الخميس 14 نوفمبر 2019 / 11:12

لماذا يخشى حزب الله انتفاضة اللبنانيين؟

24- زياد الأشقر

كتب الزميل الباحث في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط والمبعوث الاميركي الخاص الى سوريا فريديرك هوف في موقع مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، أن الاحتجاجات السلمية التي تجتاح لبنان هي ثورية، وأن اللبنانيين من مختلف الإنتماءات والطوائف بعثوا برسالة قوية إلى الطبقة السياسية التي يتساوى عجزها مع فسادها، موجهاً لهم تحية بقوله: "إلى الأمام".

آخر ما يريده نصرالله هو وجود نظام لبناني ينال رضا الشعب، لأن وجود مثل هذا النظام يعني أنه يرغم نصرالله على حجز تذكرة ذهاب وعلى الأرجح إلى طهران

ولفت هوف إلى أنه حتى الآن كان المدافع الرئيسي عن هذه الطبقة العميقة والوضع اللبناني المزري (الذي يتميز باقتصاد فاشل تسرق منه الطبقة السياسية) هو رجل إيران القوي في لبنان، الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله. ولا يشارك الآلاف من الشبان من منطقته في الاحتجاجات، وهو يعرف شيئاً مؤكداً ألا وهو أن قدرته على العمل بحصانة كإرهابي، ومبيض للأموال، وإدارة عملية تهريب المخدرات، والقاتل الذي يمثل إيران في لبنان، تعتمد على بقاء السياسة اللبنانية في دائرة الفساد. لذا يريد وضع حد للاحتجاجات وقد بعث بقطاع طرق لحمل هذه الرسالة.

حرمان الشيعة
وذكّر أن لبنان كان جزءاً من الامبراطورية العثمانية، وعمدت فرنسا إلى إدخال تعديلات عليه قبل قرن من الزمن، بحيث جعلت الموارنة طائفة مميزة عن السنة. وعندما كان لبنان تحت الإدارة العثمانية كان يتحكم به الاقطاع والطائفية. وتركزت السلطة السياسية في أيدي الإقطاعيين- بعضهم تقليديون وبعضهم حديثو النعمة- والسلطات الدينية. ومع أن الشيعة في لبنان (كانوا محرومين من وضع سياسي من قبل العثمانيين) قد جرى ضمهم إلى الميثاق الوطني للحكم، فإن المناطق التي كانوا يعيشون فيها بقيت محرومة من الخدمات الحكومية على نطاق واسع. وأغرى الحرمان شيعة الجنوب بالترحيب بالمقاتلين الفلسطينيين في أواخر الستينيات من القرن الماضي، وهو تطور أدى إلى الحرب الأهلية، والغزو الإسرائيلي، وإلى استغلال إيران الاستياء الشيعي عبر تأسيس حزب الله. وتقف حدود الدولة اللبنانية عند الأراضي التي يحكمها نصرالله وأتباعه.

دعم الانتفاضة
وأدى هذا الوضع إلى مقتل لبنانيين بارزين، بينهم رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وتسبب بحرب مدمرة مع إسرائيل عام 2006. ويتحدى اليوم حزب الله موقف حكومة الوحدة "الوطنية" اللبنانية من خلال المشاركة عسكرياً في النزاع السوري.

من هذا المنطلق، رأى هوف أن على الولايات المتحدة أن تؤكد دعمها للانتفاضة الشعبية في لبنان التي يقودها الشباب، واستئناف المساعدة العسكرية التي تقدمها أمريكا للجيش اللبناني فوراً مع تأكيدات بان عناصر الجيش لن يؤذوا المتظاهرين السلميين.

ورأى أن وقف المساعدات العسكرية عن الجيش اللبناني هو خطأ يبعث برسالة أن واشنطن ليست شريكاً موثوقاً، مؤكداً أن على الولايات المتحدة وحلفائها يجب أن يدعموا المباردات غير الطائفية التي تركز على المجتمع المدني وبناء الأحزاب السياسية، علماً أن الصمت الأمريكي لم يمنع نصرالله من اتهام الولايات المتحدة بتنظيم الانتفاضة.

مطالب المحتجين
ورأى هوف أن لا الإقطاعيين ولا نصرالله لديهم مصلحة في تحقيق مطالب المحتجين. وآخر ما يريده نصرالله هو وجود نظام لبناني ينال رضا الشعب، لأن وجود مثل هذا النظام يعني أنه يرغم نصرالله على حجز تذكرة ذهاب، وعلى الأرجح إلى طهران. وفي الحقيقة، قال نصرالله قال للإقطاعيين اللبنانيين: "في مقابل تركي وحدي متجاهلاً قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بنزع سلاح ميليشيا حزب الله غير الشرعي، سأدعكم تقبلون الرشاوي وتحكمون كما تريدون".

وخلص إلى القول إن الثورة الشعبية في لبنان قد لا تنجح في عام 2019، أو في أي وقت قريب. وفي الواقع فإن الربيع العربي لم يترك شرعية سياسية سوى في تونس. لكن شباب العالم العربي الموهوب والرائد والجدي-لا يمكن التنكر له دائماً.