الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعرض خريطة "المنطقة الآمنة" في سوريا
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعرض خريطة "المنطقة الآمنة" في سوريا
الإثنين 11 نوفمبر 2019 / 17:36

أردوغان يعيد رسم خريطة سوريا الديموغرافية

24- زياد الأشقر

تناول الباحث نيك آشدون في مقال كتبه في موقع مجلة "فورين بوليسي" التبعات التي ستترتب على الغزو السوري لشرق الفرات في سوريا وما سيليه من إعادة رسم للخرائط الديمغرافية في الشرق الأوسط، فقال إن واحداً من بين الأسباب التي أطلقت حملة تنديد واسعة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان هي خطته المتعلقة بطرد اللاجئين السوريين الذين يقيمون في بلاده وإعادة توطنيهم في المنطقة الآمنة التي يعتزم إنشاءها على طول حدوده مع شمال شرق سوريا.

أردوغان يستخدم منذ زمن الهندسات الديموغرافية كأداة سياسية، وهو هدد باستعمال لاجئي الشرق الأوسط كسلاح ضد أوروبا، مكرراً تحذيره ب"فتح الأبواب" وإغراق أوروبا باللاجئين

 وكان أردوغان أعلن أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 24 سبتمبر (أيلول)، عزمه على إعادة توطين ما بين مليون ومليونين لاجئ سوري يقيمون في تركيا الآن، في المنطقة الآمنة.

الشريط الحدودي
ولفت الكاتب إلى أن العقبات أمام تنفيذ هذا الاقتراح متعددة، لكن المشاكل السياسية الأكبر هي تاريخية. وقال: "في الأهداف العملية، أدى الغزو التركي وما تبعه من اتفاق مع روسيا في أكتوبر (تشرين الأول)، إلى سيطرة أنقرة على شريط من الأراضي السورية يمتد 75 ميلاً من مدينة تل أبيض إلى مدينة رأس العين، مع تسيير دوريات تركية-روسية في عمق ستة كيلومترات جنوباً، ومع مصادقة الولايات المتحدة على قيام منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً من الحدود التركية. وهذا يقل كثيراً عن الشريط الذي كان يعتزم أردوغان إقامته في الأصل بعمق 20 ميلاً وعرض 300 ميل.


وأضاف أن أردوغان كرر في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) تصميمه على تنفيذ خطته. لكن تركيا تسيطر الآن فقط على مساحة تبلغ 400 ميل مربع. وهي منطقة مهجورة ويشك معظم المحللين في أن يتمكن أردوغان من أن تكون مناسبة لسكن اللاجئين. وقال ريان غينجيراس الباحث التركي في قسم الشؤون الأمنية القومية في مدرسة الدراسات العليا البحرية إن "عملية توطين ملايين اللاجئين في ممر ضيق سيكون طموحاً جداً، ولا أتصور كيف ستقدر تركيا على ذلك".

إعادة التوطين
وأشار الكاتب إلى ثمة عقبة أخرى تتمثل في أن معظم اللاجئين الذين سيعاد توطنيهم هم من العرب السنة من حلب وإدلب- منطقتين بعيدتين إلى الغرب عن المنطقة الآمنة، حيث السكان هم من العرب والأكراد والمسيحيين. ويتهم الكثيرون تركيا بمحاولة ترتيب هندسة ديموغرافية للمنطقة بحيث تقلل من حضور الأكراد ومؤيدي حزب الاتحاد الوطني الكردي، الذي تعتبره أنقرة عدواً لها.

الهندسة الديموغرافية     
ورأى أن أردوغان يستخدم منذ زمن الهندسات الديموغرافية كأداة سياسية، وهو هدد باستعمال لاجئي الشرق الأوسط كسلاح ضد أوروبا، مكرراً تحذيره ب"فتح الأبواب" وإغراق أوروبا باللاجئين السوريين المقيمين في تركيا الآن. كما أنه يعبر عن رأيه في أي جزء من الشعب السوري من المناسب إعادة توطنيه في المنطقة الآمنة. وقال لصحافيين خلال مقابلة معه في 24 أكتوبر إن "العرب هم المناسبون لهذه المنطقة"، مشيراً إلى أنها منطقة لا تناسب الأكراد لأنها منطقة صحراوية.

وذكّر بأن الرئيس التركي كان موضع اتهام بالتخطيط لتطهير عرقي، ومن بين هؤلاء المندوبة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة سامنتا باور، بعدما فر نحو 300 ألف سوري معظمهم من الأكراد من امام القوات التركية في شمال سوريا. واستناداً إلى الأمم المتحدة فإن 170 ألف كردي سوري تم تهجيرهم من عفرين التي سيطرت عليها القوات التركية في مارس 2018.

    
وقالت المحللة في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة التي عادت مؤخراً من رحلة إلى شمال سوريا إن "هناك الكثير من الخوف في شأن عن خطة (إعادة التوطين)، وذلك لسبب رئيسي وهو أن السكان المحليين يعتقدون أن اللاجئين الذين سيعاد توطنيهم هم من العرب وبأنه سيصار إلى إسكانهم في بلدات ذات غالبية كردية، ولذلك يعتقدون أن المنطقة ستتغير ديموغرافياً".

هزائم انتخابية
وعلى رغم أن خليفة قالت إنه من المستحيل تصور نقل أعداد كبيرة من اللاجئين إلى المنطقة الآمنة، فإنها لم تستبعد نقل بعض اللاجئين إليها كي يتمكن أردوغان من تسويق هذا الأمر محلياً. وقد تعرض حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لهزائم في الانتخابات المحلية في يونيو(حزيران)، بسبب استضافة تركيا هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين. واستناداً إلى منظمة العفو الدولية، فإن تركيا تجبر واحياناً بالقوة لاجئين سوريين على العودة إلى إدلب، التي تعتبر من أخطر المناطق في سوريا، وهي عملية مخالفة للقانون الدولي.