رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الأحد 20 أكتوبر 2019 / 21:47

مشهد غائم لا ينفتح على احتمالات كثيرة..!!

حقبة نتانياهو في رئاسة الحكومة، وهي الأطول في تاريخ الحكومات الإسرائيلية، تقترب من خط النهاية، فمن غير الواضح، حتى الآن، وجود قوى داخل تكتل الليكود يمكنها الإطاحة بنتانياهو

تنتهي، يوم الخميس المُقبل، مهلة الأسابيع الأربعة التي نالها بنيامين نتانياهو لتشكيل الحكومة. وقد اتضح، منذ نهاية الأسبوع الأوّل، أن احتمال نجاحه في تشكيل حكومة ائتلافية يبدو ضئيلاً للغاية. وكان يُنتظر منه، على مدار الأسبوعين الماضيين، إعلان الفشل، وإعادة كتاب التكليف إلى رئيس الدولة، ولكنه لم يفعل. ومن غير الواضح، حتى الآن، ما هي خطوته التالية: إعادة كتاب التكليف أم طلب مهلة إضافية. وتجدر الملاحظة أن بعض الناطقين باسمه ذكروا صباح اليوم، الأحد، أنه لن يطلب مهلة إضافية.

يحق لرئيس الدولة، نظرياً، تمديد المدة الأصلية، ومنح نتانياهو أسبوعين إضافيين، ولكن هذا احتمال بعيد. وهذا يعني أن رئيس الدولة يمكن أن يوجه كتاب التكليف إلى بيني غانتس، رئيس تكتل أبيض ـ أزرق.

ولا تبدو فرصة المذكور في النجاح أفضل من نتانياهو في هذا الصدد، ما يُرجّح الذهاب إلى انتخابات برلمانية ثالثة في عام احد، مع كل ما ينطوي عليه الأمر من أعباء مالية تبلغ مليارات من الدولارات، وتداعيات سياسية سلبية بعيدة المدى، ناهيك عن حالة الشلل السياسي في الوقت الحاضر.

وفي سياق كهذا، تداول بعض الساسة ومراقبي المشهد السياسي الإسرائيلي، في الأيام القليلة الماضية، سيناريوهات محتملة من نوع نجاح غانتس، بعد حصوله على كتاب التكليف، في تشكيل حكومة أقلية بمشاركة الوسط واليسار الصهيونيين، ودعم القائمة العربية المشتركة، وليبرمان، من الخارج. ومع ذلك، فإن حكومة كهذه ستكون عاجزة ومهددة بالسقوط، وأهم ما فيها، إذا تحققت، أن الدورة الانتخابية القادمة لن تقع ونتانياهو على رأس الحكومة.

والواقع أن في هذا السيناريو ما يفسّر هجوم نتانياهو اللاذع، قبل يومين، على غانتس وجماعته لأنهم يريدون تشكيل حكومة استناداً إلى "دعم العرب"، وهذا يشكّل في نظره انحرافاً عن "القيم" الصهيونية، وتهديداً مباشراً للدولة ومستقبلها.

وبصرف النظر عمّا تنطوي عليه عبارات كهذه من عنصرية، وميول تحريضية، فمن الواضح أن "القائمة المشتركة"، وحزب ليبرمان، هما الطرفان الأهم والأكثر قدرة على التأثير، في موازين القوى، وبالتالي احتمال النجاح أو الفشل، في ظل الاستقطاب السياسي الراهن.

ويصعب، في الوقت الحاضر، تقدير تداعيات اجتماعية وسياسية بعيدة المدى لحقيقة تحوّل "القائمة المشتركة" إلى ثالث أكثر قوة في البرلمان، واحتمال تزعمها للمعارضة في حال تشكيل حكومة ائتلافية في يوم ما، على فرض أن موازين القوى ستبقى على حالها في المدى القريب والمتوسط. ففي أمر كهذا ما قد يُحرّض قوى مختلفة في معسكر اليمين القومي ـ الديني على إعادة النظر في قواعد اللعبة الانتخابية نفسها.

وإذا كان من الواضح، بالقدر نفسه، أن حقبة نتانياهو في رئاسة الحكومة، وهي الأطول في تاريخ الحكومات الإسرائيلية، تقترب من خط النهاية، فمن غير الواضح، حتى الآن، وجود قوى داخل تكتل الليكود يمكنها الإطاحة بنتانياهو للخروج من حالة الشلل. ومع ذلك، صعد الكثير من مظاهر الشكوى والتذمّر، خاصة في معسكر اليمين القومي العلماني، على السطح هذه الأيام.

وعلاوة على قضايا الفساد التي يرى فيها حلفاء وأنصار تقليديون لنتانياهو مبرراً كافياً للتشكيك في سلوكه الشخصي ونزاهته السياسية، تتعرّض سياسته وعلاقاته الخارجية، هذه الأيام، لانتقادات لاذعة لكونها لا تعود على إسرائيل بفوائد بعيدة المدى، وقد تكون لها تداعيات سلبية كثيرة.

ففي السنوات القليلة الماضية حرص نتانياهو على تسويق واستثمار عمق العلاقة التي تربطه ببعض رؤساء الدول، مثل ترامب الأميركي، وبوتين الروسي، ومودي الهندي، للإيحاء بكونه شخصية دولية ذات مكان ومكانة في السياستين الإقليمية والدولية.

ولكن حادثة من نوع الهجوم التركي في شمال سورية، وتخلي الأميركيين عن حلفائهم الأكراد في "قوات سورية الديمقراطية"، كانت مناسبة لانتقاد رهانات نتانياهو السياسية من جانب كتّاب ومعلقي اليمين في الصحافة الإسرائيلية. وهذا انتقاد جديد يُضاف إلى قائمة أصبحت طويلة الآن، وعلى رأسها تدهور العلاقة بين إسرائيل واليهود الأميركيين. ولهذا الأمر حساسية خاصة في إسرائيل.

وخلاصة هذا كله: أن الإسرائيليين لم يعثروا، بعد، على خارطة للطريق تُخرجهم في حالة الشلل السياسي، وأن المهلة التي نالها نتانياهو لتشكيل الحكومة توشك على النفاد، وأن فرصته في البقاء طافياً على السطح لا تبدو قوية، أن المشهد السياسي الإسرائيلي حتى وإن كان غائماً إلا أنه لا ينفتح على احتمالات كثيرة.