الأحد 17 نوفمبر 2019 / 15:24

اقتراح لتشكيل جبهة ديبلوماسية واسعة من أجل صفقة مع إيران

يرى مايكل سينغ، المدير الإداري لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن في الأفق إمكانية التوصل إلى صفقة نووية أفضل مع إيران واستعرض كيفية إجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات.

ينبغي على الولايات المتحدة، عشية الإعلان النووي الإيراني الأخير، أن تحاول تشكيل جبهة ديبلوماسية مشتركة مع شركائها الأوروبيين، وحشد مزيد من الدعم من شركائها في آسيا

فعندما صعدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملتها "الضغط الأقصى" في مايو (أيار) الأخير، بهدف تخفيض صادرات إيران إلى نقطة الصفر، لم يستغرق الأمر طويلاً حتى ترد طهران بتصعيد خاص بها. فقد هاجمت إيران، منذ ذلك الوقت، أنابيب نفط، وناقلات وأحد أكبر منشآت تكرير النفط حول العالم في السعودية – مما تسبب ليس برفع أسعار البترول فحسب، وإنما أيضاً بمخاوف من نشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط. كما خرقت إيران مراراً الشروط الأولية للاتفاق النووي لعام 2015، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، أو JCPOA، التي صيغت للحد من أنشطة إيران النووية، والتي انسحبت منها إدارة ترامب.

إعادة تفكير في العقوبات
وحسب كاتب المقال، لربما اعتقدت إيران أن تلك التحركات ستقنع الولايات المتحدة بإعادة التفكير في حملة عقوباتها، ودفع أطراف أخرى في JCPOA على حض واشنطن للرجوع عن قرارها. ويرجح أن طهران شعرت، لبعض الوقت، بأن أسلوبها ناجح. فقد حاول كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ترتيب صفقة تقضي بامتثال إيران من جديد لبنود JCPOA، في مقابل رفع العقوبات. ويقال إن تلك الصفقة خرجت عن سياقها في آخر لحظة في سبتمبر(أيلول) عندما طلبت إيران أن يسبق رفع العقوبات عقد لقاء مقترح بين ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن منذ ذلك الحين، تجاوزت إيران عدة نقاط، كإعلانها في 9 نوفمبر(تشرين الثاني) عن استئنافها تخصيب اليورانيوم في مخبأ تحت الأرض، وزيادة وتيرة التخصيب في مكان آخر. وعندها هدد أوروبيون موقعون على JCPOA بإعادة فرض عقوبات.

اختبار صبر
وفيما تختبر إيران صبر الأوروبيين، تبدو الولايات المتحدة أمام فرصة لتشكيل جبهة موحدة مع شركائها الأوروبيين سابقاً، وحض إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات. وعندما يفترض أن يطرحوا عرضاً مباشراً يقضي بمشاركة بناءة، على أن ترفع بعض العقوبات فيما يتم التفاوض على صفقة جديدة.

ويبدو، برأي الكاتب، أنه في العام الأول على انسحاب الولايات المتحدة من JCPOA، قررت إيران الانتظار حتى انقضاء عهد ترامب. ورداً على تصعيد الضغط الأمريكي، حاولت طهران استمالة دول أوروبية لتحدي عقوبات أمريكية ثانوية، كتلك التي قضت بمعاقبة شركات أجنبية إذا أجرت تعاملات تجارية مع مصارف إيرانية، ولكنها سمحت في الوقت نفسه ببيع النفط الإيراني. ولكن، حالما بدأت الولايات المتحدة العمل بجدية على وقف صادرات النفط الإيراني تماماً، غيرت إيران استراتيجيتها.

واتخذت طهران، خلال الأشهر الستة الأخيرة، أربع خطوات تدريجية لتوسع أنشطتها النووية.

وكما يشير الكاتب بدت إيران، في بداية الأمر، حريصة على الحفاظ على JCPOA لا تقويضها. ويمكن القول إن الخطوات التصعيدية الإيرانية الثلاث لم يكن ممكناً التراجع عنها وحسب، بل ضبطها.

أجراس إنذار
لكن، برأي كاتب المقال، كان أحدث تصعيد نووي إيراني بمثابة جراس إنذار. فموقع فودرو للتخصيب مثير للجدل لأنه صمم لمنع تعقب وتفادي هجمات. وقبل بضعة أيام على إعلان إيران عزمها على التخصيب هناك، أكد مسؤول إيراني أن طهران قد تخلت عن تعهدها وفق JCPOA بشأن تحويل المنشأة إلى مركز للأبحاث الفيزيائية.

ورغم ذلك، يعتقد الكاتب أن أنشطة إيران ليست مصممة فعلياً من أجل إنتاج سلاح نووي في هذه المرحلة، بل للفت انتباه الولايات المتحدة وأوروبا. فطهران تسعى لدفع أمريكا لتخفيف حملة أقصى ضغط، ولكسب أوروبا بهدف تأكيد رسالتها إلى واشنطن.

ولكن الأطراف الأوروبية في الصفقة النووية – الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، لم يردوا على استفزازات إيران المتكررة سوى عبر التنديد بها. ويعود سبب ذلك جزئياً لتحميلهم الولايات المتحدة مسؤولية إثارة الأزمة بانسحابها من JCPOA، ولأنهم أملوا في إنقاذ الصفقة، إضافة إلى خشيتهم من تؤدي معاقبة إيران إلى مزيد من التصعيد. لكن هذه الحسابات قد تتغير لأنه عشية التصعيد النووي الإيراني الأخير، حذر الاتحاد الأوروبي من أن تؤدي استفزازات أخرى لتفعيل "آلية تسوية المنازعات" – الخطوة الأولى في عملية يمكن أن تبلغ ذروتها في إعادة فرض عقوبات.

ورغم استبعاد أن تعدل إيران مسارها، يرى الكاتب أنه ينبغي على الولايات المتحدة، عشية الإعلان النووي الإيراني الأخير، أن تحاول تشكيل جبهة ديبلوماسية مشتركة مع شركائها الأوروبيين، وحشد مزيد من الدعم من شركائها في آسيا وأماكن أخرى.

وحسب الكاتب، ينبغي أن يعرض هؤلاء الحلفاء على إيران المشاركة في محادثات نووية وصاروخية جديدة، لا تبدأ بقمة بل بمباحثات بين مبعوثين على مستوى أقل. ويفترض أن يعرض المبعوثون على إيران تجميداً مؤقتاً لبعض العقوبات في حال تعاونت بشكل بناء وأوقفت تصعيداً نووياً، مع التهديد بتشديد العقوبات إن رفضت طهران. ومن شأن مثل ذلك النهج أن يوفر أوضح مسار من أجل التوصل إلى اتفاق جديد يلبي رغبة إدارة ترامب.