الأحد 27 أكتوبر 2019 / 13:08

تركيا طابور خامس ضمن الناتو

مع عزم تركيا على إقامة علاقة أوثق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يقول كون كوغلين، محرر الشؤون الدفاعية والخارجية لدى صحيفة "ذا تيلغراف" البريطانية، وزميل بارز لدى معهد "غيتستون" إنه حان الوفت للنظر جدياً بقضية استمرار عضوية أنقره في حلف الناتو.

الناتو سيكون أقوى وأفضل تجهيزاً للتعامل مع خصومه إن لم يكن في حاجة للتعارك مع دولة تمثل طابوراً خامساً مثل تركيا

وعندما انضم الأتراك إلى الناتو في عام 1952، كان ذلك لأن بلدهم اعتبر كحصن حيوي ضد الاتحاد السوفيتي. وسهل ضم تركيا إلى الناتو مراقبة أنشطة الأسطول السوفييتي في البحر الأسود، والحد من قدرة موسكو على نشر أذرعها في شرق أوروبا والشرق الأوسط.
وبسبب سلوك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يزداد عدائية تجاه الغرب، يقول الكاتب إنه لم يعد لأي من تلك الاعتبارات أية أهمية.

أداة مفيدة
ويرى الكاتب أن الاتحاد السوفييتي لم يعد له وجود، ولكن روسيا تحت حكم بوتين مصممة كما كانت دوماً على تقويض الغرب وحلفائه، ويثبت أردوغان، من خلال قمته الناجحة مع الزعيم الروسي، في 22 أكتوبر( تشرين الأول) في منتجع سوتشي على البحر الأسود، أنه أداة مفيدة في يد موسكو لتحقيق تلك الأهداف.

وقد تحسنت العلاقات بين أنقره وموسكو باطراد منذ أن أسقطت مقاتلات تركية طائرة عسكرية روسية دخلت عن طريق الخطأ المجال الجوي التركي في 2015.

وبفضل علاقة ودية تسري حالياً بين بوتين وأردوغان، يستطيع الأسطول الروسي العمل بحرية في البحر الأسود، ولدرجة أن سفناً حربية روسية منتشرة في المنطقة استخدمت لمهاجمة قوات متمردة في سوريا تقاتل قوات الرئيس بشار الأسد.

واليوم، وعقب نجاح محادثات سوشي، اتفق البلدان على العمل سوياً في فترة ما بعد الصراع لاقتطاع جزء من سوريا، من أجل تقوية مصالح كل من روسيا وتركيا على حساب أكراد سوريين كانوا، حتى وقت قريب، يعتبرون حلفاء حيويين بالنسبة لأمريكا ولدول أخرى أعضاء في الناتو في الحرب ضد داعش.

وهذا يعني أن أردوغان يستطيع مواصلة هجومه ضد أكراد سوريين، قادتهم قوات سوريا الديمقراطية( قسد) الموالية للغرب في الحرب ضد داعش، فيما يسعى لإقامة ما يسميه "منطقة آمنة" في شمال سوريا، والتي لا يمكن اعتبارها آمنة بسبب وقوع قتلى من الأكراد على يد الجيش التركي.

زواج المصلحة
ويرى كاتب المقال أن زواج المصلحة بين أردوغان ونظيره الروسي ليس المرة الأولى التي يتصرف فيها الزعيم التركي على خلاف مصالح الناتو.

فقد تلقى أردوغان، في بداية الصيف الماضي، موجة انتقادات شديدة من واشنطن بعدما نفذ صفقة أسلحة مع موسكو مكنت أنقره من الحصول على نظام S-400 الروسي الصاروخي المضاد للطائرات، والمصمم خصيصاً لإسقاط مقاتلات الناتو. وردت إدارة ترامب بقولها إنها سوف تستثني تركيا من برنامج طائرات أف-35 المتطورة.

ونتيجة له، يرى الكاتب أنه حان الوقت كي يدرس الحزب الجمهوري بجدية مسألة فيما إذا كان سوف يسمح لأنقره بالاحتفاظ بعضويتها في الناتو، أو ما إذا سيتخلى عن تركيا كي تتبع مواقفها المؤيدة لروسيا.

وقد طالب فعلياً عدد من الجمهوريين البارزين، كالسناتور ليندسي غراهام، بتعليق عضوية تركيا في الحلف، وكان القوة الدافعة وراء محاولات الكونغرس الأمريكي لفرض عقوبات ضد أنقره بسبب معاملتها لأكراد سوريين.

وحسب الكاتب، حان الوقت اليوم لكي يدرس أعضاء آخرون في حلف الناتو ما إذا كان حقاً من مصلحتهم السماح للحلف بالإبقاء على عضوية الدولة الوحيدة المسلمة ضمن صفوفه.

وسابقاً كان يقال إن إنهاء ارتباط تركيا بالناتو سيكون بمثابة هدية إلى بوتين، الذي لا يتمنى انهيار الحلف.ويرى الكاتب، في ختام مقاله، أن الناتو سيكون أقوى وأفضل تجهيزاً للتعامل مع خصومه إن لم يكن في حاجة للتعارك مع دولة تمثل طابوراً خامساً مثل تركيا، وتعمل من داخل صفوفه.