الثلاثاء 19 نوفمبر 2019 / 13:35

الاقتصاد الإيراني مريض.. ولا علاج له

24 - إعداد: ريتا دبابنه

طرح العديد من صناع السياسة في واشنطن، تساؤلات حول مدى قدرة الاقتصاد الإيراني على الاستمرار، مع حلول الذكرى السنوية الأولى لحملة الضغط القصوى التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران.

يقول المسؤول في مجلس السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن، إيلان بيرمان، في تقرير لموقع "ذا هيل" الأمريكي، إن العديد من كبار صانعي القرار الإيرانيين ومن بينهم المرشد الأعلى علي خامنئي، يزعمون أن المقاومة الثورية الإيرانية تغلبت بشكل كبير على حملة ترامب القصوى، وأنها نجحت في التغلب على العقوبات الاقتصادية، وأخذوا يخففون من آلامهم لتقليل تأثير تلك الضغوط.

مرض قاتل
لكن وبالنظر عن كثب، يقول بيرمان، يتضح أن طهران تعاني من مرض قاتل. فخلال فترة الصيف، قدر البنك الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي لإيران من المتوقع أن يتقلص بنحو 4.5% هذا العام وحده، وهو انخفاض أكثر حدة من الانكماش الاقتصادي البالغ 3.9% الذي توقعته المؤسسة المالية الدولية في البداية.

ويلفت بيرمان خبير في الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، إلى أن أحد أسباب هذا الانخفاض هو بلا شك، الضغط الأمريكي، الذي نجح بحكمة في استغلال نقاط الضعف الاقتصادية الكثيرة لطهران. لكن الأسباب الحقيقية لتلك الثغرات المحلية واضحة في طبيعتها.

أسباب الهزيمة
ويوضح بيرمان الأسباب حيث وضع في مقدمتها المشاكل التي يعاني منها النظام المصرفي الإيراني بشكل عام، الذي يتأرجح الآن على حافة الأزمة الكاملة، وما يؤكد ذلك، الدراسة الحديثة التي أجراها معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث شهير في واشنطن، والتي كشفت عن وجود مشكلات كبيرة في السيولة، والقدرة على تحمل الديون بين المؤسسات المالية الهشة في البلاد، والتي تعتبر الآن في وضع "غير مستقر".

وبحسب نائب المدير السابق في صندوق النقد الدولي عدنان مزاري، فإنه على الرغم من أن انهيار المؤسسات قد لا يكون على المدى القريب، إلا أن الأزمة المصرفية ستستمر في التزايد، مما يجعل النظام أكثر عرضة للصدمة الخارجية، مثل النزاع العسكري، أو مزيد من التباطؤ في صادرات النفط.

عبء كبير
علاوة على ذلك، تقول الدراسة إن معظم صناديق التقاعد في البلاد تعتبر الآن معسرة وتعتمد بشدة على الإعانات الحكومية للبقاء. ففي العام الماضي، اعترف نائب الرئيس الإيراني إسحاق جناجيري، بأن ما بين 70 و 80 % من صناديق التقاعد في البلاد، وكامل خطة التقاعد للتقاعد للجيش الإيراني، هي من جيوب الحكومة.

مثل هذا الوضع سيمثل عبئاً اقتصادياً شديداً في أفضل الظروف، لكن التركيبة السكانية لإيران تجعل الوضع ببساطة غير مستدام. ذلك لأن السكان الإيرانيين يتقدمون في العمر بسرعة، ويفوقون بسرعة قدرة النظام على التكيف.

وبلغ العدد الرسمي لكبار السن من المواطنين الإيرانيين 7.4 مليون، أو ما يقرب من تسعة في المئة من إجمالي سكان البلاد البالغ 84 مليون نسمة. ولكن بحلول عام 2050، من المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 30 مليوناً، ما يضع ضغوطًاً هائلة على نظام التقاعد في البلاد في هذه العملية.

البطالة وسوق العمل
ويلفت التقرير أيضاً إلى سوق العمل الإيراني الذي يعاني أيضاً من تبعات كبيرة، حيث أنه في العام الماضي، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن معدل البطالة في إيران كان عند 14% تقريباً، وهو في ارتفاع متزايد.

ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، فمن المتوقع أن ترتفع معدلات البطالة في إيران ارتفاعاً حاداً خلال نصف العقد المقبل على الأقل، بحيث تصل إلى خُمس إجمالي السكان بحلول منتصف عام 2020.

هذا التنبؤ المريع لم يتم التحدث حوله بشكل كاف من خلال التقديرات الإيرانية الرسمية، التي ترسم صورة وردية نسبياً لحالة التوظيف داخل البلاد، وهذه الحالة أكثر حدة بين الشباب الإيراني.

وفقاً لمركز الإحصاء الإيراني، وهو وكالة حكومية تخضع لسيطرة رئيس البلاد، بلغ معدل البطالة الرسمي 27% بين الشباب الإيراني العام الماضي، و 40 % بين خريجي الجامعات. ببساطة، يقول بيرمان، إن فشل النظام الإيراني بشكل منهجي في توفير ما يكفي من فرص العمل لاستيعاب القوى العاملة في البلاد، أشعل فتيل الاستياء المتزايد الظاهر الآن في الشارع الإيراني.

"هجرة الأدمغة الطبية"
كل هذه المشاكل، بدورها، تخلق أزمة ثانوية في الرعاية الصحية الإيرانية، حيث تواجه طهران الآن ما يمكن تسميته "هجرة الأدمغة الطبية"، حيث يسعى المزيد من الأطباء والممرضات إلى الخروج من البلاد، والنتائج مخيفة.

ذكرت وكالة أنباء الطلاب الإيرانية، أن هناك 1.6 طبيب وأخصائي طبي لكل 1000 إيراني، وهو أقل بكثير من تقديرات منظمة الصحة العالمية للموارد اللازمة للرعاية الأولية. وبما أن عملة البلاد وقوتها الشرائية هبطت، فقد بدأت إيران تعاني أيضاً من نقص الأدوية الأجنبية التي تمس الحاجة إليها.

بعبارة أخرى، الاقتصاد الإيراني مريض ولا علاج لذلك، يقول بيرمان. وبالطبع، وصف المسؤولون الإيرانيون المشاكل الاقتصادية الحالية للبلاد بأنها ليست أكثر من نتاج "الإمبريالية الغربية" الخبيثة. ومع ذلك، فإن نظرة فاحصة تشير إلى أن الأسباب الحقيقية للوعكة الاقتصادية في البلاد محلية بشكل واضح.