الأربعاء 30 أكتوبر 2019 / 15:44

البغدادي رحل... ظروف ظهور داعش لا تزال هنا

24- زياد الأشقر

كتب الباحث إتش. أي. هايلر عن مرحلة ما بعد مقتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في مقال نشره في موقع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، قائلاً إنه بينما يفكر العالم في ما يعنيه مقتل هذا الإرهابي، يسود اعتقاد أن التنظيم قد انتهى. وثمة سبب معقول للاحتفال- على الأقل بالنسبة لضحايا التنظيم في المنطقة- ولكن التهديد الذي يشكله داعش يبقى قائماً طالما أن العالم يخفق في معالجة الأسباب التي أدت في الأصل إلى ظهور التنظيم.

ولا يزال الأساس الأيديولوجي للتنظيم، وهو زواج من تفسيرات دينية غير متجانسة(فرعان من الإسلام المتطرف والسلفية المتشددة)، يحظى بشعبية

وذكر أن البغدادي الذي سبق له أن أعلن نفسه "خليفة لكل المسلمين" كان هدفه أن يكون شخصية رمزية تزعم حكم مساحة من الأرض باسم الدين، على أن يعلن المسلمون في أنحاء العالم الولاء. لكن هذه السردية كانت تشوبها العيوب.

وعملياً، رفضته الغالبية العظمى من المسلمين ورفضت قيادته، علماً أن معظم ضحاياه هم من المسلمين والأيزيديين والمسيحيين والأكراد والأتراك وآخرين. وهو استهدف المسلمين وغير المسلمين. وكان هؤلاء أكثر من ضحى في القتال ضد هذا التنظيم. وهم يشعرون بالارتياح اليوم.

وأشار إلى أنه من المفارقات أن أتباع البغدادي وجدوا قضية مشتركة مع المروجين لنظرية الخوف من الإسلام الذين سعوا إلى تسويق صورته باعتباره نوعاً من السلطة الدينية التي تمثل جوهر الإسلام. لكن المرجعيات الدينية المسلمة داخل المنطقة وخارجها سخرت منه ومن تنظيمه مراراً على اعتبار أنه يروج للانحراف والهرطقة.

الدراسات الدينية
ولكن في الواقع لم يكن لدى ما يسمى "الخليفة" الكثير من أوراق الاعتماد الدينية كي يظهرها. وهو يحمل شهادة في الدراسات الدينية من جامعة أنشأها نظام صدام حسين ولم يكن يعتبر داخل التنظيم أنه واسع المعرفة. وبالنسبة للسلطات الدينية المسلمة الحقيقية، فإن الاختلاف الرئيسي في الرأي كان يتمحور حول ما إذا كانت أفكار داعش كافية لإبعاد شخص ما عن الدين أو مجرد أفكار شريرة بشكل مطلق. لكن بالنسبة إلى أتباع البغدادي، فإنه كان الخليفة وحكم ما سمي بدولة.

وكانت معنوياتهم الجماعية في ذروتها عندما استطاع البغدادي السيطرة على أراضٍ وحكمها، لكن هذه المعنويات بدأت تنهار عندما ثبت أن إدعاء الدولة كان خطأً. وحتى عندما كان داعش يسيطر على أراضٍ في سوريا والعراق، لم يكن في الامكان وصف دولة داعش بانها دولة بالمعنى الحقيقي للكلمة.

جماعات متطرفة أخرى
ولفت الكاتب إلى أن داعش يفتقد الآن إلى القيادة والأراضي، لكن التنظيم لن يتبدد ببساطة. ومنذ تعرض لخسائر في الأراضي في العراق وسوريا، فإن داعش كان يتحول من الداخل، إذ ظهرت مجموعات مختلفة حول العالم تركز أكثر على هواجسها الداخلية. ومع موت البغدادي يمكن أن ينتقل أتباع التنظيم إلى جماعات متطرفة أخرى. لكن لا أحد يعرف شيئاً بعد. والأمر الواضح هو أن العوامل التي تضافرت لإنشاء داعش لا تزال موجودة.

الواضح أن العوامل التي تضافرت لجعل إنشاء داعش ممكناً ما زالت قائمة. ولا يزال الأساس الأيديولوجي للتنظيم، وهو زواج من تفسيرات دينية غير متجانسة(فرعان من الإسلام المتطرف والسلفية المتشددة)، يحظى بشعبية. في هذا الصدد، يمكن اعتباره مماثلاً لما يسمى بحركة المسيحية الإيجابية التي روج لها الرايخ الثالث في العهد النازي، والتي كانت تعتبر خارج أي تقاليد معترف بها للطائفة المسيحية.