مشيعون يحملون جثمان القيادي في حركة "الجهاد الاسلامي" بهاء أبو العطا خلال تشييعه في مدينة غزة أمس (تويتر)
مشيعون يحملون جثمان القيادي في حركة "الجهاد الاسلامي" بهاء أبو العطا خلال تشييعه في مدينة غزة أمس (تويتر)
الأربعاء 13 نوفمبر 2019 / 20:49

من غزة إلى دمشق..إسرائيل تستهدف قياديين في حركة الجهاد فمن هما؟

24. إعداد: جيسيكا كرام

يشهد قطاع غزة تصعيداً خطيراً منذ أمس الثلاثاء، بعد اغتيال إسرائيل، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، باستهداف منزله في حي الشجاعية شرق غزة، تزامناً مع استهداف أكرم العجوري، القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي في العاصمة السورية دمشق، وأثار استهداف القياديين التساؤلات، حول علاقتهما وأسباب استهدافهما معاً، فمن هما العجوري وأبو العطا، اللذان استهدفتهما إسرائيل أمس الثلاثاء؟

"رجل إيران في الجهاد"
شخصيته غامضة، وقليل الظهور للعامة خلال نشاطات حركته، هكذا وصفت وسائل إعلام فلسطينية، أكرم العجوري، الذي نجا من محاولة اغتيال، إثر قصف إسرائيل منزله بصاروخين في حي المزة الغربية في دمشق.

ولد العجوري (أبو معاذ)، في قطاع غزة، وله 3 أبناء محمد وبتول، ومعاذ الذي قتل في القصف الإسرائيلي. وتدرج في العديد من المناصب القيادية داخل الحركة إلى أن وصل إلى المكتب السياسي، حيث تم انتخابه في سبتمبر عام 2018 متجاوزاً القيادي زياد النخالة بأعلى الأصوات، وشغل أيضًا منصب المسؤول المالي للحركة، بحسب ما ورد في موقع "فلسطين الآن".

ويعد العجوري مقرباً من إيران ويتمتع بعلاقات وثيقة مع قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وأمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، وتتهمه الاستخبارات الإسرائيلية بلعب دور المنسق الرئيسي بين الحرس الثوري الإيراني والجناح العسكري للجهاد الإسلامي.

وفي هذا الإطار، قال المستشرق "يوني بن مناحم" في مقاله الذي نُشر في "مركز القُدس"، أن الاستخبارات الإسرائيلية رصدت اتصالات مُكثفة بين أكرم العجوري وبين قاسم سُليماني قائد قوة فيلق القُدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى زياراته إلى زعيم حزب الله اللبناني الموالي لإيران، حسن نصرالله، حيث شاع القلق في أوساط دائرة الاستخبارات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بسبب توطيد العلاقة بينهم في الوقت الذي تعاني في إسرائيل من التهديد الإيراني، وتوسع نفوذه في المنطقة.

ويوصف العجوري بأنه الشخصية الأقوى داخل حركة الجهاد الإسلامي جراء نفوذه الممتد إلى قطاع غزة، غزة حيث مركز وقوة الحركة، وهو شخصية مقربة جداً من العديد من مراكز القرار في المنطقة، ورغم الخلافات الكثيرة التي كانت تدور بينه وبين الأمين العام السابق رمضان شلح، إلا أن الأخير لم يستطع استثناءه من صناعة القرار نتيجة نفوذه الكبير في قطاع غزة وخارجه داخل الجهاد الإسلامي، وقد خاض الانتخابات وحصل على ثانية أعلى نسبة أصوات بعد نخالة.

ويتمتع العجوري عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، بعلاقات طيبة مع كافة الأطراف داخل الحركة، وباقي الفصائل الفلسطينية، بحسب وسائل إعلامية فلسطينية.

وعن واقعة استهدافه، أعلنت وكالة الأنباء السورية (سانا) استهداف القوات الجوية الإسرائيلية منزل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أكرم العجوري، الكائن في حي المزة بدمشق، الأمر الذي أدى إلى مقتل ابنه مُعاذ وأحد عناصر الحرس الخاص به، ونجاة العجوري مع إصابته بعدد من الجروح.


"أبو العطا" القنبلة الموقوتة
وجاءت هذه العملية، بالتزامن مع استهداف منزل بهاء أبو العطا في شرق قطاع غزة، والذي أدى إلى مقتله هو وزوجته، وبناءً على ذلك أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً قال فيه: " في عملية مشتركة للجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك، تم استهداف منزل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا".

بهاء أبو العطا، كنيته "أبو سليم"، ويبلغ من العمر 42 عاماً، ولد في 25 من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1977، بحي الشجاعية شرق غزة، وهو قائد "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في المنطقة الشمالية، برز اسمه خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن هدد الجيش الإسرائيلي باغتياله، متهماً إياه بالمسؤولية عن كل العمليات التي تنفذها سرايا القدس ضد إسرائيل.

تلقى "أبو العطا" تعليمه في المدارس المحلية، وفي المرحلة الجامعية تخصص في علم الاجتماع. وهو متزوج وله 5 أبناء، التحق بصفوف حركة الجهاد عام 1990، وتدرج في العمل التنظيمي إلى أن أصبح قائد المنطقة الشمالية بسرايا القدس.

وهو أحد أبرز أعضاء المجلس العسكري لسرايا القدس، وكان له دور بارز في الإشراف على تنفيذ العديد من العمليات العسكرية ضد إسرائيل.وتصفه إسرائيل بأنه "صانع المشكلات الذي لا يخضع لأحد"، وبأنه "كثير الحركة ولا يمكن توقع ما يريد".

وصفه الجيش الإسرائيلي، في بيانه الذي أعلن فيه عن قتله، بأنه من "نفذ عملياً معظم نشاطات حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وكان بمثابة "قنبلة موقوتة". واتهمته وسائل إعلام إسرائيلية، بأنه المسؤول عن الصواريخ، التي أطلقت على مهرجان سيديروت في 25 أغسطس (آب) الماضي، وظهر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وهو يهرب من منصات الحفل.

ونشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تقريراً لها، اعتبرت فيه أن "أبو العطا" من أخطر الشخصيات على إسرائيل، إلى جانب حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، وقاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. وأدرجته الولايات المتحدة ضمن قائمتها للإرهاب، إلى جانب عدد من قيادات حركتي الجهاد وحماس.

وتعرض لعدة محاولات اغتيال من جانب إسرائيل خلال السنوات الماضية، وأصيب بجروح خلال إحداها في عام 2012، كما نجا من محاولة اغتيال خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014.



"الأسلحة الأخيرة" لنتانياهو

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، تمت عملية الاغتيال بتوصية ومصادقة من رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير جيش الإحتلال ورئيس هيئة الأركان العامة ورئيس الشاباك بعد أن تم عرضها على المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية الذي بدوره صادق عليها.

وفي هذا الإطار، كتب المراسل السياسي لـ "القناة 12" في التلفزيون الإسرائيلي، عميت سيغال، إن" قرار الاغتيال اتخذ قبل أكثر من أسبوع، ونقل عن مصادر أخرى "قبل أكثر من شهر"، "وشرح سيغل، أن قرار اغتيال العطا والعجوري اتخذ في الليلة التي أطلق فيها صاروخ على أشدود أثناء تواجد نتانياهو فيها، عشيّة الانتخابات الماضية.

ومن جهته، اتهم زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" افيغدور ليبرمان، نتانياهو بمعارضته اغتيال أبو العطا قبل نحو عام.ونقل موقع "والا" العبري، عن ليبرمان قوله: "أوصيت قبل نحو عام باغتيال أبو العطا وقلت أنه حان وقت تصفيته، لكن نتانياهو عارض بشدة ومنع هذه الخطوة حينها".

وبحسب موقع "عرب"48، راجت تسريبات، أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيليّة، أفيحاي مندلبيلت، حال دون تنفيذ ذلك حينها، لأن نتانياهو أراد بدء العمليات دون جمع الكابينيت، في حين أشارت تحليلات عسكرية إسرائيليّة إنّ "ظروفاً عملياتيّة حالت دون تنفيذ الاغتيالين".

وفي هذا الشأن، قال الكاتب والمحلل السياسي نظير مجلي ، في مقاله له، إن "الأحزاب اليهودية، أجمعت، يمينها ووسطها ومعظم قوى اليسار فيها، على تأييد عملية اغتيال أبو العطا، إلا أن عدة أصوات انطلقت في الحلبة السياسية الحزبية في إسرائيل تتهم رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، بأن هذا الاغتيال كان واحداً من الأسلحة الأخيرة التي بقيت لديه في معركته للحفاظ على كرسيه في رئاسة الحكومة ومنع خصمه رئيس "كحول لفان"، بيني غانتس، من تشكيل حكومة تطيح به".



الموساد وعمليات الاغتيال

ونفذ الموساد الإسرائيلي عمليات اغتيال مباشرة لعدد من قادة "سرايا القدس"، فبعد اغتيال مؤسسها فتحي الشقاقي، تم اغتيال قائد السرايا في غزة خالد الدحدوح الشهير بكنية "أبو الوليد" الذي اغتيل في مارس (آذار) 2006 بتفجير سيارة كانت على الطريق الذي يسير عليه في مدينة غزة، كما اغتالت إسرائيل، القائد العام للسرايا في شمال الضفة، حسام جرادات في أغسطس (آب) 2006 على يد وحدة خاصة من جيش الاحتلال، اقتحمت مخيم جنين، واليوم اغتالت القيادي الميداني لسرايا القدس في غزة، لكنها فشلت في اغتيال أكرم العجوري.

ورداً على عملية اغتيال "أبو العطا" واستهداف "العجوري"، هددت حركة الجهاد الإسلامي، توعدت، أمس الثلاثاء، إسرائيل بـ "رد مزلزل"، في حين سارع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسيّة والأمنية إلى عقد اجتماع طارئ للبحث في التطورات الميدانية في غزة.