مقاتلة كردية في سوريا.(أرشيف)
مقاتلة كردية في سوريا.(أرشيف)
الجمعة 1 نوفمبر 2019 / 12:14

هل تعيق حراسة آبار النفط النفوذ الإيراني في سوريا؟

24- زياد الأشقر

تناول الكاتبان إلياس غرول ولارا سيلغمان في مقال نشراه في موقع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إخفاق المحاولات التي بذلها الصقور داخل الإدارة الأمريكية لإقناع الرئيس دونالد ترامب بابقاء الجنود الأمريكيين في سوريا، فقالا إن شراكة الولايات المتحدة مع أكراد سوريا بدأت في خريف 2014، عندما قاتل الجانبان جنباً إلى جنب في معركة دموية لإنقاذ بلدة كوباني من تنظيم داعش.

من غير الواضح ما إذا كانت الحراسة الأمريكية لحقول النفط، كافية لردع النفوذ الإيراني الزاحف

وبعد خمسة أعوام، بدا قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من مناطق الأكراد المحاذية لتركيا كأنه خيانة لهؤلاء الحلفاء الموثوقين، مما مهد الطريق أمام الهجوم التركي الذي جر الدمار على السكان الأكراد في شمال شرق سوريا وزعزع استقرار المنطقة.

وأضافا أن اللوم في هذا لا يقع بالكامل على ترامب. وخلال حوارات مع أكثر من 12 من المسؤولين الأمريكيين والأكراد الحاليين والسابقين ومع خبراء أيضاً، تعطي تفسيراً كيف أن المتشددين في قمة هرم الإدارة الأمريكية- بينهم وقتذاك- مستشار الأمن القومي جون بولتون ومبعوث وزارة الخارجية الأمريكية الخاص إلى سوريا جيمس جيفري- حاول مراراً ولمدة أن يقنعوا ترامب بعكس قراره بالانسحاب من سوريا، الذي توج بالغزو التركي الكارثي الذي زعزع المنطقة. وخلال محاولة إقناع ترامب بالتراجع عن قراره، لمح هؤلاء المسؤولين الأمريكيين المعارضين للانسحاب الأمريكي من سوريا، بأن الولايات المتحدة ستحميهم من احتمال التعرض لهجوم تركي- الأمر الذي بدا أنهم لا يملكون السلطة الكافية للحؤول دون وقوعه.

ولفت الكاتبان إلى الجهود لإبطاء الانسحاب من سوريا توجت بأسوأ سيناريو. ففي 6 أكتوبر (تشرين الأول)، سحب ترامب القوات الأمريكية من الحدود السورية-التركية بعدما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزمه على شن غزو عبر الحدود. وسارع أردوغان إلى دخول الأراضي السورية في عملية وصفها القادة الأكراد بأنها "إبادة". وتسبب ذلك في قتل المئات من المقاتلين والمدنيين وتشريد 300 ألف من السكان، وفتحت الباب أمام عودة داعش. ويواجه أكراد سوريا الآن تهديداً وجودياً فضلاً عن تدمير الحكم الذاتي الهش الذي أسسوه في شمال شرق سوريا.

وضع صعب
وأوضحا أن الديبلوماسيين والمسؤولين العسكريين الذين يتولون شؤون سوريا، باتوا في وضع صعب. وكان عليهم بحسب المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع دانا سترول صياغة سياسة تنسجم مع تغريدات ترامب على تويتر ومع التهديد الحقيقي الذي تشكله تركيا لقوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري. ورفضت سترول ما تردد عن أن جيفري وفريقه ضللوا عن عمد قوات سوريا الديمقراطية أو أن يكونوا قد قوضوا سياسة الرئيس.

ولفت الكاتبان إلى أن جيفري دافع عن نفسه في 22 أكتوبر قائلاً إنه أوضح للأكراد أن الوجود العسكري الأمريكي في شمال شرق سوريا لا يعني أن الولايات المتحدة ستحميهم من عملية عسكرية تركية. لكن آخرين يلقون باللوم تحديداً على بولتون وجيفري ومسؤولين آخرين في وزارتي الخارجية والدفاع الذين تجاهلوا باستمرار رغبة ترامب بالانسحاب من سوريا كونها جهداً مضللاً لحرمان داعش وإيران من مكاسب حيوية في الميدان. وقال مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسات الخارجية آرون شتاين إن "الجزء الأسوأ في هذا الإخفاق الجماعي والمتوقع ...يكمن في أن واشنطن لم تتعاط مطلقاً بجدية في ما يتعلق بكيفية الانسحاب من سوريا بطريقة ترضي ترامب وتعزز المصالح الأمريكية".

المتشددون في الإدارة
واعتبر الكاتبان أن تنفيذ استراتيجية المتشددين حيال إيران داخل الإدارة الأمريكية، كانت تناقض تماماً تام رغبة ترامب المعلنة في الانسحاب من سوريا. وقد ضغط جيفري وفريقه على قوات سوريا الديمقراطية حتى لا تتحدث مع الأسد وداعميه الروس على رغم التهديد التركي الوشيك ووعدهم "بأننا سنوفر لكم اتفاقاً أفضل". ويحذر المسؤولون والخبراء من أن العمليات ضد داعش ستكون أكثر صعوبة من دون وجود أمريكي على الأرض ومن دون العلاقة مع الأكراد السوريين. وفي الوقت نفسه من غير الواضح ما إذا كانت الحراسة الأمريكية لحقول النفط، كافية لردع النفوذ الإيراني الزاحف.