الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 / 12:31

المنطقة الآمنة ليست حلاً لمشاكل اللاجئين السوريين

عند زيارتها لبلدة تل أبيض الحدودية مع تركيا، شهدت كارلوتا غول، مديرة مكتب صحفية "نيويورك تايمز" في إسطنبول، فرحة لاجئين سوريين عند سماعهم أنباء عن تقدم قوات مدعومة من تركيا لاقتطاع منطقة آمنة في شمال شرق سوريا، وفتح الطريق أمام عودة لاجئين إلى وطنهم.

لو وفرت المنطقة الآمنة فرصة لعودة بعض اللاجئين إلى بيوتهم، فهي لا تؤمن شيئاً لمن هربوا من مناطق أخرى في سوريا

ومن هؤلاء حسن خليل، 37 عاماً، واحد من ثمانية أخوة وأقارب لهم استأجروا مجموعة من المنازل عند أطراف تل أبيض، ويعملون في مزارع قريبة، بانتظار استعادة بيوتهم. وقال: "نحن خارج بلدتنا منذ خمس سنوات".

مشاكل جديدة
ولكن، حسب كاتبة المقال، يمتزج بعض القلق بفرحة هؤلاء اللاجئين السوريين. وتقول إنه عند استيلاء تركيا على ذلك الجيب من الأراضي السورية، هي تقتطع منطقة حدودية بمحاذاة حدودها الجنوبية مع الأكراد الذين استولوا على المنطقة وسط فوضى الحرب في سوريا.

لكن الكاتبة ترى أن غزو تركيا تسبب بمشكلة جديدة بالنسبة لهؤلاء اللاجئين لأن الحكومة السورية سرعان ما نشرت قوات عسكرية في المناطق المحيطة، مما أثار خوف عدد من المتشوقين للعودة إلى وطنهم.

وقال مصطفى حميدة، محامي سوري وناشط حقوقي معارض: "دهشنا عند دخول النظام إلى تلك المناطق. فإن عاد النظام، سنشهد حملة واسعة من الاعتقالات في المنطقة".

وتلفت الكاتبة إلى أن إرسال أردوغان، قواته عبر الحدود لم يكن فقط بهدف صد الأكراد، الذين يمثلون، برأي الأتراك، تهديداً لاستقرارهم. فقد أكد أردوغان، تحت ضغط سياسي لحل أزمة اللاجئين، الحاجة لمنطقة آمنة لبدء إعادة بعض من 3.6 مليون سوري يقيمون في تركيا. لكن حسب الكاتبة، مع تقدم قوات الأسد مدعومة بقوات روسية، لا يتوقع أن يعود طواعية عدد كبير من اللاجئين.

استمرار القتال
وفي مؤشر على استمرار القتال في شمال شرق سوريا، لفت المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى وقوع اشتباك بين قوات تركية وجنود سوريين، وذلك لأول مرة منذ عبور الأتراك الحدود. وأفيد عن مقتل ما لا يقل عن خمسة جنود سوريين بأثر قصف مدفعي تركي.

وعرضت وحدات سورية مدعومة تركياً شريطاً مصوراً على وسائل التواصل الاجتماعي أظهر الاستيلاء على عربتين عسكريتين سوريتين، وثلاثة جنود سوريين. وتمت الاشتباكات عند تخوم المنطقة التي تسيطر عليها تركيا.

وتشير كاتبة المقال لتدفق لاجئين عقب الانتفاضة التي خرجت ضد حكومة الرئيس بشار الأسد في 2011. ولكن لم تكن حكومة الأسد وحدها هي التي تسببت بهروب مدنيين.

ويقول خليل، لاجئ من بلدة تل أبيض، إن معظم السكان خرجوا بعدما أمرتهم قوات كردية بالمغادرة قبل قرابة خمس سنوات، ما أجبرهم على اللجوء إلى تركيا.

وتبعاً لتقرير لمنظمة العفو الدولية، أكرهت حتى بعض الأسر الكردية على الخروج من قرية عبدي كوي، في إطار حملة تهجير قسري وتدمير قرى نفذتها ميليشيات كردية في 2015. واتهم خليل ميليشيا كردية باعتقال أحد أقاربه، وابتزاز آخر.

تلفيق وأكاذيب
ولكن مصطفى بالي، مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) نفى مزاعم سوء المعاملة من قبل الميليشيات، واعتبرها مجرد "تلفيق وأكاذيب". كما نفى اتهامات وجهتها منظمة العفو الدولية.

ومع خروج قوات كردية من تلك المنطقة، تصاعد الغضب الشعبي بسبب تفجير سيارات وألغام، مما أدى لمقتل مدنيين في بلدات وقرى سيطرت عليها قوات مدعومة من تركيا. وقد تسبب انفجار سيارة مفخخة في مدينة تل أبيض باهتزاز مبان عبر الحدود في بلدة أقجة قلعة. ويعتبر استمرار العنف من أحد الأسباب التي يقول لاجئون بأنها تمنعهم من العودة فوراً إلى سوريا.

تساؤلات
ورغم ذلك، يتساءل عدد من اللاجئين كيف ستكون حياتهم في منطقة صغيرة نسبياً سيطر عليها أردوغان ولا تزيد مساحتها عن 3600 كيلومتر مربع بين بلدتي رأس العين وتل أبيض. وقال خليل: "سنكون هناك داخل سجن. كنا نأمل أن يسيطروا على كامل الخط الحدودي".

وتشير كاتبة المقال إلى خطة وضعها أردوغان لبناء 10 بلدات في المنطقة الآمنة، تضم مشافي ومدارس ومناطق صناعية لإسكان مليون شخص. وقد وزعت نشرات مطبوعة على صحفيين أجانب أثناء مؤتمر صحفي. وجاء في النشرة أن تركيا ستستخدم أموالاً دولية لتغطية كلفة بناء تلك المدن، قرابة 26 مليار دولار. ولكن لم يتضح من أين ستأتي تلك الأموال.

وإلى ذلك، ليس معروفاً بعد كيف ستلقى خطة أردوغان صدى لدى الأمم المتحدة التي تعتبر أزمة اللاجئين السوريين أحد أكبر التحديات التي تواجهها، وأكدت دوماً أنه، بموجب القانون الدولي، لا يمكن إكراه لاجئين على العودة إلى بلدهم الأصلي.

وبعدما اجتمع مؤخراً أردوغان مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قالت المنظمة الدولية ضمن بيان إنها تشدد على المبادئ الأساسية المتعلقة بالعودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين.

لكن، وحسب الكاتبة، لو وفرت المنطقة الآمنة فرصة لعودة بعض اللاجئين إلى بيوتهم، فهي لا تؤمن شيئاً لمن هربوا من مناطق أخرى في سوريا. وفي هذا السياق، قال فؤاد محمود، لاجئ يقيم قرب الحدود في أقجة قلعة: "لا أعتقد أن لذلك معنى بالنسبة لسكان الرقة أو دير الزور".