الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الجمعة 8 نوفمبر 2019 / 11:12

معركة وشيكة بين ترامب وبوتين حول نفط سوريا

يرى تسيفي بارئيل، محلل شؤون الشرق الأوسط لدى صحيفة "هآرتس"، أن قرار الرئيس الأمريكي إبقاء قوات لحراسة حقول النفط السورية قد أغضب روسيا التي تعتبر تلك الحقول بمثابة غنيمة حرب هي أجدر بالاستيلاء عليها.

نظام الأسد أنتج ما بين 1.6-1.4 مليون برميل يومياً قبل عام 2004، ولكن عائدات 380,000 برميل فقط تذهب إلى الخزينة السورية

وفي سبتمبر( أيلول) أعرب ترامب، أمام حشد من مناصريه في ولاية ميسيسيبي، عن رغبته بإعادة قوات أمريكية من سوريا، ولكنه قال إن الولايات المتحدة تواجدت هناك من أجل حماية حقول النفط السورية. وقال: "أحب النفط"، وكان يشير لحقول في شمال شرق سوريا سيطرت عليها، حتى وقت قريب، قوات متمردة كردية. ومن أجل تلك الحقول، قرر ترامب إبقاء بعض الوحدات التي بدأت الانسحاب من سوريا.

تحذير أمريكي
ويشير الكاتب إلى اتهام روسيا الولايات المتحدة بممارسة نشاط غير قانوني – سرقة ما قيمته ما بين 30 و40 مليون دولار شهرياً، وعلى اعتبار أنها أموال تعود، حسب موسكو، عن حق إلى النظام السوري.

وبدوره حذر وزير الدفاع الأمريكي، مايك اسبر، روسيا وسوريا من الاقتراب من تلك الحقول النفطية.

ويرى كاتب المقال أن أمريكا ليست بحاجة فعلياً لهذا النفط، لأنها تنتج بنفسها ما تحتاجه. ولكن إبقاء السيطرة على حقول في منطقتي دير الزور والحسكة يمنح الولايات المتحدة مبرراً لإبقاء بعض قواتها في سوريا. وفي ضوء انتقادات شديدة طاولت قرار ترامب بالانسحاب من هذا البلد، قد يؤدي فعلياً حبه للنفط لتعزيز الوجود الأمريكي في المنطقة.

مستقبل مجهول
ويلفت الكاتب إلى ما صرح به ترامب بشأن دراسته بشأن صفقة مع شركة إكسون موبايل، يسمح بموجبها للشركة بإدارة تلك الحقول. ولكن من اللافت معرفة من هو المدير التنفيذي لهذه الشركة الذي سيوافق على توقيع صفقة تتطلب الدخول إلى منطقة مستقبلها مجهولاً، وما زالت تدور حولها معارك. ولكن السبب العملي لاستمرار السيطرة الأمريكية على تلك الحقول يأتي من أجل تأمين مساعدة مادية للأكراد دون المس بالخزينة الأمريكية.

ضربة موجعة
وبحسب الكاتب، تمثل السيطرة الأمريكية على تلك الحقول ضربة اقتصادية موجعة بالنسبة لسوريا. ومع أن حجم البترول الذي انتجته سوريا قبل الحرب كان صغير نسبياً، فقد أظهرت سجلات سورية رسمية أنها أنتجت، في عام 1966، 600 ألف برميل يومياً. ولكن ذلك العدد تناقص حتى وصل إلى 300 ألف برميا عام 2011، وتوقف تماماً عند استيلاء داعش على المنطقة، وإنتاجه النفط لحسابه.

ويقدر احتياط النفط في سوريا بـ 2,5 مليار برميل، تشكل نسبة 0.14٪ من احتياطات العالم. لكن هذا الرقم غير صحيح وفق تحليل للدكتور سهيل الحمدان من الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية.

وأشار الحمدان، في لقاء مع موقع "عنب بلدي" السوري، لبيانات جمعها بشكل مستقل، استناداً لمصادر في وزارة الطاقة السورية، وتظهر بأن نظام الأسد أنتج ما بين 1.6-1.4 مليون برميل يومياً قبل عام 2004، ولكن عائدات 380,000 برميل فقط تذهب إلى الخزينة السورية. وأما الباقي فكان يذهب لأصحاب امتيازات مقربة من النظام وعائلة الأسد، الذين أصبحوا من أصحاب الملايين عبر بيع باقي النفط.

وفي عام 2011، صرح النظام عن إنتاج 150 ألف برميل يومياً، فيما بلغ إجمالي الاستهلاك المحلي 250 ألف برميل. وفي الممارسة العملية، أنتجت سوريا أكثر من 800 ألف برميل يومياً. وفي تلك الفترة، باع شركاء الأسد باقي النفط داخل سوريا أو إلى دول مجاورة، بأسعار مخفضة.

صورة مضللة
ونتيجة له، يرى كاتب المقال أن سوريا قد تقدم صورة مضللة لحلفائها الروس والإيرانيين، حيث تقول إنها في حاجة لائتمان من أجل شراء النفط، في حين استمرت في واقع الأمر في تصديره.

وعلى ما يبدو، لم تمر تلك الحيلة على روسيا وإيران اللتين انخرطتا في صراع مع نظام الأسد حول حق إنتاج النفط، ولربما تطوير حقول نفطية عند انتهاء الحرب.

وحسب الكاتب، كانت روسيا المستفيدة الرئيسية، وحصلت حسب مواقع سورية على معظم امتيازات إنتاج النفط، على عكس إيران التي لم تحصل على أية مكاسب مادية. وينطبق هذا الأمر على النفط وكذلك على قطاع الاتصالات الذي أرادت إيران الدخول إليه بشكل كبير.

وإذا صحت، ولو جزئياً، تقديرات حمدان، يتضح سبب غضب روسيا بعد سيطرة أمريكا على حقول النفط التي تعتبرها روسيا غنيمة حرب لها.

وفيما يواصل الأكراد الاستفادة بشكل غير مباشر من حقول النفط المحمية أمريكياً، يستعد السوريون من المقيمين ضمن مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية، لشتاء قارس ما يفرض عليهم البحث من جديد عن الحطب لتدفئة بيوتهم وطهي طعامهم.

ولكن برأي كاتب المقال، ليست تلك إلا نقطة في بحر الفقر والحاجة، في وقت تحصد طبقة من النخبة الجديدة في سوريا ثروات من خلال الحرب. وتستطيع الولايات المتحدة استخدام بعض عائدات النفط السوري لتمويل بعض احتياجات السوريين. ولكن ترامب يحب النفط ولذا لن يتخلى عنه بسهولة.