الأحد 20 أكتوبر 2019 / 11:38

من يتحمل مسؤولية عودة مقاتلي داعش؟

من يتحمل مسؤولية ظهور محتمل لداعش؟ سؤال طرحه كون كوغلين، محرر الشؤون العسكرية والخارجية لدى صحيفة "تلغراف"، وزميل متميز لدى معهد غيتستون، لافتاً إلى أنه منذ نجاح التحالف بقيادة أمريكية في القضاء على معظم مقاتلي داعش في سوريا، بقيت قضية هامة معلقة تتعلق بمصير آلاف من مقاتلي التنظيم اإرهابي الذين اعتقلوا واحتجزوا داخل مراكز اعتقال يديرها أكراد.

ثمة احتمال حقيقي الآن من أن داعش، بعد عام واحد فقط على هزيمته الكارثية عبر تدمير ما يسمى خلافة، سيكون قادراً على إعادة تجميع قواته

ويرى الكاتب أن المشكلة تبدو معقدة خاصة ما يتعلق بقرابة 2500 مقاتل أجنبي – يحمل معظمهم جوازات سفر أوروبية- وأسرهم الذين هجروا أوطانهم للقتال لصالح داعش.

وبالنظر لحجم خيانتهم لدول نشأوا وترعرعوا فيها كي يلتحقوا ببرابرة داعش- يمكن فهم سبب تشكيك حكومات غربية برغبة مقاتلي داعش المهزومين وأسرهم رغبتهم في العودة إلى بلدانهم.

بريطانيا
وفي بريطانيا، على سبيل المثال، دار جدل كبير في بداية العام الجاري بشأن قضية شميما بيجوم، التي غادرت، في 2015، بيتها في شرق لندن، عندما كانت مراهقة في الخامسة عشر، كي تصبح عروساً لأحد مقاتلي داعش.

وظهرت شميما من جديد، في بداية العام الحالي، وهي قابعة في معسكر يديره أكراد، ووجهت نداء عاطفياً للسماح لها بالعودة إلى وطنها، رغم أنه، في فترة غيابها، ألغت الحكومة البريطانية جنسيتها. وقوبل طلبها برفض رسمي قاطع، وأكدت لندن أنها فقدت حقها في الجنسية البريطانية بسبب قرارها الالتحاق بتنظيم إرهابي محظور، من أحد أهدافه الرئيسية تنفيذ هجمات إرهابية ضد أهداف بريطانية.

ويشير الكاتب لتلقي هذا الموقف الرسمي البريطاني الصارم دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما بدا واضحاً في دول أوروبية أخرى، كفرنسا، التي شهدت مغادرة عدد كبير من مواطنيها إلى سوريا والعراق للانضمام إلى صفوف داعش.

نفور مؤسسي
إلى ذلك، يبدو مفهوماً، حسب الكاتب، ذلك النفور المؤسسي من قبل حكومات أوروبية للتعامل مع أي من هؤلاء الذين هجروا أوطانهم للقتال مع داعش. ولكن تكمن المشكلة الوحيدة في هذا الموقف، في أنه لا يحل قضية أعداد كبيرة من مقاتلين أجانب احتجزوا داخل معسكرات كردية، وقد يهربون اليوم، نتيجة لتوغل تركي إلى شمال سوريا، وينضمون ثانية إلى صفوف داعش.

ويلفت كاتب المقال لحقيقة أن هذا الهاجس كان في صدارة اهتمامات إدارة ترامب، قبل وقت طويل من إطلاق الرئيس التركي أردوغان هجومه العسكري ضد ميليشيات كردية سورية في شمال سوريا، حيث احتجز عدد كبير من مقاتلي التنظيم.

وحسب الكاتب، سارعت واشنطن لتحمل مسؤوليتها بشأن عدد من حاملي الجوازات الأمريكية الذين تطوعوا للقتال إلى جانب داعش. وقد أمل مسؤولون أمريكيون بأن يقدموا مثالاً قد يقنع الأوروبيين باستعادة مواطنيهم.

مطالبات
وتقدم الرئيس الأمريكي ترامب بنفسه بالتماسات عدة لقادة أوروبيين كي يتحملوا مسؤوليتهم في ما يتعلق بمواطنيهم المرتبطين بداعش. وعندما رفض الأوروبيون مطالبه، بحجة أن عودة هؤلاء ستزيد خطر أنشطة إرهابية، هدد برمي هؤلاء المقاتلين بشكل غير رسمي عند حدود دولهم.

واليوم، كنتيجة لتوغل أردوغان العسكري في شمال سوريا، تحققت مخاوف واشنطن. وفيما يقبع معظم سجناء داعش في معسكرات بعيدة عن منطقة القتال بين الأتراك والأكراد، كمعسكر الهول في شرق سوريا، نشرت بالفعل تقارير حول هروب بعض السجناء من معتقلات في شمال سوريا. كما حذر قادة أكراد يحرسون معتقلات في أجزاء أخرى من سوريا، من أن حاجتهم لإعادة نشر قواتهم للمساعدة في مقاومة تقدم تركي نحو المنطقة الكردية، يزيد بالتالي من احتمال هروب عدد أكبر من مقاتلي داعش.

ونتيجة له، يشير الكاتب لوجود احتمال حقيقي الآن من أن داعش، بعد عام واحد فقط على هزيمته الكارثية عبر تدمير ما يسمى خلافة، سيكون قادراً على إعادة تجميع قواته مع انضمام مجموعات من المقاتلين الهاربين من أوروبا وأماكن أخرى إلى صفوفه.

ويرى الكاتب أنه إذا تحقق ذلك، ونجح داعش في إطلاق موجة جديدة من هجمات إرهابية ضد أهداف غربية، لن يلوم زعماء أوروبيون سوى أنفسهم لإخفاقهم على تحمل مسؤولية أعمال مواطنيهم، وإن كانت مستنكرة بشدة.