الأربعاء 13 نوفمبر 2019 / 16:38

قتل وخطف وتعذيب...ظلال صدام تعود إلى العراق

ترى بيشا ماجد، الصحافية المستقلة لدى موقع "فورين بوليسي"، أن الحكومة العراقية بالقتل والخطف والضرب، أصبحت أكثر استبداداً في ردها على الاحتجاجات الشعبية في شوارع العراق.

الحكومة العراقية تعمل على إضفاء الشرعية على حملتها القمعية من خلال التذرع بقوانين مكافحة الإرهاب

وتروي ماجد في البداية قصة الشاب العراقي علي سامي الذي رأى في طريقه من جسر التحرير في بغداد، فيما قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات رصاصية تسقط حوله، ما ظن أنه متظاهر يعاني صعوبة في التنفس، ويطلب المساعدة، فسارع لنجدته فوجد نفسه محاطاً بستة رجال يرتدون زياً مدنياً. ثم نهض الشاب الذي اعتقد أنه متظاهر بحاجة إلى مساعدة، وانضم إلى الرجال الذين أجبروا سامي على ركوب سيارة سوداء، وعصبوا عينيه وكبلوا يديه، وضربوه لساعات.

وقال سامي: "عرفوني بالاسم، وهددوني بالقتل إذا عدت ثانية إلى ساحة التحرير" أين يتركز المتظاهرون.

تجربة نموذجية
وتشير كاتبة المقال إلى أن تلك التجربة أصبحت نموذجية لعراقيين عاديين. ومع دخول الاحتجاجات شهرها الثاني في نوفمبر( تشرين الثاني) الجاري، أصبحت الحكومة العراقية أكثر طغياناً في ردها على المتظاهرين.

ويوم السبت الأخير، قتلت قوات الأمن تسعة متظاهرين عند تفريق محتجين شغلوا ثلاثة جسور تقود إلى  المنطقة الخضراء في بغداد. وأشار شهود عيان لإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع مباشرة على المتظاهرين.

وفي الشهر الجاري، قطعت الحكومة خدمات الإنترنت للمرة الثانية، وفي نفس اليوم ظهرت تقارير عن استخدام قوى الأمن للذخيرة الحية لمنع محتجين من عبور جسور توصل إلى المنطقة الخضراء، أين تتحصن الحكومة خلف حواجز اسمنتية نصبت بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003.

ملاذ نسبي
وترى الكاتبة أن ساحة التحرير تمثل ملاذاً آمناً نسبياً للمحتجين. لكن حتى الذين يتجهون إلى الساحة يقولون إنهم استهدفوا بموجة عارمة من عمليات الاعتقال والاختفاء والتهديدات.

وقال عدد كبير ممن تحدثوا إلى موقع "فورين بوليسي" إنهم أُرهبوا بعنف لمشاركتهم في المظاهرات.
وقال علي (15 عاماً) وهو يقود عادة توك توك حمراء للمساعدة في إنقاذ جرحى من المحتجين، إنه اعتقل أثناء الاحتجاجات، وأنه تعرض للتعذيب، والضرب، والصعق بالكهرباء.

وقال ممرضون وأطباء لموقع "فورين بوليسي" إنهم استهدفوا من قوات أمنية عندما حاولوا معالجة مصابين بجروح بليغة عند خطوط المواجهة مع المحتجين.

وعرض متظاهرون شريط فيديو لطبيب قيل إنه عباس أصيب بطلقة رصاص في معدته ومات لاحقاً.

وقال ممرض شاب يدرس طب الأسنان وانضم إلى المتظاهرين: "عندما اتجهنا نحو جسر السنك، بدأت قوات بزي أسود استهدافنا، ومهاجمتنا بغاز مسيل للدموع وقنابل صوتية. كانوا يصوبون على رؤوسنا وظهورنا. لم يصوبوا على أطرافنا".

تكتيكات مشابهة
ويرى بعض العراقيين أن تلك التكتيكات تذكر بما كان يجري في عهد صدام حسين. وقال مؤمل عبد الشهيد السومري الذي تعرض للتهديد بسبب مشاركته في المظاهرات: "مورس القمع منذ عهد صدام، واليوم تسري نفس نوعية القمع. ولكن في عهد صدام كانوا يتصيدون أعضاءً في أحزاب سياسية ٠٠٠ واليوم الذن يشاركون في الاحتجاجات من البسطاء الذين لم يشاركوا من قبل".

ولم تعلق وزارة الداخلية العراقية على ما يجري في الشوارع العراقية.

وقال ريناد منصور، الباحث لدى مركز "تشاتام هاوس" في لندن: "يطالب المحتجون بإنهاء النظام، ولكن لا يبدو أن أي طرف مستعد للتراجع. فالحكومة تستخدم كلمة مخربين في وصفها للمحتجين".

إضفاء شرعية
وترى كاتبة المقال أن الحكومة العراقية تعمل على إضفاء الشرعية على حملتها القمعية بالتذرع بقوانين مكافحة الإرهاب.

وعبر دعوة رئيس المحكمة العليا في العراق لاجتماعات أمنية، ومن خلال إشارته إلى مواد في قانون مكافحة الإرهاب يعطي للحكومة مبرراً قانونياً لاستخدام العنف، ويصبح جزءاً من ذلك القمع.

ورغم مؤشرات سابقة على تفاوض مسؤولين عراقيين حول استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بقى الرجل في منصبه. ويشاع أن سبب ذلك هو تدخل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الذي زار بغداد لمنع خلع عبد المهدي.