من رسومات رواية الأمير الصغير (أرشيف)
من رسومات رواية الأمير الصغير (أرشيف)
الأحد 17 نوفمبر 2019 / 19:04

كتب خالدة

متابعة لخاطرة جاءت إلى الذهن عن التقليد الثقافي الذي ترسخ وتجذر وسمي حفلة توقيع الكتاب، والصيحة القادمة في المجال الثقافي المتصلة بحفل ميلاد كتاب، ألح علي حب الكتب أن أتتبع الكتب التي حظيت بشرف سبق الاحتفاء، والاحتفال بها.

كتب صاحب السمو الدكتور سلطان بن محمد القاسمي من الكتب التي تسعى للخلود، فنتاج سموه غزير وأصيل. وقلم سموه يسعى للكتابة دون انشغال بالاحتفائيات الزائفة إلا أن إنسانية فكر سموه وعالمية نظرته يجعل كتبه حاضرة على الدوام

سأتجاوز في هذه التتبع التاريخي للاحتفال بذكرى تأليف الكتب، الحقل الديني والكتب السماوية التي يُحتفى بها بطريقة أو بأخرى، كما يحتفل المسلمون سنوياً بلية القدر التي أنزل فيها القرآن الكريم، وكما يحتفل اليهود بعيد الأسابيع "شفوعوت" ذكرى نزول التوراة في جبل سيناء.

 وهذا التجاوز ربما لأنه لا يوجد كتاب غير ديني يحظى بالذكرى السنوية، ويبقى تميز الكتب أن تذكر القراء بوجودها وأثرها من خلال مرور عدد من الأعوام يحسب بالعقود أو بالقرون، فهذه هي الحياة الحقيقية للأفكار. ولذلك سألج إلى استقصاء كتب أنتجتها العقول والمخيلة البشرية فصارت أيقونة في فنها أو عند قرائها.

في حقل السياسة احتفت الشعوب بأكثر الكتب المكروهة والمقروءة في الآن نفسه. فكتاب "الأمير" لميكافيلي الذي كتبه في 1513، احتفت منذ سنوات سفارات ومؤسسات ثقافية بالذكرى 500 لصدوره.

 وهو أمر نادر في النتاج الفكري والحضاري عند الغرب، وينافسه بشدة النتاج الحضاري للشرق. فقد قدر الغرب نتاج الشرق العلمي حين احتفلت جامعات أوروبا بذكرى مرور ألف عام على صدور كتاب المناظر لابن الهيثم. كما احتفت قبل ذلك مجموعة من الأكاديميين في 1978 بذكرى مرور 600 عام على صدور تأليف مقدمة ابن خلدون، في مؤتمر دولي حول الكتاب.

رواية الأمير الصغير للكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري تعتبر واحدة من بين أفضل كتب القرن العشرين في فرنسا يباع منها أكثر من مليون نسخة سنوياً، وترجمت إلى أكثر من 230 لغة ولهجة، وبيع منها أكثر من 80 مليون نسخة. احتفي منذ سنوات بالذكرى السبعين لصدورها أي أنها تكبر في حين أن الأمير يظل صغيراً ويجذب القراء من كل الأعمار لهذه الرواية.

الاحتفال كان مثالياً فقد شهد إصدار طبعاتٍ خاصة في الولايات المتحدة، لأن النشر الأول لهذه الرواية كان على يد ناشر أمريكي، وفي ليون بفرنسا أين ولد المؤلف في 1900، وأيضاً في مونتريال، المدينة التي كان يلتقي فيها المؤلف بناشر كتبه.

ومن الروايات العالمية هناك رواية "مئة عام من العزلة" التي أحيت ذكرى صدروها الخامسة والأربعين بمعرض تضمن خمسة وأربعين عملاً من أعمال الرسم والنحت المستوحاة من الرواية.

ولا يمكن أن نتجاهل أن من أهم من أصّل فكرة الذكرى الاحتفالية للكتاب منشورات الكاتب الشهير شيل سيلفرستين الذي كتب ورسم للأطفال كتباً صارت من الأدب الإنساني العالمي، وربما يكون هو أكثر كاتب احتفى بإصدار نتاجاته في طبعات خاصة بمناسبة الذكرى الخمسين لصدورها. ومن أشهرها قصة "شجرة العطاء".

كتب حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، من الكتب التي تسعى للخلود، فنتاجه غزير وأصيل، وقلمه يسعى للكتابة دون انشغال بالاحتفائيات الزائفة إلا أن إنسانية فكره وعالمية نظرته تجعل كتبه حاضرة على الدوام، وفي كل الأعوام، من خلال الترجمات إلى لغات عالمية مختلفة بشكل سنوي مستمر.

الموضوع طريف وظريف، والتنظر له من الأكاديميين واجب، كل في فنه ومجاله، لأن ترك الأمر للناشرين، أو إبقائه في أيدي المؤلفين سيجعل هذه الظاهرة شكلاً دون جوهر،  ومظهراً دون مضمون.