الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 / 13:52

سليماني يلعب بالنار في العراق

تحت عنوان مخاطر كبرى أمام حل طرحه قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العراق، كتب أمير طاهري، المدير التنفيذي السابق لصحيفة "كايهان" الإيرانية بين 1972 و 1979، وكاتب العمود في صحيفة الشرق الأوسط منذ 1978، في موقع "غيتستون" أن عامل بناء سابق من كيرمان في جنوب شرق إيران، كُلف منذ 20 عاماً بمهمة بناء امبراطورية أطلقتها إيران، في السنوات الأولى من القرن الجاري.

لا يستطيع سليماني معاملة العراق كما عامل لبنان وسوريا، لأن العراق يعتبر نفسه منافساً لإيران على الزعامة الإقليمية، ولدرجة أن مدينة النجف لا قم أو طهران، هي التي تهفو إليها قلوب شيعة العراق

والرجل هو قاسم سليماني، القائد المفضل لدى المرشد الإيراني علي خامنئي.

ويقول كاتب المقال، إن سليماني هو أحد 13 ضابطاً فقط، وصلوا إلى مرتبة لواء، أعلى رتبة في الجيش الإيراني.

ويحظى سليماني بميزة إضافية، بقيادته لقوته العسكرية الخاصة، فيلق القدس، ولا يخضع لمساءلة أحد غير خامنئي. وعلاوة على ذلك وعندما يتعلق الأمر بميزانية فيلقه، يحصل سليماني على شيكٍ على بياض.

استثمارات هائلة
وحسب إدارة الجمارك الإيرانية، يدير فيلق القدس أيضاً 12 رصيفاً في إثنين من أكبر موانئ إيران للتصدير والاستيراد، ولا تتوفر أي بيانات أو سجلات رسمية عتها. ومع أن الحصول على الجنسية الإيرانية من أصعب أشكال المعاناة البيروقراطية في العالم، إذ يقيم ملايين العراقيين، والأفغان، والأذريين اللاجئين في العراق منذ سنوات دون الحصول على الجنسية، فإن إيماءة من سليماني أو أحد مساعديه، كافية لتوفير جواز سفر إيراني لوكلائه أو مرتزقته اللبنانيين، أو العراقيين، أوالباكستانيين، والبحرينيين، والأفغان.

وحسب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، أدار سليماني مكتبه الخاص في وزارة الخارجية، وعين سفراء إيران في العراق وسوريا، ولبنان، والأردن، واليمن، وأفغانستان. وحتى وقت قريب، كان هذا الرجل يستطيع تبرير استثمارات وظفها في بناء امبراطوريته باعتبارها إنجازات. ولذلك كتب آية الله علي يونسي: "بفضل الجنرال سليماني، نسيطر اليوم على أربعة عواصم عربية، بيروت، ودمشق، وبغداد، وصنعاء".

نسخة عصرية
ومما يثير السخرية، في رأي الكاتب، ترديد الصحافة الغربية صدى ما تقوله البروباغندا الإيرانية الرسمية التي تصور سليماني نسخةً عصرية من رجال من أصول متواضعة، ارتقوا سلم السلطة في فرنسا، وتولوا مناصب رفيعة في عهد نابليون بونابرت.

وفي هذا الإطار، تقول الدعاية الإيرانية إنه ربما يصح إطلاق لقب "ملك لبنان" على سليماني كما كان الماريشال بيرنادوت ملكاً للنرويج، والسويد.

ويرى طاهري أنه لو صدقت وسائل الإعلام في طهران، فإن سليماني هزم الجيش الإسرائيلي في ،2006، وسحق خصوم الرئيس السوري بشار الأسد، وفكك ما يسمى "خلافة داعش" في العراق وسوريا وشكل حكومات مستقرة في بيروت، ودمشق، وبغداد.

شكوك
ولكن، حسب كاتب المقال، ما يجري حالياً من احتجاجات في لبنان والعراق، ناهيك عن تهميش مذل لإيران في سوريا، يثير الشكوك في تلك الرواية الرسمية عن سليماني.

ويتضح، حسب الكاتب على الأقل، أن سليماني لم يحقق شيئاً في سوريا سوى المساعدة في إطالة أمد مأساة أودت فعلياً بحياة قرابة مليون شخص، وخلفت ملايين اللاجئين. وبغض النظر عما ستكون عليه خاتمة هذه المأساة، لن يعكس مستقبل سوريا أوهام سليماني، أو سيده خامنئي.

من جانب آخر، يرجح الكاتب، أن تتحول ميليشيات سليماني في لبنان، رغم سيطرتها على السلاح هناك، إلى  دفاع عن النفس. وبمعنى آخر، هُزمت إيران فعلياً في لبنان وسوريا. ورغم تقويض تلك الهزائم لأسطورة الخمينية الذي لا يهزم، فإنه يمكن استيعابها لأنها لن تهدد مباشرة مصالح إيران الدولة.

وضع مختلف

أما الوضع في العراق فهو مختلف، حسب الكاتب. ويرجع ذلك لامتلاك العراق أطول حدود مع إيران تصل إلى 1599 كيلومتراً، ما يشكل هواجس قومية وأمنية كبرى.

كما يعد العراق موطناً لثالث أكبر جالية شيعية بعد إيران، والهند. وتربط بين قبائل عربية وإيرانية علاقات قرب،ى وصداقة على جانبي الحدود.

كما يوفر الأكراد على جانبي الحدود رابطة بشرية أخرى بين إيران، والعراق. ويتشارك البلدان الجاران احتياطيات من النفط وأنهاراً، وفي منطقة شط العرب، خوراً خصباً لكليهما.

وإلى ذلك، لا يستطيع سليماني معاملة العراق كما عامل لبنان وسوريا، لأن العراق يعتبر نفسه منافساً لإيران على الزعامة الإقليمية، إلى درجة أن مدينة النجف لا قم أو طهران، هي التي تهفو إليها قلوب شيعة العراق.

وبالعودة للضجيج الصادر عن حاشية سليماني والمدافعين عنه في وسائل الإعلام الرسمية، يلفت الكاتب لاحتمال أن يكون الجنرال عازماً على تطبيق الحل السوري، في العراق. لكنه لو سار في هذا المسار، فإن مآله سيكون الفشل. والأسوأ من ذلك، ربما يسبب خطراً كبيراً على الأمن القومي في إيران، لأن إشعال حريق في بيت الجار خطوة لا تخلو من المخاطر.