الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
الجمعة 18 أكتوبر 2019 / 11:47

10 أسباب تظهر خطأ ترامب في دعم تركيا

قدّم الباحث البارز في معهد المشروع الأمريكي مايكل روبين عشرة أسباب أثبت من خلالها خطأ ترامب في دعم تركيا خلال اجتياحها شمال شرق سوريا.

تركيا هي، وفقاً لأي تعريف موضوعي، دولة راعية للإرهاب ويبقى أردوغان خصماً متشدداً للولايات المتحدة والغرب

وفي مقاله ضمن مؤسسة الرأي الأمريكية "ذا ناشونال إنترست" فنّد ما قاله مؤيدون لقرار ترامب حول أنه كان محقاً في "إعادة التوازن" إلى الشراكة الأمريكية-التركية وأنّ علاقة واشنطن مع الأكراد لم تكن حكيمة إضافة إلى تفنيده مغالطات أخرى.

1- هل وجهة نظر تركيا حول السوريين الأكراد صحيحة؟

في حديث تلفزيوني، قال سونر شابتاي من معهد واشنطن إنّ "هنالك قلقاً أمنياً مشروعاً لتركيا هنا"، عقب بدء الاجتياح التركي. وكتب مايكل دوران من معهد هيودسن ومايكل راينولدس من جامعة برينستون مقالاً في صحيفة وول ستريت جورنال جاء فيه أنّ "الولايات المتحدة اختارت دعم الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يحمّله الجمهور التركي مسؤولية عقود من الحرب وعشرات آلاف القتلى. يمثل حزب العمال الكردستاني تهديداً خطيراً على الجمهورية التركية ويبغضه الأتراك من كامل الطيف السياسي".

يرد روبين أنّ هنالك فرقاً بين فهم وجهة النظر التركية والقبول بها على أنها مشروعة. فشلت تركيا كما مؤيدوها في وزارة الخارجية ومؤسسات رأي أمريكية في الإشارة إلى هجوم إرهابي واحد تم شنه من شمال شرق سوريا باتجاه تركيا في السنوات الأخيرة، أي منذ تأسيس الأكراد إدارتهم الذاتية. لكن أردوغان يصنع الرأي العام بحكم قبضته الحديدية على الإعلام التركي وبوجود نية سجن أي معارض.

إنّ اقتراح أن كامل الطيف السياسي التركي يبغض حزب العمال الكردستاني مبالغ به بما أنه يتجاهل من يوقعون على عرائض سلام معه كما يتجاهل حزب الشعوب الديموقراطي الذي يحتفظ بدعم هائل بين الأكراد الأتراك. في حين أنّ إرهاب حزب العمال وتمرده أغضب العديد من الأتراك، اعترف العديد من السياسيين بالحاجة إلى التفاوض حول تسوية. مال الرئيس تورغوت أوزال إلى ذلك قبل وفاته بنوبة قلبية. تواصل أردوغان أيضاَ مع حزب العمال حين ظن أنّ ذلك قد يكسبه أصواتاً كردية. ومن خلال بدء مفاوضات سرية مع زعيم الحزب المسجون عبدالله أوجلان عقب سنوات من إعلان تركيا عدم أهميته، عززت هذه المفاوضات فكرة أنّ أوجلان وحده قادر على التأثير في الأكراد.

2- هل لدى السوريين الأكراد روابط مع حزب العمال الكردستاني؟

قضى أوجلان سنوات في منفاه السوري قبل أن يرحل إلى كينيا حيث قبضت عليه وحدات من الكوماندوس التركي. أوجلان كاتب غزير الإنتاج ورمز للقومية الكردية. يبقى أكثر زعيم تمتعاً بالشعبية في تركيا وسوريا وإيران ويحظى بالإعجاب بين العراقيين الأكراد حتى ولو كان هؤلاء منظمين بطريقة أكثر قَبَلية. إنّ الأكراد في تلك المناطق لا يخفون تعاطفهم مع أوجلان لكن هذا لا يعني بالضرورة وجود روابط ذات معنى. يتابع روبين أنّ لشمال شرق سوريا مصالحه الخاصة المتميزة بشكل كبير عن مصالح حزب العمال. فالأخير أطلق أو ألهم فروعاً له لكن من المبالغة القول إنه يسيطر عليها. احتراماً للمطالب الأمريكية والتركية بشكل كبير، أزالت السلطات الكردية في سوريا صور أوجلان خلال السنوات الأخيرة حتى ولو بقيت بعض اللافتات.

3- هل حزب العمال والسوريون الأكراد ماركسيون؟

بدأ حزب العمال الكردستاني كمجموعة ماركسية في ذروة الحرب الباردة. لكنّ أتباع أوجلان يقولون إنه تخلص من الماركسية التي طبعت شبابه. وحين يحدد "حل الدولة الديموقراطية" يبدو أنه يعيد تجميع تعاليمه السابقة تاركاً الشك حول ما إذا كان قد تخلى عن الديالكتيك الماركسية أو لم يفعل. ليس صدفة أنّ أولئك الأكثر مسارعة لذكر ماركسية حزب العمال كسبب لعدم التحالف مع السوريين الأكراد لم يزوروا مطلقاً شمال شرق سوريا ليروا تجربة الحكم الكردية بشكل مباشر. على امتداد المنطقة، كانت الأسواق، لا الماركسية، هي التي ازدهرت. تقول الإدارة إنها ستتدخل لمنع تكديس الثروات من دون استثمار كما أنها تحتفظ بالسيطرة العامة على قطاع النفط، لكنّها بذلك تواصل السوابق التي وضعتها دول عدة من المنطقة.

4- هل اختارت واشنطن الأكراد عوضاً عن تركيا؟

في الأساس، سعت الولايات المتحدة للعمل فقط مع تركيا. حين دخل روبين كردستان سوريا كما يروي، لم يكن المسؤولون الأمريكيون ليتحدثوا حتى إلى الأحزاب الكردية أو ميليشياتها لأنهم شعروا بأنهم قد يستعدون تركيا. أكبر ثغرة في حجة دوران ورينولد هي الامتناع عن ذكر السبب الذي دفع واشنطن إلى تغيير موقفها: المعلومات الاستخبارية الشاملة بأن تركيا تواطأت في إمداد داعش بالمال واللوجستيات. لم تكن الشراكة مع الأكراد خطأ ديبلوماسياً بل حاجة استراتيجية لهزيمة داعش.

5- هل السوريون الأكراد موالون للأسد؟
دعم طوني بدران من مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات الغزو التركي لشمال شرق سوريا قائلاً إنّ "حزب العمال الكردستاني كان الشريك المثالي للبيت الأبيض في عهد أوباما... (و) سيخلقون مصدر إزعاج لتركيا ستشتت أو حتى تصد أنقرة عن محاربة الأسد" وفقاً لتغريدته. رد روبين بأنّ هذا التحليل غير صحيح. تاريخياً عانى الأكراد الأسوأ تحت الحكم السوري فسحب الأسد الجنسية منهم ومنعهم بالتالي من التعليم وتوثيق الزواج والحصول على الوظائف المدنية وملكية الأراضي. سنة 2004، انتفض الأكراد ضد وحشية الأسد في القامشلي مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى.

مع ذلك، يرفض السوريون الأكراد فكرة الاختيار بين الحكم المباشر للأسد أو الاحتلال التركي. لقد سعوا إلى فيديرالية حيث يمكن أن يتكلموا لغتهم الخاصة ويمارسوا شعائرهم الدينية وفقاً لرغبتهم وأن يحموا أنفسهم لكن في الوقت نفسه مع احترام السيادتين السورية والتركية. إنهم يدركون أردوغان على حقيقته وإن أجبروا على الاختيار، فإنّ غالبيتهم تعتقد أنّ سوريا اليوم ستقمعهم بشكل أقل من تركيا الأردوغانية.

6- هل السوريون الأكراد موالون لروسيا؟
في وقت تسحق تركيا واحداً من أكثر الكيانات حرية وتسامحاً في الشرق الأوسط، يقول بعض مؤيدي السلوك التركي إنه من منظار واقعي، من الأفضل الاعتماد على سياسة مؤيدة لتركيا بدلاً من أن تكون مؤيدة للأكراد لأن هؤلاء قريبون جداً من روسيا. بالتأكيد، خلال الحرب الباردة، دعمت روسيا الأكراد. لكن القول إنّ الميل الكردي صوب روسيا مرسخ في الجينات الكردية يحمل بذور الهزيمة الذاتية: هل كان على الولايات المتحدة أن تمتنع عن تحويل مصر بعيداً من توجهها السوفياتي خلال الحرب الباردة؟

في حين عمل الجيش التركي عن قرب وبشكل منتج مع وحدات حماية الشعب السورية وقوات سوريا الديموقراطية (قسد)، تخلفت وزارة الخارجية عن الركب حيث رفضت تكراراً إعطاء تأشيرات دخول لمسؤولين أكراد بارزين مما أجبرهم على العمل أكثر إلى جانب روسيا. لكن القول إنّ الأكراد هم بيادق بيد الروس ويستحقون التخلي عنهم يشبه ما كان يجري في بعض الولايات الأمريكية منذ ثلاثة قرون خلال محاكمات اللواتي اتُهمن بممارسة السحر والشعوذة: دفع المتهمة إلى البحيرة. إن غرقت فهي بريئة، لكن إذا استطاعت السباحة فهي مذنبة ويجب أن تُقتل.

7- هل استرضاء أردوغان يحمي الشراكة الأمريكية-التركية؟
تاريخياً كانت تركيا حليفاً مهماً وواحدة من دولتين أطلسيتين محاذيتين للاتحاد السوفياتي وقد شاركت واشنطن في الحرب الكورية. لكن كان ذلك قبل عقود من مجيء أردوغان. لقد أعاد الزعيم التركي قولبة جيشه ولقن جيلاً من التلاميذ الأتراك نظريات مؤامراتية ضد الأمريكيين. كذلك، لا يؤدي استرضاء أردوغان إلى تمكين زواج مصلحة. يظهر التاريخ أنه حين تواجه السلطات أردوغان كما حصل مع القس أندرو برانسون فإنه يتراجع في نهاية المطاف. وحين تسترضيه فهو يضاعف مطالبه. ترامب لم ينهِ أزمة. لقد أطلق التالية. سيبتعد أردوغان صوب روسيا.

8- هل كانت ستشن تركيا اجتياحها من دون ضوء أخضر أمريكي؟
بسؤال آخر، وفقاً لروبين، هل كان لترامب خيار ثانٍ بوجود بضع عشرات من القوات الأمريكية في المنطقة؟ لقد كان ذلك اعتداء صارخاً. لم يكن هنالك عملية إرهابية أطلِقت من المناطق التي تجتاحها تركيا حالياً بالتالي لم يكن ثمة حادث أطلق رد الفعل التركي. هذه ليست حرباً ضد الإرهاب بل حرب إبادة ضد كيان كرهه أردوغان لأسباب عرقية ودينية. العديد من الأكراد هم من المسلمين السنّة مثل أردوغان لكنهم لا ينظرون إلى الدين عبر عدسات الإخوان المسلمين التي ينظر من خلالها الرئيس التركي. في وقت سابق، هددت تركيا بالاجتياح لكنّ المسؤولين الأمريكيين أوضحوا أنّ التوغل لن يكون مقبولاً فأصغى أردوغان. الأمر الوحيد الذي تغير هو موقف البيت الأبيض. لو لم يحصل أردوغان على الضوء الأخضر لما كانت القوات التركية في شمال شرق سوريا اليوم.

9- هل كانت القوات الأمريكية في سوريا لأن أوباما أراد الاستدارة صوب إيران؟
وافق لي سميث من معهد هيودسن وعن حق على أنّ باراك أوباما دخل سوريا أساساً كرد فعل على الضغط الإعلامي لمواجهة داعش بعدما بدأ بقطع رؤوس الصحافيين الأمريكيين وموظفي الإغاثة. والسبب الذي دفع واشنطن لدعم وحدات حماية الشعب هو أنها نجحت في مواجهة داعش في مدينة كوباني. لكنّ المجادلة في أنّ الشراكة معها ومع قسد كان جزءاً من اصطفاف أوباما مع إيران من دون دليل يدعم هذا الموقف، هو نظرية مؤامرة.

10- لماذا صنفت الولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني على لائحة الإرهاب؟

إنّ تصنيف حزب العمال يثير الأسئلة حول إشراف وزارة الخارجية على اللائحة والعوامل التي لم يكن لها أي علاقة بالإرهاب. بدأ الحزب حملة تمرد وإرهاب بدءاً من سنة 1984 لكن حتى في ذروة الشراكة المميزة بين واشنطن وأنقرة لم تصنف الوزارة الحزب على قائمتها. تغير ذلك سنة 1997 حين سعت إدارة كلينتون لإكمال صفقة بيع أسلحة إلى أنقرة. بقي حزب العمال على لائحة الإرهاب لفترة طويلة بعد بدئه محادثات سلام مع تركيا ووفائه بوعوده. اعترف مجلس سوريا الديموقراطية، وهو الجناح المدني لقسد، بأنّ التصنيف كان مشكلة وقد تقدم بطلب لمنحه إعفاء من قبل مكتب وزارة الخزانة لمراقبة الأصول الأجنبية كي يستطيع الترويج لقضيته في واشنطن، لكنّ وزارة الخزانة أهملت طلبه لأكثر من أربع سنوات الأمر الذي تركه غير قادر على تقديم قضيته بشكل فعال.

باختصار
يلخص روبين مقاله بالإشارة إلى أنّ تركيا ليست دولة مؤيدة للغرب وليست حليفاً. تم تصوير قواتها أو قوات وكلائها يعدمون مدنيين أكراداً وهذا ليس حادثاً. كذلك، ليست تركيا بلد الاحتفالات الفاخرة والفنادق الفخمة المهيأة لاستقبال المؤيدين والوفود الزائرة من الكونغرس. تركيا هي، وفقاً لأي تعريف موضوعي، دولة راعية للإرهاب ويبقى أردوغان خصماً متشدداً للولايات المتحدة والغرب.