الرئيس اللبناني ميشال عون في الحوار التلفزيوني المثير للجدل (أرشيف)
الرئيس اللبناني ميشال عون في الحوار التلفزيوني المثير للجدل (أرشيف)
السبت 16 نوفمبر 2019 / 19:34

هل هي حالة ماري أنطوانيتية؟

ما يحدث في لبنان ليس حوار طرشان، وإن كان هناك من يريد له أن يكون كذلك، فرغم أن الشعب اللبناني قد أوضح مطالبته "كلن يعني كلن" وأن ما يحلم ويطالب به اللبنانيون واضح، ولا يحتاج لكثير شرح، إلا أن الأطرش الذي ليس أطرشاً يركض في كل الاتجاهات الخطأ، ويقدّم كل الاقتراحات الخطأ، على أمل الخروج بحل يُعيد الجماهير الغاضبة إلى بيوتها، ويُبقي الوضع البائس على ما هو عليه.

كيف يمكن أن يفوت ذكائهم أن هذا غير ممكن، بعد أن أصبحت الحياة مستحيلة، وبعد أن انكسر حاجز الخوف؟!

العهد القديم يعلم جيداً ما يريده الشعب، ومع ذلك تجد الرئيس العماد ميشال عون يخرج في حوار تلفزيوني مع وسيلتي إعلام ممولتين من إيران، ليقول للبنانيين بالحرف الواحد أن على الذي لا يعجبه الوضع اللبناني أن يرحل ويهاجر إلى خارج لبنان، الأمر الذي هيّج الشارع بدل تهدئته، التهدئة كانت هي هدف تلك المقابلة التي خرجت عن المسار، فخرجت الجموع في مسيرات عديدة نحو قصر بعبدا مطالبة برحيل رئيس الجمهورية.

كان المتوقع أن يكون الخطاب أكثر تسيساً ودبلوماسية وأقرب لروح التهدئة والتصالح، لكن هذا ما حدث بالفعل لقد صبّ الرئيس الوقود على النار معلناً انحيازه الكامل للعهد القديم، وبصفة أخص أعلن انحيازه لإيران وحزب الله، الذي ظهر للجميع بدايات انهياره، كما أعلن في الوقت نفسه حالة "ماري أنطوانيتية" تعتري دوائر الحكم، وفي شخص الرئيس بالذات، مع أن أقرب نصيحة يمكن أن يسديها محب هي "إذا كان الرئيس ميشال عون يريد أن يحافظ على صورته في البيت اللبناني أو ما بقي منها، فمن المؤكد أن أول شيء يجب أن يفعله هو مغادرة السفينة الغارقة".

"الضغط الأقصى" الذي تمارسه الإدارة الأمريكية على إيران، جد وليس هزلاً، الاقتصاد الإيراني ينهار شيئاً فشيئاً، ولن يكون لدى الإيرانيين ما يقدمونه لحلفائهم في لبنان مما يبقي العجلة متحركة والوضع الراهن قائماً، كما أن العراق الذي كان ابتلاعه منعشاً لحكومة الملالي التي تنفق كل ثروة إيران على تصدير الثورة، قد انتفض اليوم معلناً قبل أي شيء عن خسارة إيران للتشيع نفسه، فالضحايا الذين يُقتلون كل يوم في العراق بعد اندلاع الثورة هم من الطائفة الشيعية الكريمة التي سئمت الاستغلال والخداع باسم التشيع، فأعلنتها ثورةً لن تتوقف حتى تقتلع آخر مخلب للملالي في العراق، ليعود العراق عراقياً بدرجة أولى، وعربياً بدرجة ثانية.

ويوم أمس الجمعة 15 نوفمبر (تشرين الثاني) خرج وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل لتلفزيون إم. تي، وأعلن أن وزير المال السابق محمد الصفدي وافق على تولي رئاسة الحكومة، ما يعني أن حالة "الإنكار" لا زالت قائمةً، والركض إلى الأمام لا زال على أشده، فاللبنانيون على اختلاف طوائفهم وتحيزاتهم السياسية لم يكرهوا شخصاً مثلما كرهوا جبران باسيل الذي يقدم نفسه في هذا الصباح مشاركاً في اقتراح الحلول لهذه "الأزمة الكبرى" والانتفاضة التي تطالب أول ما تطالب، برحيله هو شخصياً، بكل ما في هذا المطلب من خصومة شخصية معه.