الأربعاء 13 نوفمبر 2019 / 12:31

إسرائيل وإيران نحو مواجهة حتمية؟

يحذر خبراء من توجه إسرائيل إلى مواجهة مع إيران بسبب تسريعها تطوير برنامجها النووي وزيادة أنشطتها ونفوذها في سوريا، ولبنان، والعراق.

عدم قبول إسرائيل لأن تكون إيران قوة نووية مسلحة، إلى جانب قرار طهران استئناف تخصيب اليورانيوم يوحي بأن البلدين هما على الأرجح في طريقهما إلى المواجهة

ويتحدث الصحافي جاك نورتن في تقرير بموقع المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية، عن ارتياب إسرائيل في حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة، وفي مدى الاعتماد عليها، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته من شمال شرق سوريا، والاخفاق في الرد على إسقاط طائرة أمريكية دون طيار، إلى جانب الضربات الإيرانية لمنشآت النفط السعودية في سبتمبر(أيلول) الماضي.

السياسة الخارجية الأمريكية
ويرى حاييم تومر، المسؤول السابق في الموساد الإسرائيلي، أن السياسة الأمريكية في المنطقة، تغيرت بشكل كبير في فترة زمنية قصيرة.

ويقول تومر: "يشهد العالم تغيراً كبيراً في السياسة الخارجية الأمريكية، ويعني ذلك على الأقل أن على إسرائيل أن تدرس بعناية فائقة دور الولايات المتحدة في الاحتكاكات والمواجهات المستقبلية في المنطقة".

وحسب هذا التقرير تتمحور المناقشات في تل أبيب حول مدى إمكانية الاعتماد على الولايات المتحدة في ظل رئاسة الرئيس ترامب باعتبارها حليفاً رئيسياً لإسرائيل، خاصةً لأن النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها في موقف أضعف، أسفر عن تعزيز مكانة روسيا في الشرق الأوسط، وربما يشجع إيران على جرأة أكبر.

نفوذ روسيا لا يهدد إسرائيل
ويصف تومر أن "توازن الردع" في المنطقة تحول، وفي الوقت نفسه سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتحرك لملء الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة، إذ تدرك روسيا جيداً أن ترامب لم يعد لاعباً في الشرق الأوسط، ولذلك تضاعف روسيا جهودها لترسيخ موقعه في سوريا.

ومع ذلك، لا يعتبر التقرير أن روسيا تشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل حتى مع امتداد نفوذها في المنطقة. ويصف تومر بوتين بـ "لاعب بارد للغاية يهدف إلى وضع روسيا في صدارة اللاعبين الأجانب في المنطقة، وهو بالفعل يقترب جداً من تحقيق هدفه".

ولكن مدى اعتماد إسرائيل على انضمام الولايات المتحدة إليها في أي ضربات انتقامية إذا تعرضت إسرائيل للهجوم من قبل إيران، بات الآن موضع تساؤل، حسب تومر الذي شدد على أن إسرائيل ألا تفترض أن الإيرانيين سيُردعون لأن الولايات المتحدة ستنتقم منهم، وليس فقط إسرائيل، إذا وجهوا ضربات ضد الأخيرة.

تصدع الاتفاق النووي
ويلفت التقرير إلى أن نفوذ إيران على حزب الله في لبنان، واحتمال شن هجمات ضد إسرائيل من الأمور القائمة طوال الوقت، ولكن القضية الأكبر لإسرائيل تتمثل في رغبة إيران في تطوير قدراتها النووية.

وقررت الحكومة الإيرانية الآن استئناف تخصيب اليورانيوم، وربما يدعم ذلك وجهة نظر تومر بأن قلق طهران من رد فعل الولايات المتحدة وإسرائيل من تطوير قدراتها النووية قد يشكل عائقاً في سبيل تقدمها حتى الآن.

ويورد التقرير أن تطور الموقف الإيراني يشكل تصدعاً آخر للاتفاق النووي في 2015 الذي يقضي بخفض المخزونات الإيرانية لليورانيوم المُخصب.

وتعتبر إميلي لانداو، الخبيرة في الحد من التسلح والأمن الإقليمي بالمعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، أن صفقة النووي كانت معيبة للغاية منذ البداية، وليس بسبب التطورات الأخيرة في إيران والانتقادات الموجهة للرئيس ترامب لانسحابه من الصفقة، إذ تنطوي الصفقة على عيوب كثيرة لها تداعيات خطيرة، لن تمنع بالتأكيد إيران من أن تصبح دولة نووية، بل كانت الصفقة تؤخر هذا الاحتمال فحسب في أفضل السيناريوهات.

وتقول لانداو: "لم تف إيران بالتزاماتها الواردة في الاتفاق النووي على أي حال، ولكنها لا تسعى إلى الانسحاب من الصفقة لأنها أفضل ما يمكنها الحصول عليه، وعلى الأرجح فإن أي مفاوضات أخرى ستعني اضطرار إيران لتقديم تنازلات تفضل تجنبها".

صفقة جديدة
وتضيف لانداو، أن "مثل هذه العوامل يؤكد الحاجة إلى صفقة جديدة، وبينما كانت استراتيجية ترامب لفرض الضغط الأقصى هي الطريقة الوحيدة لإجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات، فإن ترامب قوض هذه الخطة بإظهار حرصه على مقابلة الرئيس الإيراني حسن روحاني في الأمم المتحدة والإشارة إلى إمكانية دعم خطة فرنسية لقرض بقيمة 15 مليار دولار لإعادة إيران إلى صفقة النووي".

وتنوه لاندوا إلى أن ثمة عاملين رئيسيين من شأنهما أن يساعدا في ضمان منع إيران من تطوير قدراتها النووية، أولهما الاعتراف بأنها صفقة صعبة للغاية، وثانيهما أنه لا حلاً يصمن فوز كلا الجانبين، ويعني ذلك أنه إما أن يكون الإيرانيون في الموقف الأقوى، أو الطرف الآخر.

ولكن الأكثر أهمية من ذلك في رأي لاندوا هو غياب "التهديد العسكري الموثوق" لتدفع إيران كلفة الاستمرار في مواصلة تطوير برنامجها النووي، إضافةً إلى تجديد التزام مجموعة الدول 5+1، الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا، بموقف موحد.

التصعيد بين إسرائيل وإيران

وتشير التقديرات إلى أن إيران تحتاج إلى ما بين عامين وخمسة أعوام لتطوير قدرة نووية عسكرية، ولكن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو،  أكد أن إسرائيل لن تقبل مثل هذا الأمر.

ويخلص التقرير إلى أن رفض إسرائيل أن تكون إيران قوة نووية مسلحة، وقرار طهران استئناف تخصيب اليورانيوم يرجحان اقتراب البلدين من المواجهة، رغم أنهما لا يرغبان في الصدام، ويُنهي التقرير بالقول: "إنها ليست مشكلة إسرائيلية إيرانية ولكنها إشكالية دولية، على القوى العالمية المساعدة في معالجتها".