الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 / 18:20

فورين أفيرز: فرص السلام في اليمن باتت ممكنة

تطرق الكاتبان أيبريل ألاي وبيتر سالزبوري في مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية إلى ازدياد احتمالات السلام في اليمن مؤخراً، مذكرين بأنه منذ أقل من شهرين، هددت الحرب الأهلية اليمنية بالتمدد إلى الشرق الأوسط الأوسع.

السلام قد لا يكون قريباً لكنّ فرصه هي الأفضل بالمقارنة مع السنوات الخمس الماضية داعيين إلى وجوب عدم تفويت الفرصة الحالية

فقد أثار هجوم تبناه الحوثيون على منشآت أرامكو تهديدات برد سعودي وأمريكي ضد إيران. وبدا أن سفك المزيد من الدماء أمر لا مفر منه. لكن في تحول غير متوقع للأحداث، يظهر أنّ التصعيد فتح مساراً للسلام.

احتمالان

في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وقّع أبرز المتنافسين داخل التحالف المناهض للحوثيين، أي حكومة عبد ربه هادي منصور المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي، اتفاقاً لتقاسم السلطة عُرف باسم اتفاق الرياض. أوقف الحوثيون جميع الهجمات ضد السعودية وتتم حالياً مناقشة مبادرة لخفض التصعيد بين السعودية والحوثيين. إذا نجح اتفاق الرياض والمبادرة السعودية-الحوثية سيكون الوسطاء الأمميون قادرين على مزجهما في مسار تفاوضي واحد ويمكن أن يكون هنالك تسوية سياسية وطنية.

ستتطلب التسوية في اليمن تخفيض حجم التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية وسد الثغرات بين العديد من الفصائل المختلفة والمسلحة في الدولة. ومن المحتمل بشكل كامل أن تتوقف المفاوضات الحالية أو تنهار. إذا حصل ذلك، فسيتعمق النزاع ويتوسع على الأرجح. 

شكوك إماراتية في حزب الإصلاح
دخل اليمن حرباً أهلية سنة 2014 حين سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء مجبرين حكومة هادي على الانسحاب إلى عدن ثم إلى الرياض في العام التالي. رأت السعودية الحوثيين كمشروع إيراني وقادت تدخلاً عسكرياً إقليمياً لدحرهم. لكنّ النزاع اتّخذ سريعاً أبعاداً محلية وإقليمية. ساعد السعوديون قوات يمينة فتوحدت نظرياً لكن عملياً تصرف أعضاؤها بشكل مستقل واتبعت غالباً أهدافاً متناقضة.

 في هذا الوقت، وافقت السعودية والإمارات على أنّ الرياض ستعمل مع حلفائها في شمال اليمن لقتال الحوثيين بينما ستبني أبوظبي التي ساعدت سلفاً مقاتلين يمنيين بدحر الحوثيين عن عدن، قوات جديدة في الجنوب. لكنّ الإماراتيين لم يعملوا مع حزب الإصلاح الإخواني الذي يشكل جزءاً من تحالف هادي. عوضاً عن ذلك، عملوا مع المجلس الانتقالي المناهض للإخوان وقد وصف هؤلاء أعضاء الإصلاح على أنهم "محتلون" شماليون كما الحوثيون.

فوز مزدوج
صوّب المجلس الانتقالي أسلحته في أغسطس ضد القوات الموالية لهادي فطردها من عدن. وأدى هذا الشرخ إلى إعطاء الحوثيين الأفضلية وبرز احتمال إهراق المزيد من الدماء. لكن حرصاً على تفادي حدوث شرخ في الجبهة المناهضة للحوثيين، دفعت السعودية المجلس الانتقالي وحكومة هادي إلى اتفاق على توزيع السلطة. إذا صمد الاتفاق فلن يجنّب المزيد من الصراع داخل الجبهة المناهضة للحوثيين وحسب بل سيؤسس حكومة يمنية أكثر تمثيلاً وقدرة على الذهاب باتجاه اتفاق سلام وطني. تحسنت العلاقات بين الحوثيين والسعوديين أيضاً.

وأثار هجوم أرامكو قلقاً لدى البراغماتيين بين الحوثيين الذين كانوا حذرين من أن يتم جرهم إلى حرب إقليمية إلى جانب طهران. وفي 20 سبتمبر (أيلول) أعلن الحوثيون وقفاً أحادياً لهجوم المسيّرات والصواريخ ضد السعودية مطالبين إياها أيضاً بتعليق غاراتها وتخفيف القيود على الصادرات إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن. ردت الرياض بإيجابية موقفة هجماتها وسهلت واردات النفط كما أعادت فتح قنوات الحوار الخلفية والتي تحولت إلى محادثات مباشرة وفقاً لتقارير.

الرؤية السعودية والسيناريو الأفضل
قد تكون السعودية في طور ضمان ألا يصبح اليمن نقطة أكثر قابلية للانفجار على حدودها الجنوبية. ويبدو أنّ السعوديين خلصوا إلى أنه حتى ولو لم يكونوا قادرين على هزيمة الحوثيين عسكرياً، ينبغي أن يخلقوا شرخاً بين الثوار وداعمهم الإيراني عبر حوافز مالية وسياسية. للفوز، سيحتاجون لكسب أو على الأقل لتقليل نفوذ الحوثيين المتشددين وتعزيز قوة الحوثيين البراغماتيين عبر تقليص العنف وتقديم مكاسب اقتصادية.

على الأرجح، تأثرت مصلحة السعودية في إعادة إحياء الحوار مع الحوثيين بقرار الإمارات التخفيف من أعداد قواتها في اليمن بعدما رأت أن لا سبب بارزاً يدعو لمواصلة الحرب بعد التوصل إلى اتفاق سلام برعاية الأمم المتحدة والذي أوقف تقدمها في ميناء الحديدة. والسعودية اليوم في مسار الإمساك بإمرة التحالف في عدن مرسلة عدداً كبيراً من القوات البرية إلى الجنوب.

في هكذا سيناريو، يوافق المجلس الانتقالي وحكومة هادي على اتفاق الرياض فيما يضفي السعوديون والحوثيون الطابع الرسمي على مسار خفض التصعيد ويوافقون على تحجيم النفوذ الإيراني. ستعزز الخطوتان موقف الحوثيين البراغماتيين وتطمئن السعودية إلى أنه يمكنها دعم مسار سلام في اليمن من دون تعريض مصالحها للخطر. وستتوسط الأمم المتحدة بدعم إقليمي عموماً وسعودي خصوصاً الحوار بين حكومة هادي الأكثر تمثيلاً والحوثيين.

عراقيل
أضاف الكاتبان أنّ الطريق لا تزال طويلة للوصول إلى السلام وأنّ احتمالات التعثر قائمة، إذا أطلق الحوثيون مثلاً صواريخ على السعودية فأوقعت ضحايا مدنيين. يمكن هذه الحوادث أن تعيد إطلاق حلقة العنف. 

كذلك، لا تزال العدائية بين حكومة هادي والمجلس الجنوبي الانتقالي قائمة بقوة وأعرب مسؤولون من كلا الطرفين عن التشاؤم إزاء متانة الاتفاق. يريد المجلس الانتقالي جنوباً مستقلاً وسيحاول استخدام الاتفاق لتعزيز موقعه الداخلي وتمكين صورته الدولية. من جهتها، ستعمل حكومة هادي على إحباط طموحات المجلس السياسي وإضعاف قدراته العسكرية.

من ناحية أخرى، صوّر  كل من المجلس والحكومة الاتفاق على أنه انتصار لصالحه ولم يظهرا أي إرادة في التخلي عن سلطة حقيقية للآخر. وبالنظر إلى استمرار دعم الرياض لهادي، قد يظن بعض من في معسكره أنّ لديه اليد العليا، بالتالي، إذا شعرت حكومة هادي بالثقة المفرطة فقد تثير صراعاً متجدداً مع المجلس الجنوبي.

طريق طويلة لكنها تستحق التجربة
ويرى سالزبوري وألاي أنه حتى مع صمود اتفاق الرياض ومسار خفض التصعيد بين السعودية والحوثيين ستكون الطريق إلى السلام طويلة. غيرت خمس سنوات من القتال أجزاء كبيرة من النظام القديم والمشهد السياسي للبلاد. في بداية الحرب، كان الحوثيون والمجلس الانتقالي قوتين في طور البروز. اليوم، هما قطبا نفوذ. وحكومة هادي وحلفاؤها هم مركز قوة ثالث. سيعتمد الكثير على قدرة السعودية وعزمها على إدارة مسارين مختلفين من المفاوضات وعلى إقناع حكومة هادي بعقد سلام مع الحوثيين. لكن سيكون على اليمنيين تحديد النتيجة. وختم الكاتبان مقالهما عبر الإشارة إلى أنّ السلام قد لا يكون قريباً لكنّ فرصه هي الأفضل بالمقارنة مع السنوات الخمس الماضية داعيين إلى وجوب عدم تفويت الفرصة الحالية.