الأحد 20 أكتوبر 2019 / 12:23

اتفاق أنقرة.. قد تنقلب نتائجه على أردوغان

رأى الكاتب السياسي وعضو هيئة تحرير قسم الرأي في شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية بوبي غوش أنه للوهلة الأولى قد يبدو أنّ الاتفاق على وقف إطلاق النار لخمسة أيام في شمال شرق سوريا يضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في موقع متقدم. إذا سارت الأمور وفقاً للخطة التي عمل عليها مع نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، سيسيطر على مساحة بارزة من الأراضي السورية على طول الحدود الجنوبية لتركيا.

بمقدار ما يريد بوتين أن ينجح الأسد، يحرص أيضاً على إبعاد أردوغان عن التحالف الغربي

 ستنسحب الميليشيات الكردية التي يجد أردوغان أنها تشكل تهديداً وجودياً لدولته إلى مسافة "آمنة" تبلغ 20 ميلاً تاركة المجال للملايين من اللاجئين السوريين غير الأكراد ليتوطنوا هناك.

هل حصل فعلاً "على ما أراد"؟

عملياً، سينتج ذلك منطقة بشرية عازلة بين القوات والأراضي الكردية داخل تركيا حيث قد تطلق القوات الكردية ميولاً انفصالية. ويجب أن يكون هنالك مكسب اقتصادي أيضاً: الكثير من المباني الجديدة في المنطقة الآمنة – منازل، مدارس وبنى تحتية أخرى لجميع هؤلاء اللاجئين – وهي ستكون نعمة لقطاع البناء التركي. ما هو أكثر من ذلك، لن تواجه تركيا عقوبات بسبب اجتياحها أراضي سورية وإطلاق موجة جديدة من اللاجئين.

وسيُسقط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العقوبات الاقتصادية المعتدلة التي أعلنت عنها إدارته في وقت سابق من الأسبوع الماضي. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: "حصلنا على ما أردناه". هذا التفاؤل، في أفضل الأحوال، سابق لأوانه.

قدرة واسعة على التقويض
لقد تم تجميع بنود الاتفاق على عجل من دون استشارة العديد من اللاعبين في المأساة السورية الطويلة المدى. ويذكر غوش: الأكراد، اللاجئين، الديكتاتور السوري بشار الأسد، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، النظام الإيراني ووكلائه، الدول العربية، إرهابيي القاعدة وداعش، والكونغرس الأمريكي. لا يزال أي من هؤلاء قادراً على تقويض طموحات أردوغان.
  
لا تنازل بلا قتال عنيف
تبدو القوات الكردية منفتحة على وقف إطلاق نار مؤقت لكنها أوضحت أنها لن تتسامح مع وجود تركي دائم في المنطقة الآمنة. من الصعب تخيل أنها ستسمح لأردوغان بإعادة هندسة أراضيها ديموغرافياً من دون قتال عنيف. في هذا القتال، سيتلقى المقاتلون الأكراد الدعم على الأرجح من قوات الأسد ومن نظرائهم الأكراد في العراق. وبشكل شبه مؤكد سيحصلون على دعم سري من الدول العربية التي سيرى بعضها أن هذا الأمر سيكون تحوّلاً منصفاً بسبب دعم أردوغان للإخوان.

مشكلة أخرى
لن يكون أيضاً مسلّماً به قبول اللاجئين السوريين الذين يعيشون حالياً في تركيا بالانتقال إلى الأراضي الكردية حيث قد يواجهون قوتين عدائيتين: جيش الأسد الذي طردهم من بيوتهم الأساسية والميليشيات الكردية. سبق للأسد أن نقل قواته إلى الشمال لصد الاجتياح التركي والسيطرة على المناطق التي أخلاها الأكراد. سيتطلع إلى رؤسائه في موسكو وطهران للدعم.

وأضاف غوش أنّ روسيا وإيران تريدان استعادة الأسد السيطرة الكاملة على سوريا بما فيها القسم الشمالي الشرقي. دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني أردوغان لوقف عمليته العسكرية. الأهم أنّ إيران أطلقت تدريبات عسكرية مفاجئة على حدودها مع تركيا، حيث أنّ الكياسة ليست من سمات طهران الأساسية. وعلى الرغم من أنّ حزب الله، المجموعة الإرهابية التي خدمت كأداة إيران في سوريا، قد يكون مشتت الانتباه بسبب الاضطراب السياسي في لبنان، سيكون مقاتلوه مترقبين للأوامر من طهران.

اختيار الرئيس الذي سيخيب ظنه
في الوقت الحالي، جميع الأنظار شاخصة نحو بوتين. إنّ الانسحاب الأمريكي من شمال شرق سوريا يمثل انتصاراً للزعيم الروسي. لكنه الآن يواجه مأزقاً. بمقدار ما يريد بوتين أن ينجح الأسد، يحرص أيضاً على إبعاد أردوغان عن التحالف الغربي. الآن، يجب عليه اختيار أي شخص يريد تخييب أمله. بعد أيام، سيلتقي أردوغان ببوتين في سوتشي، طالباً بعض التنازلات التي استطاع أن ينتزعها من ترامب.

التهديد الأعظم
يأتي أعظم تهديد لاتفاق أردوغان-بنس من الرجل الذي جعله ممكناً. خلال أسبوعين، أجرى ترامب انعطافتين حول اجتياح أردوغان – أولاً عبر تمكينه، ثمّ عبر معاقبته، ثمّ عبر دعمه. اليوم، ومع اقتراب جلسات الاتهام، يواجه ترامب ضجيجاً من الكونغرس لاتّخاذ خطوات أقوى ضد أردوغان. وتساءل غوش: "من الذي قد يراهن على أنّ ترامب لن يغيّر رأيه مجدداً؟"