الأربعاء 20 نوفمبر 2019 / 10:50

احتجاجات العراق ولبنان.. إيران مُسْتَعْمٍرة لا مُحرِرَة

24- زياد الأشقر

كتبت إليورا كاتز في موقع مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكي، أنه لعقود، أرست إيران علاقات مع وكلاء من الميليشيات في انحاء الشرق الأوسط تحت غطاء مساعدة السكان المحليين على مقاتلة الإمبريالية. ومع ذلك، أظهرت الاحتجاجات الأخيرة في العراق ولبنان، إيران وكأنها مُسْتَعْمٍرة لا مُحررة. ومن بيروت إلى بغداد، يثور الناس ضد أسيادهم الفرس والبنى السياسية الطائفية التي أسسوها.

مليونا متظاهر -من أصل عدد السكان البالغ 4.5 ملايين نسمة-تدفقوا إلى شوارع المدن اللبنانية مرددين هتاف "الشعب اللبناني واحد"، في ضربة لإيران التي تؤجج نيران الطائفية على حساب سيادة لبنان

وفي مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، نزل الشباب العراقي ومعظمهم من الشيعة إلى الشوارع، مطالبين باستقالة الحكومة، وهاتفين "إيران، برا برا وبغداد تبقى حرة"، وأضرموا النار بصور الزعيم الإيراني علي خامنئي ومكاتب لميليشيات مدعومة من إيران. وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة، خرجت الميليشيات المتحالفة مع طهران كأنها هي التي تتحكم باللعبة السياسية، بينما كان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، يجري مفاوضات أتت برئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

قناصة
 وفي اليوم التالي لاندلاع الاحتجاجات، طار سليماني إلى بغداد لترؤس اجتماع مع مسؤولين أمنيين بدلاً من رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي. وبعد ذلك نشرت ميليشيات الحشد الشعبي المتحالفة مع إيران قناصة بهدف قمع وحشي للاحتجاجات مما أسفر عن مقتل 165 متظاهراً وجرح ستة ألاف آخرين.

وعلى رغم هدنة بمناسبة أربعينية الإمام الحسين، جدد المتظاهرون تحركهم في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، في وقت كان المتظاهرون الرافضون للطائفية يطالبون بمحاسبة المؤسسة الحاكمة التي يعتبرونها مسؤولة عن تدهور البلد.

تظاهرات بغداد

وفي بغداد، احتشد الآلاف في ساحة التحرير حاملين الأعلام العراقية. وفي كربلاء، اقتحم المتظاهرون القنصلية الإيرانية ورفعوا العلم العراقي فوقها. وفي الجنوب، أضرم المتظاهرون الغاضبون النار بالمباني الحكومية بما في ذلك تلك التابعة لفصيلي عصائب أهل الحق وبدر. وشوهد محتجون وهم يمزقون صور خامنئي وسليماني. ولم تصدر عن المحتجين أية إشارة إلى فتور همتهم. ونزل آلاف العراقيين من مختلف الخلفيات إلى شوارع بغداد الجمعة الماضي، على رغم القمع الوحشي لقوى الأمن مما أسفر عن مقتل 250 شخصاً خلال شهر واحد. وتدخل هنا سليماني مجدداً للحؤول دون استقالة عبد المهدي.

دولة تابعة
وأوضحت أن إيران حولت العراق إلى دولة تابعة لها اقتصادياً وسياسياً. وعوض العمل من أجل عراق مكتفٍ ذاتياً، حول نظام الملالي العراق، العدو السابق لإيران، إلى أرض تلقى فيها المنتجات الفارسية ووكلاء طهران. وانفجرت الاحتجاجات العام الماضي في مدينة البصرة الغنية بالنفط، عندما أوقفت إيران إمداد المنطقة بالتيار الكهربائي. وبعد رأوا أن ثمة مؤامرة وراء الهيمنة الصناعية الإيرانية على حساب العراق، هتف سكان البصرة "إيران برا" بينما كانوا يضرمون النار بالقنصلية الإيرانية ومقار ميليشيات تابعة لطهران.

ثورة ضد الفساد
ورأت الكاتبة أنه على نحوٍ مشابه، استقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وسط تظاهرات حاشدة تهز لبنان منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول). ودعا محتجون من مختلف الطوائف والأعمار إلى ثورة ضد الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية. ومن المتوقع أن تتضخم ديون لبنان إلى أكثر من 150% من إجمالي الناتج المحلي بحلول نهاية العام الجاري.

وعلى نحوٍ غير معتاد، انضمت بعض قواعد حزب الله إلى المناشدة بتغيير شامل للنظام السياسي. وأحرق محتجون شيعة مكاتب الحزب في معقله بمدينة النبطية بجنوب البلاد. ويجب ألا يشكل ذلك مفاجأة لأن حزب الله تأثر بحملة الضغط الأقصى الأمريكية على إيران. وتدنى المدخول من إيران، الأمر الذي أرغم حزب الله على خفض رواتب مقاتليه والخدمات الاجتماعية التي يقدمها لأنصاره. وتشكل المساعدات الإيرانية 70% من موازنة الحزب، التي كانت تقدر سابقاً بـ700 مليون دولار سنوياً.

وقالت الكاتبة إن مليوني متظاهر -من أصل عدد السكان البالغ 4.5 ملايين نسمة-تدفقوا إلى شوارع المدن اللبنانية مرددين هتاف "الشعب اللبناني واحد"، في ضربة لإيران التي تؤجج نيران الطائفية على حساب سيادة لبنان. وشكل عشرات ألاف المحتجين سلسلة بشرية امتدت على 170 كيلومتراً من شمال لبنان إلى جنوبه تعبيراً عن الوحدة. وكان ذلك أسوأ كوابيس إيران. وأرسل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله المئات من أنصاره لترويع المحتجين في شوارع بيروت. وانتشر الجيش اللبناني لحماية المتظاهرين الذين تحدوا تهديدات نصرالله بهتاف "كلن يعني كلن ونصرالله واحد منهن".