الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 / 13:38

انتفاضة اللبنانيين...هل تحقق أهدافها؟

تناول الروائي ربيع علم الدين في صحيفة "نيويورك تايمز" التظاهرات الشعبية في لبنان، مشيراً إلى فيديو انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي لامرأة عالقة في سيارتها وسط المحتجين، وأبلغتهم بأن ابنها الصغير خائف، ما دفع الشُبان إلى إنشاد أغنية "بايبي شارك" لتبديد خوف الطفل.

هل ستتمكن هذه الثورة الأخيرة من الإطاحة بالحكومة، هل سيحصل الناس على تغيير النظام الذي يرددونه؟"

وتقول الصحيفة إن الفيديو ظريف وذو دلالات، لأن الوحدة أمر نادر بين الحشود في لبنان.

ومنذ الخميس الماضي، نزل لبنانيون من كل الأطياف إلى الشوارع للاحتجاج على الفساد، وحتى اليوم لاتزال الحشود تكبر، وأصواتها ترتفع أكثر.

وقدرت وسائل إعلام الحشود يوم الأحد بـ1.3 مليون شخص، أي ما يعادل 20% من الشعب اللبناني.

وانطلقت شرارة الاحتجاج سبب ضريبة مفترضة قررتها الحكومة على خدمة "واتس آب"، في محاولة لرفع المداخيل لمواجهة الأزمة المالية.

ثورة الأرز
وسبق للبنانيين أن تظاهروا مراراً، ففي آذار (مارس) 2015 خرجت تظاهرات ضخمة عرفت بـ"ثورة الأرز" ضد الاحتلال السوري الذي كان يسيطر على البلاد بعد أعوام من النهاية الرسمية للحرب اللبنانية التي استمرت 15 عاماً.

وأعقب ذلك تظاهرات مضادة لحزب الله والجماعات المؤيدة للنظام السوري. وفي 2015 نزل اللبنانيون إلى الشارع للاحتجاج على سوء إدارة الحكومة لأزمة النفايات.

ويقول الكاتب إن احتجاجات 2015 كانت الأولى من نوعها إذ استقطبت أشخاصاً من كل الطوائف اللبنانية، ولكن الاحتجاج كان موجهاً ضد بعض الزعماء، لا جميعهم، بينما تعتبر التظاهرات الأخيرة عابرة لكل الطبقات الاجتماعية والطوائف، وفي في لبنان كله، من طرابلس إلى صور، وفي المدن الكبرى والضواحي والقرى، أين تعالت الهتافات بمحاسبة كل الزعماء.

وأضاف الكاتب أن الشكوى من سوء إدارة في لبنان ليست جديدةً. فالفساد والمحسوبيات سائدان في لبنا، ويُعاني الاقتصاد منذ وقت طويل، والدين العام هو الأكبر في العالم مقارنةً مع الناتج الاجمالي الداخلي، ومعدلات البطالة مرتفعة جداً حتى أن الشباب يهاجر كل عام بحثاً عن فرص أفضل في الخارج.

ويعاني اللبنانيون نقصاً في الخدمات العامة الأساسية مثل الكهرباء والماء، ولكن الذي تغير هو مستوى سوء الإدارة، والأعباء الجديدة التي يعانيها المواطنون.

أخبار سيئة

ويوضح الكاتب أن الاحتجاجات الأخيرة تأتي بعد سلسلة من الأخبار السيئة، إذ تراجع التصنيف الائتماني للبنان هذا الصيف، ما يعني أن ديون البلد الكبرى ستسدد بفوائد أعلى. تلا ذلك حدثان رئيسيان، أحدهما فضيحة جنسية والآخر كارثة بيئية.

ففي 30 سبتمبر(أيلول) الماضي وردت تقارير تفيد بأن سعد الحريري، رئيس الوزراء والحليف الأمريكي، صرف أكثر من 16 مليون دولار في 2013، عندما خارج السلطة، لصالح عارضة أزياء جنوب أفريقية. وبعدها ب يومين، أعلنت الحكومة اللبنانية حال الطوارئ الاقتصادية.

في الأسبوع الماضي، دمرت حرائق الغابات البلاد. وبدا كأن كل غابة في كل زاوية تحترق. ولم يتمكن رجال الإطفاء من مواكبة ذلك لأن معداتهم كانت خارج الخدمة، فالحكومة لم تخصص أموالاً للصيانة.

 ولحسن الحظ، أدت الأمطار إلى السيطرة على العديد من الحرائق. ثم جاءت ضريبة الواتس آب.

أمراء الحرب
ورأى الكاتب أنها ليست مصادفة أن يتحد المواطنون هذه المرة. ويبدو أن الحكومة نفسها موحدة للمرة الأولى منذ فترة. فمن المفترض أن تمثل هذه الحكومة التي تشكلت في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد أطول فراغ حكومي، كل لبنان، وجميع الأطراف.

ويعني ذلك أن السياسيين، ومنهم من أمراء حرب قادوا الميليشيات الطائفية في الحرب الأهلية اللبنانية، لم يتمكنوا من استغلال الانقسامات الطائفية التي أبقت بعض الأسر في السلطة لأجيال.

وذكر الكاتب بأن الناس انتتخبوا نفس السياسيين مراراً وتكراراً رغم معرفتهم بفسادهم، لأن كل واحد كان يفضل أن يسرق زعيم طائفته المال عل أن يترك المال لطائفة أخرى. ولكن الإستراتيجية المعتادة بالقاء كل حزب سياسي اللوم عل الفريق الآخر غير قادرة على العمل الآن.

وألغت الحكومة ضريبة واتس آب بعد فترة وجيزة من إعلانها، وأعلنت يوم الاثنين موافقتها على قائمة الطلبات.

ولكن المتظاهرين المتشككين يرفضون مغادرة الشارع. وفي غضون ذلك، يُظهر اللبنانيون للعالم كيف يمكن تنظيم تظاهرة عظيمة، فيرقصون، ويلعبون النرد، ويقيمون حفلات في الشارع.
 
نجاحات
حققت الاحتجاجات السابقة نجاحات كبيرة، فانتفاضة 2005 أخرجت السوريين من لبنان، وإن بقي الكثير على حاله في لبنان، ويتساءل الكاتب "هل ستنجح  الثورة الأخيرة في الإطاحة بالحكومة، هل سيحصل الناس على تغيير النظام الذي يرددونه؟".

وختم "سل أي لبناني وستحصل على إجابة غريبة، بالطبع، الأمور ستتغير، ولن يتغير أي شيء على الإطلاق".

يبدو أن الأفكار المتعارضة عن الأمل واليأس يتمسك به معظم اللبنانيين. وهكذا تمكن اللبنانيون من إقامة حفلات ملهى ليلي رائعة داخل المستودعات في الحرب الأهلية.

في لبنان فقط، ستصبح أغنية مثل "Baby Shark" ، التي تصدح الآن في كل تجمع حشود، نشيداً للثورة، فالأغنية جذابة ومتكررة ومُلهِمة وغير قابلة للإنهاء.