وزير الخارجية السعودية الجديد الأمير فيصل بن فرحان آل سعود (أرشيف)
وزير الخارجية السعودية الجديد الأمير فيصل بن فرحان آل سعود (أرشيف)
الخميس 24 أكتوبر 2019 / 10:56

فيصل بن فرحان.. أمير ودبلوماسي لعزل نظام طهران

عين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس الأربعاء، في إطار تعديل وزاري محدود النطاق، ولكنه شديد الأهمية بالنظر إلى توقيته، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزيراً للخارجية بدلاً من إبراهيم العساف.

وفي الوقت الذي تواجه فيه السعودية مثل دول المنطقة والإقليم مجموعة من التطورات المتسارعة، ردت الرياض بتعديل سياسي لدبلوماسيتها بالاعتماد على خبرات شابة جديدة، تعكس في حد ذاتها طبيعة التوجهات العامة التي تبنتها السعودية في السنوات القليلة الماضية، والقائمة على البراغماتية من جهة، والجرأة من ناحية ثانية.

ولم يتأخر المتابعون في الإعراب عن وجهات نظرهم ورؤيتهم للتغيير الذي طال وزارة الخارجية السعودية، التي تؤكد حرص الرياض على رفع عدد من التحديات المطروحة، عليها لعل أبرزها وأقربها تولي رئاسة مجموعة العشرين في بداية العام المقبل، ما فرض ضخ دماء شابة جديدة في شرايين واحدة من أهم الوزارات السعودية.

ولم يغب عن المتابعين للشأن السعودي، ملاحظة أن ضم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، للأمير فيصل لمجموعة من كبار الدبلوماسيين السعوديين في الأربعينيات من العمر، مثل سفيريه في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وهو الذي شغل حتى وقت قريب جداً، منصب سفير السعودية في برلين، التي وصلها بعد أن كان مستشاراً سياسياً في سفارة الرياض بواشنطن، ما عزز التكهن بحسم السلطات السعودية أمرها، بالاعتماد على خبرات دبلوماسية جديدة، غير تقليدية، تجمع بين العملين الدبلوماسي الكلاسيكي وقادرة في الوقت ذاته على نسج أوسع شبكات العلاقات والاتصالات عبر العالم، لضمان الدفاع عن المصالح والأهداف والاستراتيجيات السعودية، عبر مختلف القنوات من الدبلوماسية الاقتصادية والثقافية وغيرها من المجالات التي تميزت فيها الكفاءات المواطنة، بفضل تكوينها العالي والعصري، خاصةً أنها تخرجت في أكبر الأكاديميات والمعاهد المتخصصة في مختلف دول العالم، قبل عودتها إلى دولها لتضع خبراتها الجديدة على ذمة صاحب القرار السعودي. 

وفي هذا الإطار يقول نيل كويليام الباحث في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية البريطانية، لرويترز: "انظر إلى الفريق الذي يُشكل في واشنطن، ولندن، إنها خطوة تنطوي على دهاء للتغلب على إيران في كل العواصم وفي الأمم المتحدة. هذا شكل جديد من أشكال التصدي لها".

ورغم أن إيران لم ولن تكون الهم الوحيد لوزير الخارجية الجديد، لكنها تحتل حتماً حيزاً واسعاً من عمله ومهامه، بعد أن حسمت الرياض أمرها، وحددت أولوياتها للتعامل مع طهران، دبلوماسياً وسياسياً وإعلامياً واقتصادياً، وربما عسكرياً، وهو الأمر الذي سيكون على الوزير الجديد، أن ينسج خيوطه كاملة، غرزة بعد أخرى، ليبسط على طاولات اجتماعات ومؤتمرات قادة العالم ويضع أمام أنظارهم ويعرض على أسماعهم، تفاصيل المؤامرة الإيرانية المتواصلة، منذ أكثر من 40 عاماً على المنطقة والجوار، وعلى العالم بأسره.

وبالنظر إلى خلفيته وتكوينه من جهة، وإلى التوجه السعودي العام فلن يعدم الوزير الجديد حيلة، حسب المتابعين والمحللين لدفع الخطة السعودية المطالبة ببناء إجماع دولي لمنع طهران من السلاح النووي، ولاحتواء برنامجها للصواريخ الباليستية، ووقف تمددها في دول المنطقة، وتبنيها للإرهاب.


ويمكن القول إن الوزير الشاب، والأمير الدبلوماسي لن يواجه صعوبة كبرى لوضع كل خبرته المتراكمة لتحقيق مثل هذا الهدف الطموح، بفضل المراكز والمناصب المهمة التي شغلها على امتداد أكثر من عقدين داخل السعودية وخارجها، في المجالين الدبلوماسي، والاقتصادي أيضاً ما يؤهله لاعتماد دبلوماسية اقتصادية نشيطة وفعالة في الفترة القليلة المقبلة، إذ سبق له أن مثل العملاق الأمريكي بوينغ بين 2001 و2013 في مجلس إدارة شركة السلام لصناعات الفضاء، الشركة التي تولى منصب نائب رئيس، ثم رئيس مجلس إدارتها، إلى جانب اضطلاعه بين 2003 و 2017 بمنصب الشريك المؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة شمال للاستثمار، وعضواً في مجلس إدارة شركة الصناعات العسكرية السعودية، قبل اللحاق بمكتب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مستشاراً له، في 2017، ومنه إلى الخارجية أين شغل منصب مستشار، ثم كبير المستشارين في سفارة المملكة بواشنطن، بين 2018 و2019، قبل تعيينه سفيراً في ألمانيا، ليعود بعد أشهر قليلة إلى الرياض وزيراً للخارجية، ما يُعطي فكرة متكاملة وواضحة عن خلفية الوزير الجديد وعن برنامج عمله على رأس الدبلوماسية السعودية، وهو الذي لم يتردد بعد الهجوم الإرهابي على منشأتي أرامكو في سبتمبر(أيلول) الماضي مثلاً، ودون مواربة، في اتهام إيران بالهجوم، ونقل موقع "الحرة"، أن الأمير فيصل بن فرحان علق في مقابلة مع إذاعة "دوتشلاند فونك" الألمانية على العملية الإرهابية، فقال، إن "الهجوم الأخير يعتبر هجوماً على الاقتصاد العالمي. فمثل هذا الهجوم الذي أوقف إنتاجنا النفطي لفترة قصيرة يمس العالم بأسره" في رسالة إلى من يهمه الأمر في عواصم العالم الكبرى، وفي طهران أيضاً عن استعداد السعودية لضمان مصالح العالم الحيوية إذا أعربت دوله عن رغبتها في حماية مصالحها، واستعدادها خاصةً لتسمية الأشياء بأسمائها، وتجنب الخطاب المخملي التقليدي، فالإرهاب بين ومن يقف وراءه بين ومعروف، أو كما قال الأمير في المقابلة نفسها: "على إيران تحمل المسؤولية وإدراك أنه لا يمكن لها أن تتمادى في عدوانها".