الكاتب الإنكليزي وليم شكسبير.(أرشيف)
الكاتب الإنكليزي وليم شكسبير.(أرشيف)
الأحد 10 نوفمبر 2019 / 20:19

عيد ميلاد كتاب

فكرة الذكرى السنوية للكتاب لم تكن من اقتراح مؤلف، ولو كانت كذلك لأصبحت مهزلة. ولذا آمل ألا تكون كذلك في المستقبل

التقاليد الثقافية تترسخ مع تعمق الثقافة وممارستها. وفي زمن العولمة والإعلام المفتوح تنتقل التقاليد بانتقال المعرفة. في حقل النشر والكتاب تحديداً أنتجت الثقافة ممارسات وأنشطة نفذت في المكان الذي نبعت منه، ثم ما لبثت أن صارت تقليداً عالمياً، ومنها ما يسمى بحفلات توقيع الكتب التي دخلت الثقافة العربية، وصارت برنامجاً ثابتاً على أجندة معارض الكتب، وحلماً يداعب قلوب مبتدئي الكتابة وعقول محترفيها.

معرض الشارقة للكتاب أضاف في ملف تميزه تسجيل رقم في موسوعة غينس بأكبر حفل توقيع كتب في العالم، وبصرف النظر عن توافق هذه الفعالية مع البوروتوكول العالمي لحفلات التوقيع، فإنه اجتهاد قابل للنظر فيه ومعالجته. وعلى كل حال يستحق الإشادة كما استحق الريادة.

ثمة تقليد آخر بدأ يشيع في عالم الكتب، وأرجو بحق ألا يتحول إلى طقس مجتمعي، لأنه سيسطح الثقافة. إنه ذكرى صدور كتاب. أي أنه أشبه ما يكون بعيد الميلاد والذكرى السنوية للزواج. وكما أن حفلة توقيع الكتاب لم تكن بنتاً شرعية من بنات أفكار الكاتب، وإنما أتى بها ناشر تاجر شاطر، فإن فكرة الذكرى السنوية للكتاب لم تكن من اقتراح مؤلف، ولو كانت كذلك لأصبحت مهزلة. ولذا آمل ألا تكون كذلك في المستقبل.

ورغم أن النتاج الأدبي أبقى من مؤلفه. إلا أن الاحتفال به محدود، فنسمع كثيراً عن مئوية شاعر أو كاتب. وتختلف المئوية بين من يؤرخ لها بولادة المحتفى به، وبين من يؤرخ لها بوفاته. حيث نجد أن أعظم كاتبين كرما تكريماً متصلاً بمجال عملهما وإبداعهما. فالكاتب الإنجليزي وليم شكسبير كرم بأن اختير يوم وفاته يوماً عالمياً للكتاب وحقوق المؤلف، والكاتب الدنماركي كريستيان هانز أندرسن كرم بأن اختير يوم ولادته يوماً عالمياً لكتب الأطفال.

لقد كان من النادر أن يحتفى بذكرى كتاب ما رغم أهميته. لكن هذا الأمر بدأ في الشيوع وفي طريقه لأن يصبح تقليداً ثقافيا. إذ أن أرباب حرفة الكتب لم يكتفوا بالاحتفاء بالطبعات المتلاحقة لكتابهم والافتخار بذلك، والتكاثر بعدد النسخ المطبوعة، وتسجيل ذلك على غلاف الكتاب لناحية ترويجية، بل عمدوا للاستفادة من الإرث الثقافي الذي تركه الكتاب بالاحتفاء بمرور خمسين عاماً أو مئة عام على تأليفه.

نقبل هذا الأمر للأعمال الخالدة، لكن أرجوكم خذوا على يد المطبلين والتجار والنرجسيين حتى لا نرى أحدهم يحتفل بعيد ميلاد كتابه سنوياً!!