد على فرض العقوبات الاقتصادية من أجل تغيير السلوك الإيراني من خلال تعقيد وصولها إلى الأسواق الخارجية والبنية التحتية المالية الدولية. وتستهدف الاستراتيجية الأمريكية حرمان طهران من الموارد المالية اللازمة للحفاظ على برنامجها النووي وشبكة الوكلاء المتنامية في المنطقة.

سياسة الضغط الأقصى
ويؤكد التقرير أن سياسة الضغط الأقصى أصابت الاقتصاد الإيراني بأضرار بالغة وتراجعت عائداتها النفطية بشكل هائل، وتعتبر إدارة ترامب أن إيران لديها الآن موارد أقل للإنفاق على جدول أعمالها الإقليمي، وحسب هذه النظرية كلما انخفضت الأموال المتاحة تحت تصرف إيران تنخفض الخسائر التي يمكن أن تتسبب فيها إيران بصورة مباشرة في المنطقة أو عبر وكلائها.

ويقول التقرير: "ولكن إذا نجحت سياسة الضغط الأقصى في تحقيق هدفها الضيق المتمثل في إلحاق الضرر بالاقتصاد الإيراني، فإنها أخفقت في تحقيق الهدف الأوسع المتمثل في تغيير السياسة الخارجية الإيرانية".

وينقل التقرير عن السفير ناثان سيلز، المسؤول عن حقيبة مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، قوله إن إيران لاتزال تزود حزب الله في لبنان وحده بمبلغ 700 مليون دولار سنوياً. وحتى إذا كان هذا المبلغ مبالغاً فيه كما يقترح البعض، فإن إيران تظل الداعم الرئيسي لحزب الله. ويحقق حزب الله مكاسب تصل إلى نحو 300 مليون دولار سنوياً من خلال تطبيق مجموعة واسعة من آليات التمويل تشمل الأنشطة الإجرامية وتهريب المخدرات والاتجار بالمنتجات المزيفة بما في ذلك الفياجرا.

منهجية إيران مع وكلائها
ويعكس نشر حزب الله للمزيد من صناديق التبرعات في جميع أنحاء بيروت وأجزاء أخرى من لبنان أن حزب الله يستشعر تداعيات سياسة الضغط الأقصى ضد إيران، ولكنه لايزال يعمل مثل وكلاء إيران الآخرين، فعلى سبيل المثال حصل الحوثيون في اليمن على أسلحة متطورة خلال العام الماضي استخدموها ضد أهداف عسكرية ومدنية إماراتية وسعودية وذلك انتقاماً من السياسة الأمريكية للضغط الأقصى.

ويوضح التقرير أن العقوبات الاقتصادية لا تؤثر على العوامل الأكثر أهمية في علاقة إيران مع وكلائها بما في ذلك التدريب والملاذ الأمن ونقل الأسلحة والتكنولوجيا التي توفرها إيران. وقد اعتمدت منهجية إيران مع وكلائها على تمكنيهم من الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد عليها بصورة كلية، وذلك من خلال السماح لهم بالاندماج في العمليات السياسية والأنشطة الاقتصادية في بلدانهم، كما تساعدهم إيران أيضاً في بناء صناعات دفاعية خاصة بهم من خلال منحهم القدرة على صنع أسلحة ومعدات عسكرية في بلدانهم بدلاً من الاعتماد على الإمدادات الإيرانية وحدها.

جسر بري
ويلفت التقرير إلى أنه مع انسحاب الولايات المتحدة من سوريا واستعادة بشار الأسد السيطرة على البلاد، فإن طهران تتقدم ببطء نحو تحقيق هدفها المتمثل في إقامة جسر بري يمتد عبر المنطقة ويتيح لملالي طهران نقل الأسلحة والأفراد ذهاباً وإياباً بين إيران وجيشها المتنامي من الوكلاء وبناء قواعد ومستودعات في جميع أنحاء المنطقة من دون عقاب. وليس بإمكان العقوبات الاقتصادية وقف التقدم الإيراني نحو تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، لاسيما أن السياسة الأمريكية الراهنة تقوم على فرضية واحدة وهي أن العقوبات بمفردها ستعمل على حل هذه الإشكالية.

ويقترح التقرير على إدارة ترامب صياغة مقاربة أكثر شمولية لتقويض قدرة إيران على تجنيد وتدريب ونشر الوكلاء، ولذلك على الولايات المتحدة وقف انسحابها المفاجئ من سوريا لأنه يصب في مصلحة إيران ووكلائها، وبخاصة أن وجود قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من قوات العمليات الخاصة الأمريكية في الشمال الشرقي لسوريا كان حاجزاً فاعلاً ضد التوسع الإيراني داخل سوريا. ومن دون هذا الردع يمكن إيران التوغل دون مراقبة وتزويد وكلائها بالمزيد من الأراضي في سوريا مما يقود إلى تمكين الحرس الثوري الإيراني.

البرنامج النووي الإيراني
ويحذر التقرير أيضاً من أن حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة ضد إيران من المقرر أن ينتهي بعد عام واحد فقط من الآن (أكتوبر 2020). وعلى الرغم من أن الحظر يستهدف البرنامج النووي الإيراني إلا أنه يشمل أيضا حظراً معيناً على المواد التي يمكن استخدامها في برنامج الصواريخ، وهذا يشكل مصدر قلق لأن طهران تزود وكلاءها بشكل متزايد بالصواريخ الأكثر دقة. وبموجب الاتفاق النووي القائم، من المفترض رفع الحصار العام المقبل وكذلك رفع حظر السفر على قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني المسؤول عن تنسيق علاقات طهران بالوكلاء.

وبحسب تقرير "فورين بوليسي" تتفق مصالح واشنطن مع حلفائها الأوروبيين في منع تدفق نقل الأسلحة إلى الوكلاء الإيرانيين، ولكن ثمة خلاف في الرأي حول كيفية متابعة تحقيق هذه المصالح. وسعياً وراء التوصل إلى التوافق، ربما تتخلى واشنطن عن مواقفها الحالية الصارمة بشأن برنامج الصواريخ الإيرانية. ويمكن خدمة المصالح الأمريكية بشكل أفضل من خلال متابعة المزيد من التغييرات القابلة للتحقيق في الحظر بحيث تركز على وقف انتشار الصواريخ والتكنولوجيا الإيرانية إلى الوكلاء.

العقوبات الاقتصادية ليست كافية

ويرى التقرير أنه يتعين على إدارة ترامب بشكل عام إدراك مدى تنوع الوكلاء الإقليميين لإيران ومن ثم فإن لا يمكن دحرهم بشكل موحد من خلال الإضرار بالاقتصاد الإيراني، حيث يختلف مقاتلو حزب الله عن الحوثيين، وتختلف الجماعات الشيعية في العراق من نواح كثيرة عن الميليشيات الأفغانية والباكستانية التي تعمل في سوريا. والواقع أن إيران تمارس مستويات متفاوتة من القيادة والسيطرة على هؤلاء الوكلاء الذين لهم قدرات وأهداف مختلفة، ولذلك سيقود التعامل معهم بمقاربة واحدة إلى الفشل.

ويضيف التقرير: "يجب أن تعتمد استراتيجية مواجهة حزب الله على تقييد عملياته الإجرامية الضخمة، في حين تتضمن الطريقة الفاعلة لمواجهة الحوثيين التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن، أما أي استراتيجية تحاول تعطيل تدفق المجندين الأفغان إلى سوريا فيجب أن تأخذ في الاعتبار تداعيات الانسحاب الأمريكي المتسرع من أفغانستان".

ويختتم التقرير أن العقوبات المالية هي جزء مهم من أي استراتيجية لمكافحة الإرهاب، ولكنها ليست كافية، وكلما أسرعت إدارة ترامب في إدراك هذه الحقيقة يمكن تقويض نفوذ إيران المتزايد في المنطقة.