محتجون يشعلون الإطارات المطاطية في بيروت (إ ب أ)
محتجون يشعلون الإطارات المطاطية في بيروت (إ ب أ)
الأربعاء 13 نوفمبر 2019 / 15:32

اللبنانيون يقطعون الطرق الرئيسية مجدداً احتجاجاً على عون

عاد المتظاهرون مجدداً إلى قطع الطرق الرئيسية في مختلف المناطق اللبنانية، اليوم الأربعاء، غداة موقف لرئيس الجمهورية ميشال عون اعتبره "مستفزاً" تجاهل مطالب يرفعونها منذ نحو شهر داعين إلى رحيل الطبقة السياسية.

وبدأ متظاهرون ظهر الأربعاء في التجمع على الطريق المؤدي إلى القصر الرئاسي في بعبدا، على مشارف بيروت، غداة مقتل متظاهر برصاص عسكري جنوب العاصمة، في حادثة أثارت غضباً واسعاً.

وقطع المتظاهرون طرقاً حيوية منذ الصباح الباكر في وسط بيروت وعلى مداخلها، وفي نقاط عدة على الطريق المؤدي من بيروت إلى شمال لبنان، وفي طرابلس، وعكار شمالاً، والبقاع الغربي شرقاً، وصيدا جنوباً. وأشعلوا الإطارات المطاطية احتجاجاً.


قطع الطرقات
وعاد المتظاهرون إلى قطع الطرق بعدما عمدوا منذ الأسبوع الماضي إلى التجمع أمام المرافق العامة والمصارف، ومنع موظفيها من الالتحاق بمراكز عملهم.

ووقعت اشتباكات محدودة بين المتظاهرين وعسكريين في منطقة الشفروليه.

وأقفل الجيش كل الطرق المؤدية إلى بعبدا، مقر القصر الرئاسي، بالعوائق الحديدية والسياج الشائك، فيما وصل مئات المتظاهرين تباعاً سيراً على الأقدام بينما انتشر الحرس الجمهوري ومكافحة الشغب بكثافة  في المنطقة.

وقال متظاهر للمؤسسة اللبنانية للإرسال، قناة تلفزيونية محلية، أثناء وجوده في وسط بيروت: "طلب الرئيس أن يتحدث إلى ممثلين عن الثورة، وبما أن كلاً منا مسؤول عن ثورته، فسنتوجه كلنا إلى بعبدا".

وفي موقف شكل خيبة أمل للمتظاهرين، انتقد عون في حوار تلفزيوني ليل الثلاثاء غياب قياديين يمثلون الحراك الذي يشهده لبنان منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويلبون دعوة سابقة وجهها إليهم إثر اندلاع الاحتجاجات، للحوار معهم حول مطالبهم.


ورداً على سؤال عن فقدان المتظاهرين ثقتهم في السلطة، دعاهم عون، إذا لم يجدوا "أوادم" في السلطة إلى أن "يهاجروا"، مبدياً في الوقت ذاته استعداده للرحيل إذا لم يعجب تاريخه المتظاهرين.

ورغم توضيح رئاسة الجمهورية ما قصده عون، نزل متظاهرون فور انتهاء المقابلة إلى الشوارع لقطع الطرق في مناطق عدة.

"شهيد الثورة"
وقتل متظاهر في منطقة خلدة جنوب بيروت ليلاً، بعد إطلاق عسكري النار عليه، في محاولة لتفريق متظاهرين قطعوا الطريق بعد تلاسن، وفق قيادة الجيش التي أكدت توقيف مطلق النار للتحقيق معه.

ويعد هذا القتيل الثاني منذ بداية التحركات الشعبية، بعد مقتل متظاهر في اشتباك فردي على طريق المطار، إثر اندلاع الاحتجاجات.

وفي جل الديب شمال بيروت، رفع متظاهرون الأربعاء صورةً للقتيل علاء أبو فخر، الذي قضى أمس مذيلة بتوقيع "شهيد الثورة".

وفي محاولة للتسوية، اقترح عون في اطلالته الثلاثاء تشكيل حكومة تضم اختصاصيين وسياسيين، فيما يطالب المتظاهرون بحكومة تضم اختصاصيين ومستقلين عن الأحزاب.


وتعليقاً على هذا المطلب، قال عون مبتسماً: "من أين سأفتش عليهم؟ على القمر؟"، في بلد يقوم على أساس المحاصصة السياسية والطائفية.

ورجح أن تبدأ الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة يوم الخميس أو الجمعة، بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تحت ضغط الشارع.

غضب شعبي
وقال المتظاهر أنطوان سعد، الذي قطع مع عشرات الشبان طريق جل الديب: "الشعب من شيب وشباب وأطفال ونساء وطلاب يفترشون الطرق منذ نحو شهر، بينما رئيس الجمهورية لم يلتفت إليهم".

وأضاف "لم تعد هناك فرصة تُعطى له، طالما لم ينو بعد تشكيل حكومة ويخاطب شعبه باستخفاف. عليه أن يعلم أن الشعب لم يعد يريده، وعليه أن يرحل".

وناشد الحريري في بيان الأربعاء المواطنين "المحافظة على حراكهم السلمي، وقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر" منبهاً "إلى مسؤولية الجميع في حماية البلاد والتضامن في مواجهة التحديات".


ومنذ انطلاقه، بدا الحراك الشعبي الذي انطلق على خلفية مطالب معيشية، عابراً للطوائف والمناطق، ومتمسكاً بمطلب رحيل الطبقة السياسية.

وتصدر الطلاب مشهد التحرّكات في الأيام الأخيرة بوقفات احتجاجية أمام مدارسهم وجامعاتهم بشكل غير مسبوق.

وعلى جسر الرينغ المؤدي إلى وسط بيروت، كتب متظاهرون وسط الطريق الأربعاء "شكراً عون، أعدتنا إلى الشارع".

ردود فعل
وتصدرت مواقف عون عناوين الصحف المحلية. وعنونت النهار على صفحتها الأولى "عون يشعل الانتفاضة.. فهل يعتذر الحريري" عن تكليفه بتشكيل الحكومة.

ولم ينف عون الأنباء عن ضغوط أمريكية لإبعاد حزب الله عن الحكومة المقبلة.

وقال: "الموضوع قابل للحل"، إلا أنه شدّد في الوقت ذاته على أنهم "لا يستطيعون أن يفرضوا علي أن أتخلص من حزب يشكل على الأقل ثلث اللبنانيين".


وتصنف واشنطن حزب الله، الذي يملك ترسانة كبيرة من الأسلحة وتدعمه طهران، على قائمة المنظمات الإرهابية، وتفرض عقوبات عليه.

وبعد وصوله إلى بيروت، زار مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو عون الأربعاء.

وقالت الرئاسة اللبنانية إن فارنو نقل لعون رسالة من نظيره الفرنسي ايمانويال ماكرون تؤكد "اهتمام فرنسا بالوضع في لبنان واستعدادها لمساعدته في الظروف الراهنة".

وسيعقد الموفد الفرنسي الأربعاء سلسلة لقاءات في بيروت تشمل بعد عون، كلاً من الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري، ووزير الخارجية جبران باسيل.

وكان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش دعا الثلاثاء، بعد لقائه وسفراء غربيين عون، إلى الإسراع "بتشكيل حكومة جديدة من شخصيات معروفة بكفاءتها ونزاهتها وتحظى بثقة الناس"، وقال إنها ستكون في "وضع أفضل لطلب الدعم من شركاء لبنان الدوليين".