الأربعاء 20 نوفمبر 2019 / 11:12

لماذا سيشهد الاقتصاد الإيراني تدهوراً إضافياً سنة 2020؟

توقع الدكتور مجيد رافي زاده في مقاله الذي نشرته صحيفة "ذي اراب نيوز" السعودية انكماشاً إضافياً في اقتصاد إيران السنة المقبلة بفعل عوامل خارجية وداخلية. ورأى أنه في ما يتعلق بالنمو الاقتصادي، كانت 2019 واحدة من أسوأ السنوات على إيران منذ ثورة 1979.

تلقى الاقتصاد الإيراني ضربة بارزة سنة 2019 ومن المرجح أن يستمر في التدهور السنة المقبلة بسبب العقوبات الأمريكية وتقلص الصادرات النفطية وانخفاض قيمة العملة والفساد المالي

حتى الرئيس الإيراني حسن روحاني اعترف الأسبوع الماضي وللمرة الأولى بأنّ "الوضع غير طبيعي" وأنّ بلاده تمر في "واحدة من أصعب السنوات" منذ 40 سنة.

بدأ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وإعادة فرضها عقوبات قاسية يؤثران فعلاً على الاقتصاد الإيراني هذه السنة. عدّل صندوق النقد الدولي توقعه لذلك الاقتصاد مشيراً إلى أنه سينكمش بـ 9.5% بدلاً من 6% بنهاية 2019. واحد من الأسباب التي تقف خلف الصورة الأكثر قتامة التي رسمها صندوق النقد الدولي هو قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدم تمديد الإعفاءات من العقوبات لمستوردي النفط الإيراني: الصين، الهند، اليونان، إيطاليا، تايوان، اليابان، تركيا، كوريا الجنوبية. وعلى الأغلب، سيستمر تدهور الاقتصاد الإيراني في 2020 لأسباب عدة.

حملة الضغط الأقصى مستمرة
في البداية، لا تزال إدارة ترامب مستمرة في تصعيد سياسة "الضغط الأقصى" ضد النظام الإيراني وخصوصاً ضد قطاع الطاقة. تعتمد إيران بشدة على عائداتها النفطية لتمويل نفقاتها. لدى طهران ثاني أكبر احتياطي من الغاز ورابع أكبر احتياطي من النفط عالمياً ويمثل مبيع هذه الموارد أكثر من 80% من عائدات صادراتها. قاربت موازنة إيران لسنة 2019 حوالي 41 مليار دولار، وترقب النظام أن يولّد حوالي 21 مليار دولار من عائدات النفط. وهذا يعني أنّ نصف العائدات الإيرانية تقريباً يأتي من تصدير النفط إلى دول أخرى. لكنّ تلك الصادرات تستمر في الانخفاض.

انهيار ب 90%
قبل أن تفرض وزارة الخزانة عقوبات ثانوية على قطاعي النفط والغاز في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، كانت طهران تصدر أكثر من مليوني برميل يومياً. وفي سنة واحدة فقط، انهارت صادرات النفط إلى أقل من 200 ألف برميل يومياً وهذا يعني انخفاضاً بحوالي 90%. حتى مع حديث المرشد الأعلى علي خامنئي عن الاكتفاء الذاتي، لمّح العديد من القادة الإيرانيين إلى الاعتماد الإيراني الكبير على تصدير النفط. وقال روحاني الأسبوع الماضي: "على الرغم من أننا نحظى بمداخيل أخرى، إنّ المدخول الوحيد الذي بإمكانه أن يدفع البلاد إلى الاستمرار هو المال النفطي." وأضاف "لم نواجه قط هذا الكم من المشاكل في بيع النفط. لم نواجه قط هذا الكم من المشاكل في الإبقاء على أسطول ناقلاتنا النفطية مبحراً.. كيف يمكننا إدارة شؤون البلاد حين يكون لدينا مشاكل في بيع نفطنا؟"

الضرائب وضعف قيمة الريال
تابع رافي زاده أنّ بإمكان إيران التعويض جزئياً عن خسائر عائداتها عبر مراكمة الضرائب على جميع القطاعات والأعمال. لكنّ أثرى المنظمات الإيرانية وهي مملوكة في الغالب من قبل الحرس الثوري أو مكتب المرشد الأعلى مثل آستان قدس رضوي وسيتاد، معفاة من الضرائب وهي تعمل خارج الاقتصاد الرسمي. وثمة مسألة أخرى كامنة في انهيار سعر الصرف الذي سيضغط بشدة على الاقتصاد بشكل مرجح السنة المقبلة. ويتم التداول بالدولار في مقابل 105 آلاف ريال إيراني.

ضغط دولي
ثالثاً، إذا استمرت إيران في تصعيد خروقاتها للاتفاق النووي، قد تُجبر دولاً أخرى وخصوصاً الدول الأوروبية على فرض عقوبات أحادية على طهران كما على إعادة فرض عقوبات أممية. بعد تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّها وجدت آثار يورانيوم في منشأة غير مصرح عنها في إيران، حض الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وبريطانيا طهران على الالتزام بالاتفاق النووي تحت طائلة مواجهة تحرك مشترك.

عيوب متأصلة في النظام

على صعيد آخر، إنّ العوامل الداخلية البارزة التي تسببت بالأزمة الاقتصادية ستستمر السنة المقبلة على الأرجح. تشمل هذه العوامل، الفساد المستشري داخل المؤسسة الثيوقراطية، سوء إدارة الاقتصاد، الاختلاس وتبييض الأموال في النظام المصرفي واستنزاف الثروة الوطنية على الميليشيات والمجموعات الإرهابية في المنطقة. ويشير رافي زاده إلى أن هذه العيوب متأصلة في المؤسسات السياسية والمالية في البلاد. بحسب مؤشر مدركات الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية، تُصنف إيران في المرتبة 138 من أصل 180.

تلقى الاقتصاد الإيراني ضربة بارزة سنة 2019 ومن المرجح أن يستمر في التدهور السنة المقبلة بسبب العقوبات الأمريكية وتقلص الصادرات النفطية وانخفاض قيمة العملة والفساد المالي واحتمال إعادة فرض المزيد من العقوبات بما أنّ إيران مستمرة في خرق الاتفاق النووي.