الثلاثاء 19 نوفمبر 2019 / 10:20

التطهير العرقي التركي للأكراد مستمرّ في سوريا

ما زال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ماضياً في تنفيذ سياسة تطهير عرقي بحق الأكراد في سوريا، حسب باتريك كوكبيرن، كاتب عمود لدى صحيفة "إندبندنت" البريطانية، متخصص في تحليلات تتعلق بالعراق وسوريا، والحروب في الشرق الأوسط.

فيما كثرت شكاوى بشأن العمليات الوحشية لتركيا، وما ارتكبه وكلاؤها، نادراً ما يتم التطرق إلى التطهير العرقي ضد الأكراد

ويرى الكاتب أن وسائل الإعلام تتعامل عادة بأسلوبين مختلفين مع عمليات طرد جماعية أو إبادة لمجتمع عرقي أو ديني بأكمله – تطهير عرقي. فإما تسلط الصحافة الأضواء على تلك القضية باعتبارها مروعة يجدر بالعالم أن يهتم بها ويقوم بما يلزم حيالها، أو يتم تجاهلها ولا تصل إلى نشرات الأخبار.

وحسب كاتب المقال، في بداية الأمر، بدا أن التطهير العرقي للأكراد على يد تركيا بعد غزوها لشمال سوريا في 9 أكتوبر(تشرين الأول) لفت أنظار العالم. فقد صدرت بيانات تنديد غاضبة بشأن تهجير قسري لـ190 ألف كردي يقيمون بالقرب من الحدود السورية – التركية، عندما تقدمت قوات تركية نحو مناطق كردية، سبقهم إليها عناصر من الجيش الوطني السوري (SNA)، ميليشيات من إسلاميين غير منضبطين، ومعادين للأكراد. وقد أظهرت أشرطة فيديو مدنيين أكراداً هاربين وهم يُسحبون خارج سياراتهم، ويقتلون بجانب الطرق. كما شاهد صحفيون عند زيارتهم لمشافي أطفالاً يموتون من آثار فوسفور أبيض نخر أجسادهم، ويقال إنه وصلهم عبر قنابل وقذائف أطلقتها عليهم قوات تركية.

ترهيب

ووفقاً للكاتب، يتساءل الناس عما يدفع جيوشاً تتمتع بتفوق عسكري كامل لاستخدام مثل تلك الأسلحة المرعبة، والتي يحظر استخدامها وفق القانون الدولي، أو أنها، في أقله، تسيء بشدة إلى سمعة تلك الجيوش. ولكن غالباً ما تأتي الإجابة بأنه يتم عمداً استخدام تلك الأسلحة المرعبة لترويع المدنيين ودفعهم على الهروب.
  
وأما بالنسبة للغزو التركي لسوريا، في الشهر الماضي، فيبدو الدافع من وراء استخدام تلك الأسلحة مسألة توقعات.
فقد كتب ويليام روباك، ديبلوماسي أمريكي كان يعمل في شمال شرق سوريا في ذلك الحين، مذكرة داخلية لوزارة الخارجية حول مشاهداته وعنونها :"حاضر أثناء وقوع كارثة: الوقوف جانباً بينما يقضي الأتراك على الوجود الكردي في شمال شرق سوريا، ويقوضون برنامجنا لمحاربة داعش هناك".
  
وبرأي كاتب المقال، ليس لدى روباك أدنى شك، وخاصة أنه مطلع على معلومات استخباراتية أمريكية حيال النوايا التركية، بأن أنقره تود طرد 1.8 مليون كردي يقيمون في دولة روغوفا شبه المستقلة. وهو يقول: "تمثل العملية العسكرية التركية في شمال سوريا بقيادة مجموعات إسلامية مسلحة تمولها تركيا، محاولة تطهير عرقي، بالاعتماد على صراع عسكري واسع النطاق يستهدف قسماً من الأرض الكردية يمتد على طول الحدود. ولتحقيق تلك الغاية ارتكبت تلك القوات فظائع من أجل ترويع سكان تلك المنطقة".
  
تحالف مع القاعدة وداعش
ويشير روباك، في قسم آخر من المذكرة، إلى أن مقاتلي الجيش الوطني السوري غير النظاميين تحالفوا سابقاً مع القاعدة وداعش، وأن الرئيس التركي أردوغان، قال ضمن خطاب له في الأمم المتحدة، أن حكومته تنوي نقل لاجئين سوريين مقيمين في تركيا إلى مناطق كردية هجرها سكانها.

ويعتقد كاتب المقال أن إشارة روباك لارتباط جيش SNA بجهاديين متطرفين صحيح بالتأكيد نظراً لأن عناصر هذا الجيش صوروا أنفسهم وهم يصفون أكراداً من المسلمين السنة والإيزيديين والمسيحيين بوصفهم كفاراً، بالإضافة لتهديدات بقتل عناصر وحدات حماية الشعب(YPG)، التي فقدت عشرة آلاف من مقاتليها في محاربة داعش، بالتحالف مع الولايات المتحدة.

لكن، حسب الكاتب، لا شيء من هذا أحدث فرقاً كبيراً عند زيارة أردوغان، يوم الأربعاء الماضي، إلى واشنطن، واجتماعه مع الرئيس ترامب. وقد وصل الأمر لدرجة أنه أعاد لترامب رسالة بعث بها عند غزو سوريا، واشتهرت بما قاله ترامب حينها لأردوغان" لا تكن أحمق".

موازنة
ومن الناحية العملية، يرى كاتب المقال أنه في هجومه العسكري لا يبدو أردوغان أحمق إلى هذه الدرجة، لأنه يوازن بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويقود موجة من الحماسة القومية داخل تركيا. وفيما كثرت شكاوى بشأن العمليات الوحشية لتركيا، وما ارتكبه وكلاؤها، نادراً ما يتم التطرق إلى التطهير العرقي ضد الأكراد.

ويخلص الكاتب إلى أن جعل الحياة مستحيلة بالنسبة لمدنيين قد تأخذ أشكالاً فعالة أخرى لكن أقل دراماتيكية من استخدام الفوسفور الأبيض، أو الاغتيالات عند جوانب الطرق.