سورية نازحة في مخيم الحسكة (أرشيف)
سورية نازحة في مخيم الحسكة (أرشيف)
الثلاثاء 19 نوفمبر 2019 / 19:22

شبح الإبادة على يد تركيا يُطارد الأشوريين في سوريا

تخشى العائلات الأشورية القليلة المتبقية في شمال سوريا على مصيرها مع تقدم القوات التركية نحو قراها الواقعة في ريف الحسكة الغربي، رغم إعلان أنقرة في الشهر الماضي، بعد اتفاقين مع واشنطن وموسكو، تعليق هجوم واسع بدأته ضد المقاتلين الأكراد في المنطقة.

وفي تل تمر، شمال شرق سوريا، تتضرع سعاد سيمون يومياً إلى الله ليحمي زوجها الذي انضم إلى المقاتلين دفاعاً عن المنطقة ذات الغالبية الأشورية المسيحية، بعدما باتت القوات التركية على تخومها.

وفرت سعاد قبل أيام من قريتها تل كيفجي التي تحولت إلى خط جبهة ضد القوات التركية، ولجأت إلى  أقاربها في تل تمر التي تتصاعد أعمدة الدخان من أطرافها، وترتفع في أزقتها صور قديمة لمقاتلين قضوا في معارك سابقة، مع كتابات بالأشورية.

وتقول سعاد: "نزحنا نحن النساء لأننا خفنا من دوي القصف القوي"، مضيفة "لنا الله.. نريد فقط السلام".

وشنت تركيا في 9 أكتوبر (تشرين الثاني) مع فصائل سوريا موالية لها هجوماً واسعاً ضد المقاتلين الأكراد، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية المدعومة أمريكياً، وسيطرت على شريط حدودي بطول 120 كيلومترا في شمال سوريا.

وعلقت أنقرة في 23 أكتوبر(تشرين الأول) هجومها بعد وساطة أمريكية واتفاق مع روسيا نص على تسيير دوريات مشتركة قرب الحدود.

لكن تركيا واصلت التقدم، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، للسيطرة على عشرات البلدات والقرى. وتخوض منذ أسابيع معارك على جبهات عدة بينها محيط بلدة تل تمر.

ودفع الهجوم التركي منذ انطلاقه أكثر من 300 ألف شخص إلى النزوح، وتسبب في مقتل نحو 150 مدنياً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويقول أيشو نيسان، أحد سكان البلدة الأشوريين: "ثمة تهديدات تركية بالهجوم على قرانا، وكثيرون ينزحون"، مضيفاً "مصير المنطقة مجهول ونخاف على أطفالنا وعائلاتنا".

وتمر في شوارع تل تمر بين الحين والآخر سيارات وآليات محملة بنازحين في طريقهم إلى مناطق في جنوب البلدة، خاصةً مدينة الحسكة التي لم يتوقف تدفق النازحين عليها منذ بداية الهجوم التركي.

وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس حرس الخابور، نبيل وردة: "إنها المرة الثانية التي نتعرض فيها للهجوم، الأولى من تنظيم داعش، وهذه المرة الخوف من الأتراك الذين لديهم تاريخ من الإبادة معنا".

وأشار وردة إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشوريين والسريان والكلدان المسيحيين في المجازر العثمانية بارتكابها بدءاً من  1915، والمعروفة بـ "مجازر سيفو".

وتحيي الأقليات المسيحية في سوريا ذكرى هذه المجازر سنوياً في يونيو (حزيران).

ويضم ريف تل تمر نحو 35 قرية وبلدة ذات غالبية أشورية تعرف بقرى الخابور.

وكان عدد الأشوريين الإجمالي في سوريا قبل بداية النزاع في مارس (آذار) 2011، حوالي 30 ألفاً من أصل 1.2 مليون مسيحي، وهم يتحدرون بمعظمهم من الحسكة.

ويشكل المسيحيون نحو 5% من إجمالي عدد السكان في سوريا، لكن عدداً كبيراً منهم غادر البلاد بعد اندلاع النزاع.

وكان عدد سكان المنطقة الأشوريين قبل هجوم التنظيم يقدر بنحو 20 ألف نسمة، إلا أن الغالبية الساحقة منهم هاجرت إلى دول عدة، أبرزها الولايات المتحدة، وأستراليا، وكندا. ولم يبق منهم إلا نحو ألف فقط.

وينخرط العشرات منهم في مجموعة حرس الخابور وينضوون مع مقاتلين سريان في مجموعات تابعة لقوات سوريا الديموقراطية.