الأحد 3 نوفمبر 2019 / 10:44

هل كانت تركيا تعلم بمكان البغدادي؟

24- زياد الأشقر

بينما يعكف محللو الاستخبارات الأمريكية على تحليل الوثائق الإلكترونية والورقية التي عثروا عليها الأسبوع الماضي في المجمع الذي قتل فيه زعيم داعش ابو بكر البغدادي، قال الكاتب إيلي لايك في مقال نشره في موقع "بلومبرغ"، إن سؤالاً مركزياً يقفز أمامهم وهو كيف تمكن البغدادي من إيجاد ملجأ في محافظة إدلب السورية الواقعة تحت النفوذ التركي ونفوذ وكلاء انقرة في سوريا؟

من المحتمل أن يكون أكثر رجلين مطلوبين على لوائح الإرهاب، مختبئين في كنف دولة عضو في حلف شمال الأطلسي. لكن الاستخبارات الأمريكية متشككة

وأفاد ثلاثة مسؤولين في الأمن القومي الأمريكي أنهم يريدون معرفة المزيد عما كانت تركيا تعرفه عن مكان وجود البغدادي. وثمة سؤال محوري تبحث الاستخبارات الأمريكية عن جواب له وهي تقلب الوثائق التي عثر عليها في مجمع البغدادي ومع الناطق باسم داعش أبو الحسن المهاجر الذي قتل في غارة ثانية بعيد قتل البغدادي، يتعلق بالعلاقة بين الاستخبارات التركية وداعش. وكان الرجلان يختبئان قريباً من الحدود التركية. وعثر على المهاجر في جرابلس، المدينة في محافظة حلب التي تسير فيها تركيا دوريات من قواتها. وعثر على البغدادي في محافظة إدلب، التي تقيم فيها القوات التركية مواقع عدة.

الاستخبارات الأمريكية
ومن المحتمل أن يكون أكثر رجلين مطلوبين على لوائح الإرهاب، مختبئين في كنف دولة عضو في حلف شمال الأطلسي. لكن الاستخبارات الأمريكية متشككة. ويستند هذا الشك على قاعدة التساؤل ليس فقط عن سبب وجود البغدادي والمهاجر في سوريا. إذ إنه في بداية الحرب الأهلية السورية، سمحت الاستخبارات التركية لمجندين من أوروبا وأفريقيا بالانتقال إلى سوريا عبر تركيا. ووقتذاك، كانت تركيا تتبع سياسة تغيير النظام في سوريا، وتالياً تقدم الدعم للمقاتلين الجهاديين ضد حكومة بشار الأسد.

وأشار إلى أنه في الآونة الأخيرة، تعرفت الحكومة الأمريكية على أكثر من مسؤول بارز في داعش يقيمون في تركيا. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في أغسطس (آب) 2017، إن المسؤول المالي للتنظيم الجهادي، قد انتقل من العراق إلى تركيا في وقت سابق من سنتذاك. ووفق ما قال لي مسؤول أمريكي معني بالملف السوري: "لقد عملت تركيا كل ما في وسعها لدعم اللاعبين الأكثر سوءاً في الحرب الأهلية السورية".

ملاذات آمنة
وقال لي الزميل الباحث في معهد الدفاع عن الديمقراطيات طوم جوسلين، أنه من المعروف أن الأتراك كانوا يشنون غارات على الملاذات الآمنة لتنظيمي القاعدة وداعش ومعاقلهما. وفي كثير من الأحيان، وجد الأمريكيون أن الجهاديين "يتجولون بحرية"، مما أثار التساؤلات عن السياسة الحقيقية لتركيا حيال داعش.

ولفت إلى أن كل هذا يثير المقارنة بباكستان. ففي الثمانينات، عملت السي آي إي مع باكستان على دعم الجهاديين الذين يقاتلون السوفيات في أفغانستان، كما هي الحال في الحرب السورية عندما دعمت السي آي أي بشكل غير مباشر عناصر جهادية لمقاتلة نظام الأسد.

تركيا وباكستان
ومع الوقت برز اختلاف في المصالح الأمريكية عن تلك التي لباكستان وتركيا، مع صعود القاعدة وطالبان في باكستان وداعش في تركيا. وعثر على زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مدينة آبوت آباد عام 2011، حيث أشهر أكاديمية عسكرية باكستانية. وعثر على البغدادي في إدلب، المنطقة الواقعة تحت النفوذ العسكري التركي.

وحتى اليوم، لم توجه الحكومة الأمريكية الاتهام للاستخبارات الباكستانية بحماية بن لادن، على رغم أن الجيش الأمريكي يعتقد أن الاستخبارات العسكرية الباكستانية تعمل مع طالبان في أفغانستان. وبعد ثمانية أعوام من الغارة الأمريكية على بن لادن في آبوت آباد، وبعد استقرار العلاقات الأمريكية-الباكستانية المتوترة، دعا ترامب رئيس وزراء باكستان إلى البيت الأبيض. وربما يحدث سيناريو مماثل مع تركيا قريباً. إذ دعا ترامب الرئيس رجب طيب أردوغان إلى البيت الأبيض هذا الشهر، على رغم أن أردوغان لم يقل بعد هل قبل الدعوة الأمريكية بعدما تبنى مجلس النواب الأمريكي قراراً يعترف بالإبادة الأرمينية.

وفي الوقت نفسه خرقت تركيا وقف النار في شمال شرق سوريا وفق ما يقول مسؤولون أكراد. ويجب التذكير بأن قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد هي من زرع المخبر الذي تمكن من العثور على البغدادي. وقريباً ستعرف الاستخبارات الأمريكية ما إذا كان الأتراك على علم بمكانه.