الخميس 31 أكتوبر 2019 / 14:58

ما هي التحديات التي تواجهها احتجاجات العراق ولبنان؟

تخطى المحتجون في العراق ولبنان انقسامات مجتمعية لمعارضة أنظمة سياسية قامت على أسس تقسيمهم إلى طوائف. وتسأل ياسمين سرحان، كاتبة لدى موقع "ذا أتلانتيك" عما إذا كان سيدوم هذ الموقف الموحد؟.

التحديات التي تنتظر هؤلاء المحتجين هائلة، لأسباب ليس أقلها عدم وجود معارضة رسمية يعتمد عليها

ومن نواح كثيرة، تعكس الاحتجاجات في العراق ولبنان، تحركات في جميع أنحاء العالم. فقد خرجت أعداد غفيرة من الناس إلى شوارع تشيلي والإكوادور وهاييتي لتحدي عدم مساواة اجتماعية واقتصادية وفساد حكومي.
  
ولكن، حسب الكاتبة، يبرز هؤلاء المحتجون العراقيون واللبنانيون في صورة متميزة. فقد وحدت فيما بينهم مظالم مشتركة ضد خلل اقتصادي وغياب العدالة. وتمثل مطالب المتظاهرين في هذين البلدين، والوحدة الوطنية التي تدعمهم، تهديداً مباشراً لأنظمة سياسية طائفية حكمت كلا البلدين، لأسباب ليس أقلها مطالبة المحتجين بتقويض تلك الأنظمة.

إلى متى؟
ولكن، في مناطق يقسم سكانها على أسس عرقية ودينية، كم ستدوم حركات وطنية تسعى لخرق تلك الخطوط؟ وإن كان الهدف هو تفكيك أنظمة سياسية طائفية قائمة، فمن يحل مكانها؟ ودون وجود قائد، من سيوجه تلك الحركات الشعبية العفوية؟.

وتلفت الكاتبة إلى أنه رغم اختلاف مسببات تلك الاحتجاجات (ما بين لبنان إجراءات تقشف، وفي العراق إحباط متصاعد بسبب البطالة ونقص الخدمات العامة)، تبدو المظالم التي أشعلتها متشابهة، إلى حد كبير. وتسعى كلا الحركتين الاحتجاجيتين لإنهاء فساد مستشرٍ تعاني منه الدولتان، وكذلك أنظمة مكنتهما في المقام الأول.

وتقول الكاتبة إن تلك المطالب تجلت في لبنان من خلال مظاهرات سلمية تستمر منذ أكثر من أسبوعين، ويشارك فيها محتجون من كافة الطوائف الدينية والمناطق والمستويات الاجتماعية.

أما الحركة في العراق، فقد غلب عليها شباب بدأوا في التظاهر منذ بداية أكتوبر( تشرين الأول) الجاري، وكانت أكثر عنفاً. وقتل أكثر من 200 شخص في صدامات مع قوات أمنية عراقية( قتل عدد منهم على أيدي قناصة). وجرح آلاف آخرون.

قضايا علمانية
وقالت لينا الخطيب، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مؤسسة تشاتام هاوس الفكرية: "يطالب الناس بتغيير أساسي للنظام السياسي لأنهم يشعرون بأن الحكومة لا تخدم المواطنين. وما يوحد بين المحتجين قضايا علمانية في الأساس. إنهم يفعلون ذلك بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية".

وتشير كاتبة المقال إلى أن تلك الحركات الاحتجاجية غير الطائفية تقف على نقيض الأنظمة السياسية السائدة في كلا البلدين، واستناداً إلى ترتيبات تقاسم السلطة التي تقسم الحكومة بالتالي إلى مجموعات مختلفة اجتماعياً وعرقياً ودينياً.
وفيما تراجع العنف الطائفي إلى حد كبير عبر المنطقة، لم يتطور بالضرورة التمثيل السياسي كنتيجة لتلك الأنظمة – ولا الشفافية الحكومية. وتأكيداً لهذا الرأي، يقول فنار حداد، مؤلف كتاب سيصدر قريباً بعنوان "الطائفية: العلاقات بين السنة والشيعة في العالم العربي المعاصر" أنتجت تلك الأنظمة في كل بلد "طبقة سياسية شكلت شبكات محسوبيات خاصة بها".

ويقول حداد: "قد يتعدل توازن القوة بين الطوائف بعد كل انتخاب، ولكن نادراً ما يتغير الأشخاص الذين يمارسون السلطة. وعلاوة عليه، يمثل ترسيخ طبقات سياسية( أو ربما نتيجة لذلك الترسيخ) فساداً مستشرياً. فقد جاء ترتيب العراق ولبنان 168 و 138، على التوالي، وفق مؤشر مدركات الفساد في عام 2018 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية".

تحديات هائلة
وترى كاتبة المقال أن التحديات التي تنتظر هؤلاء المحتجين هائلة، لأسباب ليس أقلها عدم وجود معارضة رسمية يعتمد عليها، وهو نتاج ثانوي آخر في كل مجتمع له حصته من السلطة.

لذلك، تشمل مطالب المحتجين تقويضاً كاملاً لأنظمتهم السياسية، وكذلك للطبقة الحاكمة التي أثبتت عدم استعدادها للتخلي عن مواقعها.