مظاهرات أمام المصرف المركزي في لبنان (أرشيف)
مظاهرات أمام المصرف المركزي في لبنان (أرشيف)
الإثنين 11 نوفمبر 2019 / 22:20

السلطات اللبنانية تلتف على مطالب المتظاهرين

تتبع السلطات اللبنانية سياسة الهروب إلى الأمام بمواجهة مطالب الحراك الشعبي غير المسبوق ضدها، والذي تواصل اليوم الإثنين لليوم الـ 26 على التوالي على وقع أزمة سياسية واقتصادية خانقة.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لإضراب عام غداً الثلاثاء وقطع الطرق، في وقت أرجأ رئيس البرلمان نبيه بري جلسة تشريعية كانت مقررة غداً بسبب الوضع الأمني المضطرب، إثر انتقادات واسعة لإدراج مشروع قانون معجل مكرر حول العفو العام على جدول أعمالها.

وفي محاولة لطمأنة مخاوف اللبنانيين في ظل أزمة السيولة الحادة في البلاد وشح الدولار، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مؤتمر صحافي أولوية الحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية وحماية أموال المودعين في المصارف.

وتظاهر مئات الطلاب في مناطق عدة، خصوصاً في مدينة عالية شرق بيروت والكسليك شمالها، كما نفذ مواطنون اعتصاماً عند مدخل مطار بيروت الدولي، وسط انتشار للقوى الأمنية وزحمة سير خانقة.



وفي وسط بيروت، قال محمد (51 عاماً) وهو عاطل عن العمل "وصلنا اليوم إلى مرحلة لا رجوع عنها، فطلاب المدارس اليافعون هم من سيقررون مصير هذه الثورة"، وأضاف "سرقوا (الزعماء) من عمرنا 30 عاماً ولكن لن يتمكنوا من سرقة ثانية واحدة من أعمار جيل الشباب".

وتجمع عشرات الشبان مساء اليوم أمام مؤسسة كهرباء لبنان، القطاع الذي يعد من أبرز مكامن الهدر وكلّف خزينة الدولة العام الماضي 1.8 مليار دولار، وفق وزارة المالية.

ويشهد لبنان تظاهرات غير مسبوقة منذ 17 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، شارك فيها مئات آلاف اللبنانيين الناقمين على الطبقة السياسية، ويشكو هؤلاء من الفساد المستشري وسوء الخدمات العامة وترهل البنى التحتية وفشل الحكومات المتعاقبة في حل الأزمات الاقتصادية.

وأثارت جلسة تشريعية لمجلس النواب كانت مقررة يوم غد قبل أن يتم تأجيلها لأسبوع انتقادات من قبل متظاهرين ومجموعات حقوقية حملت على جدول أعمالها الذي لم يتم نشره رسمياً، وكان النائب ياسين جابر، عضو كتلة التنمية والتحرير التي يرئسها بري، تقدم باقتراح قانون معجل مكرر يتعلّق بمنح العفو العام عن عدد من الجرائم.



ورأى متظاهرون في مشروع القانون "التفافاً" على مطالب المتظاهرين بالإصلاح، ومحاولة لتحقيق مكاسب سياسية واستمالة فئات معينة تستفيد منه، خصوصاً في طرابلس شمالاً حيث مئات الموقوفين الإسلاميين، وفي منطقة البقاع، حيث آلاف المطلوبين بتهم زراعة الحشيشة وترويج المخدرات وتعاطيها.

وبحسب المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية، يشمل العفو جرائم استغلال النفوذ والوظيفة والإهمال وتبديد الأموال العامة والجرائم البيئية، وقال الطالب الجامعي محمد بنات (23 عاماً) من وسط بيروت "نؤيد العفو عن الأبرياء المظلومين، ولكن ضد العفو العام عمن يحمي الفساد ويلتف على مصالح الشعب".

وبرر رئيس البرلمان في أول كلمة رسمية له منذ بدء الاحتجاجات تأجيل الجلسة، محتفظاً بجدول الأعمال ذاته، بالوضع الأمني المضطرب، وقال إن "الضجة المفتعلة ليست بسبب اقتراح قانون العفو إنما تهدف لإبقاء الفراغ السياسي القائم حالياُ، هذا أولاً، وثانياً هي ليست من مصلحة مخططي الفراغ هؤلاء".

وفي ساحة النور في مدينة طرابلس شمالاً، اعتبر بلال حسين (33 عاماً) أن تأجيل الجلسة من حيث الشكل، انتصار للثورة والناس على الأرض لأنها منعت رئيس البرلمان والسلطة السياسية من إقرار قانون يرفضه الناس، وتابع "كان هذا أول اعتراف من رئيس البرلمان بأن ما بعد 17 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي ليس كما قبله"، مؤكداً أن المطلوب تحديد موعد للاستشارات النيابية لتشكيل حكومة جديدة.



وتحت ضغط الشارع، قدّم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالة حكومته في 29 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، من دون أن يبادر الرئيس اللبناني ميشال عون حتى اللحظة إلى تحديد موعد لبدء الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة جديدة.

وتجري اتصالات في الكواليس من أجل التوافق على صيغة الحكومة المقبلة، التي يطالب غالبية المتظاهرين أن تضم وجوهاً جديدة من الاختصاصيين والمستقلين عن أحزاب السلطة.

وقال الأمين العام لميليشيا حزب الله حسن نصرالله في كلمة متلفزة خلال احتفال حزبي اليوم إن "المفاوضات مستمرة"، واعتبر أن هناك فرصة تاريخية أمام القضاء ليلعب دوره في المحاسبة في ظل إجماع اللبنانيين على مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المسروقة.

وتسبّبت الإضرابات بشلل عام في البلاد شمل إغلاق المصارف أبوابها لأسبوعين، وبعد إعادة فتحها الأسبوع الماضي، فرضت قيوداً إضافية على السحب بالليرة والدولار في آن معاً، ولم يعد بإمكان المواطنين الحصول على الدولار من الصراف الآلي، بينما يطلب منهم تسديد بعض مدفوعاتهم من قروض وفواتير بالدولار، كما فرضت المصارف عمولة على المبالغ التي يسحبها المودعون من حساباتهم الموجودة أساساً بالدولار.



وأكد حاكم مصرف لبنان أنه طلب من كافة المصارف أن تعيد النظر بإجراءات اتخذتها منذ انطلاق الاحتجاجات، بما في ذلك السماح للبنانيين بتسديد الأقساط المترتبة عليهم أساساً بالدولار، عبر الليرة اللبنانية، وطمأن أن الودائع محمية.

وسمح المصرف المركزي للمصارف، وفق سلامة، باستلاف الدولار من مصرف لبنان بفائدة 20% لتلبية حاجتهم من السيولة بالدولار، على أن تكون غير قابلة للتحويل إلى الخارج، ولم تخفف تطميناته من نقمة المتظاهرين.

وقال بلال "الناس شبعت من الكلام وتريد أفعالاً وتريد أن يكون لديها إمكانية الوصول إلى جنى عمرها، بعد فرض المصارف قيوداً مشددة على عمليات السحب"، وبينما كان سلامة يعقد مؤتمره الصحافي، قطع متظاهرون الطريق أمام المصرف المركزي، وقالت أماني جحا "لدينا منظومتان، مصرفية ومحاصصة طائفية، والاثنتنان تتفقان مع بعض".