محتجون في إحدى ساحات بغداد. (أرشيف)
محتجون في إحدى ساحات بغداد. (أرشيف)
الجمعة 22 نوفمبر 2019 / 11:36

إيران أمام اختبار شاقّ في العراق

يرى موقع ستراتفور للتحليلات والآراء السياسية، أن الاحتجاجات الوطنية في العراق تمثل اختباراً شاقاً بالنسبة لإيران.

إذا اختارت إيران الوقوف في صفّ الحكومة العراقية، فهي لديها ما يكفي من علاقات سياسية وأمنية لدعم أشكال أكبر من قمع المحتجين، بما فيها الاستعانة بوكلائها

وكانت الاحتجاجات التي شلت العراق خلال الأشهر القليلة الماضية حقيقة واقعة في البلاد منذ سنوات، وإن بدرجة أقل. وتوحدت الحركة الاحتجاجية الحالية، كسابقاتها، حول قضايا قديمة مشابهة كالفساد وانعدام الفرص الاقتصادية. ولكن الجديد هذه المرة، هو تدفق مشاعر خفية معادية لإيران. ويطرح هذا صعوبات بالنسبة لطهران التي تحاول الإبقاء على سيطرتها السياسية على الحكومة في بغداد للحفاظ على مصلحتها في بقاء جارها العراقي ضمن مدارها.

شعور متنام
وحسب ستراتفور، اتسمت الاحتجاجات في العراق بحس قومي متنامٍ، بدأ في أوائل أكتوبر(تشرين الأول) ولا شيء يشير لانحساره. وقد ترجم ذلك بمطالبة بعض العراقيين بإنهاء تدخلات خارجية في شؤون البلاد – سواء من قبل إيران أو الولايات المتحدة، أو قوى أخرى منها دول في الخليج وتركيا. ولكن بسبب مكانة إيران الرفيعة، من خلال رعايتها للميليشيات أو مكانتها في مناطق عراقية للمذهب الشيعي فيها تأثير بارز، فقد كانت إيران خاصة هدفاً لغضب المحتجين.

مشاعر مناهضة
ووفق كاتب التقرير، يمكن الاستدلال على هذا الغضب عند زيارة العراق. فعلى سبيل المثال، شوهت خلال الاحتجاجات ملصقات تعرض صوراً لزعماء سياسيين ودينيين إيرانيين، وهي مألوفة عادة في مدن عراقية غالبيتها شيعية. ويعد ذلك تطوراً غير عادي يعبر عن عمق المشاعر المناهضة لإيران. وقد وصل الأمر لدرجة مهاجمة محتجين عراقيين القنصلية الإيرانية في كربلاء، المدينة المقدسة التي تضم أضرحة يزورها منذ قرون أعداد كبيرة من الشيعة، بمن فيها إيرانيون.

مورد قيم
وتبعاً لستراتفور، بهدف المساعدة في احتواء سخط العراقيين، يرجح تعرض ساسة وميليشيات متحالفة مع إيران لضغط من قبل طهران كي يدعموا الحكومة الحالية، ولقمع الاحتجاجات، في وقت تحاول إيران الحفاظ على العراق كمورد قيم. ومن شأن المحافظة على الوضع الراهن مساعدة إيران على المدى القريب، وخاصة وهي تحاول التصدي لضغط أمريكي يهدف لمحاربة نفوذها في المنطقة.

مفاتيح إيران
ويرى كاتب المقال أنه لإيران دوافع عدة كي تبقي على دور نافذ لها في العراق. فمن جهة أولى، تريد المحافظة على جسر بري يربطها بموانئ لبنانية على المتوسط، طريق يمر عبر العراق والأراضي السورية. ولذا تحتاج إيران لولاء ميليشيات عراقية تمولها، وأصبحت تشكل مكوناً رئيسياً من القوات الأمنية العراقية، وتوفر لإيران قناة نفوذ إلى الحكومة العراقية. كما تشكل تلك الميليشيات قوة وكيلة تستطيع إيران استخدامها للتصدي لآثار الدعم الأمني الأمريكي لبغداد.

ومن جهة ثانية، يبقى العراق شريكاً اقتصادياً هاماً بالنسبة لإيران، بالنظر لحجم السلع الإيرانية التي يشتريها العراق. كما أن اعتماد العراق على الغاز الطبيعي الإيراني لتوليد الكهرباء يجعله سوقاً قيماً للطاقة في ظل تكثيف عقوبات أمريكية تستهدف صادرات الطاقة الإيرانية.

كيفية التصدي
وفيما تأخذ طهران بعين الاعتبار استثمارها القيِّم في العراق، لا بد لها بأن تقرر كيفية الاستجابة لضغط المحتجين الساعين لخرق وضع سياسي راهن يخدم مصالحها. وبعد كل شيء، منحت الحكومة العراقية الحالية الميليشيات الإيرانية فرصة لتعزيز مكانتها في الحكومة، لا بالمحافظة فقط على علاقات اقتصادية مع إيران، بل بتعزيز اتفاقيات استراتيجية وتجارية مع طهران.
ويرى كاتب المقال أنه مع استمرار الاحتجاجات، فقد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وحلفاوه الكثير من شرعيتهم بنظر العراقيين. ولكن حتى مع تنامي الضغط، سيضطر الساسة العراقيون لحماية أنفسهم لا من أجل استمراريتهم السياسية وحسب، بل جراء ضغط من قبل الحكومة الإيرانية للحفاظ على سلطتهم.

وحسب الكاتب، إذا اختارت إيران الوقوف في صفّ الحكومة العراقية، فهي لديها ما يكفي من علاقات سياسية وأمنية لدعم أشكال أكبر من قمع المحتجين، بما فيها الاستعانة بوكلائها. ويرجح أنها استخدمت ققدرتها على القيام بذلك بواسطة أنشطة نفذتها قوى مجهولة أوقعت قتلى في كربلاء ومناطق أخرى. وقد اشتبه بتنفيذ ميليشيات متحالفة مع إيران لأعمال العنف في العراق. ولكن من شأن استعداد تلك الميليشيات لاستخدام العنف ضد العراقيين، والتلاعب السياسي المفضوح، أن يعقد، على المدى البعيد، قدرة إيران على حماية مصداقيتها وشعبيتها بين العراقيين. ولذا حتى لو قامت إيران بمثل تلك الأنشطة، ستحاول إخفاء دورها.