نايجل فاراج زعيم حزب استقلال بريطانيا (أرشيف)
نايجل فاراج زعيم حزب استقلال بريطانيا (أرشيف)
الأربعاء 6 نوفمبر 2019 / 20:22

قريباً من الفشل

في 12 ديسمبر(كانون الأول) 2019، ستنخرط المملكة المتحدة في انتخابات خطيرة، لا يعرف أحد توابع نتائجها. المشكلة في الانتخابات البريطانية القادمة، أن شدة الانقسام بين السياسيين الذين فشلوا طوال ثلاث سنوات في التعامل مع ملف "بريكست"، لن تسمح لهم بنتائج مريحة، أي أغلبية واضحة، للحزب الفائز. وهناك استطلاعات للرأي تشير إلى تقدم حزب المحافظين على حزب العمال بـ 16 نقطة.

من المفارقات المضحكة، أن الحكومة البريطانية كانت تهدد اسكتلندا في 2014، عام الاستفتاء الفاشل، بحرمان اسكتلندا، في حالة نجاح الانفصال، من امتيازات الانتماء للاتحاد الأوروبي

لكن في زمن فيس بوك، وتويتر، وجنون التواصل فائق السرعة، وجحافل الحمقى، على السوشيال ميديا، فقد تنهار كل استطلاعات الرأي قبل التصويت الفعلي بيوم واحد، بسبب تغريدة زومبية، وليس غريباً تلميح الملكة إليزابيث الثانية، في خطابها الأخير أمام البرلمان، إلى حاجة المملكة المتحدة لتشريع جديد، يُشبه البطاقة الانتخابية، هدفه منع جحافل الحمقى، والزومبي، والمراهقين، من التصويت الانتخابي.

إضافةً إلى أن استطلاعات الرأي، فقدت نزاهتها، وضربت ضربة قاضية منذ ثلاثة أعوام، عندما كانت مئات الاستطلاعات في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، تؤكد التوقعات بفوز هيلاري كلينتون، وكانت المفاجأة المدوية، هي فوز دونالد ترامب.

ومع ذلك فإن التحليلات الحقيقية، المنطقية، لا تنفي توقعات بفوز حزب المحافظين، لكنها تشكك في نسب فوزه، فإذا كان الفوز غير مريح، دون أغلبية واضحة، فإن الجمود السياسي سيبقى كما هو، وكأن الديمقراطية نفسها، هي التي فشلت في إزاحة الجمود.

أصبحت الطبعة الجديدة من الديمقراطية أشد صخباً وخذلاناً، فهي لم تعط في 2017 الأغلبية لحزب المستشارة أنجيلا ميركل، الحزب المسيحي الديمقراطي، ولم تعط أيضاً في كندا 2019 الأغلبية لحزب جاستن ترودو، الحزب الليبرالي.

لا ننسى أن تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا، السابقة، دعت إلى انتخابات في 2017، لزيادة مقاعد حزب المحافظين، وكانت النتيجة خسارة المزيد من المقاعد.

اعتذر بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، لحزب المحافظين، عن تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي كان من المفترض أن يكون في 31 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، إلى 31 يناير(كانون الثاني) المقبل، وكان شعاره قبل تأجيل الخروج، أموت في حفرة، بدلاً من التأجيل. بوريس بعد اعتذاره، شجع حزب المحافظين على المضي قدماً للحصول على الأغلبية، وهذا الأداء في ضعفه، ولامبالاته، لا يختلف كثيراً عن أداء تيريزا ماي.

دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشكل مباشر، بوريس جونسون إلى التحالف في الانتخابات التشريعية مع نايجل فاراج، زعيم حزب "بريكست"، واعتبر أن الاتفاق الحالي بين جونسون والاتحاد الأوروبي، لا يتيح لبريطانيا عقد اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية.

كأن دونالد ترامب يميل أكثر إلى نايجل فاراج الذي يريد لبريطانيا خروجاً نظيفاً من الاتحاد الأوروبي، أو ما يُسمى بـ "هارد بريكست".

أرغى وأزبد جيرمي كوربين، زعيم حزب العمال، من تدخل ترامب السافر في الانتخابات البريطانية. التهديد المتاح لبوريس جونسون ضد زعيم حزب العمال، جيرمي كوربين، هو تذكير الناخبين بأن مرجعية كوربين يسارية، ماركسية. إن الحرب الأهلية أهون على بريطانيا، من دخول جيرمي كوربين 10 داوننغ ستريت.

رداً على رفض بوريس جونسون فكرة التحالف مع حزب "بريكست"، أعلن نايجل فاراج أنه سينافس على 600 مقعد انتخابي في طول المملكة المتحدة وعرضها، وهذه حرب صريحة، لتفتيت أصوات حزب المحافظين، ولأن حزب المحافظين لا ينقصه تفتيتاً آخر، بل يكفيه الانشقاقات الدرامية المتوالية، فقد اعتبر البعض أن نايجل فاراج من الخلايا العمالية الماركسية، النائمة، أو على الأقل يمثل إعلانه، بالمنافسة على جميع المقاعد الانتخابية، هجوماً عنيفاً على اتفاق جونسون مع الاتحاد الأوروبي.

ألمحت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن، إلى أنه إذا فاز حزب العمال، فإن جيرمي كوربين ليس لديه اعتراض على استفتاء استقلال اسكتلندي ثانٍ. وكأن رئيسة وزراء اسكتلندا تفضح اتفاقاً في الغرف المغلقة، بينها وبين كوربين، أو أنها تعرض على بوريس جونسون صفقة التأييد في سبيل استفتاء الاستقلال الاسكتلندي المقبل في 2020.

من المفارقات المضحكة، أن الحكومة البريطانية كانت تهدد اسكتلندا في 2014، عام الاستفتاء الفاشل، بحرمانها إذا نجح الانفصال، من امتيازات الانتماء للاتحاد الأوروبي. والآن نيكولا ستورجن تريد الاستفتاء للبقاء في الاتحاد الأوروبي.

خيّب جيرمي كوربين زعيم حزب العمال، آمال نيكولا ستورجن، وأحبط استعجالها السياسي، الطفولي، وقال: "إذا فاز حزب العمال، فإن استفتاء الاستقلال الاسكتلندي المقبل في 2020، ليس ضرورياً ولا مرغوباً فيه".

اشتكى كثير من المشرعين البريطانيين الذين تقدموا باستقالات في الحزبين الرئيسيين، المحافظين والعمال، من الأجواء السامة في السياسة البريطانية عموماً.

التهديدات بالقتل تصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل تطال أحياناً رسائل التهديد، أقارب المشرعين، رغم إعلان البعض منهم عدم ترشحه في الانتخابات المقبلة.