رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يعاين مستوطنات في الضفة.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يعاين مستوطنات في الضفة.(أرشيف)
الجمعة 22 نوفمبر 2019 / 19:19

شكراً "موغريني"، شكراً "ترودو"

اللافت هنا هو الرد الباهت للنخب السياسية الفلسطينية، والذي في أفضل صوره بدا تكراراً مثيراً للضجر يفتقر للمخيلة وصناعة المبادرة، أو استعادتها وهذا يشمل التصريح الذي نسب إلى رئيس السلطة

في الصيف الماضي وصلت إلى قادة ومسؤولي الأحزاب السياسية في إسرائيل رسالة موجهة من ائتلاف من المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة تحمل توقيع 13 مجموعة، من بينهم عشرة أعضاء من التجمع الذي يحمل اسم "الشبكة التقدمية الإسرائيلية"، الذي يضم تحالف "جي ستريت" وصندوق إسرائيل الجديد.

فحوى الرسالة القادمة من حي بروكلين في نيويورك يبدو مختلفاً عن الرسائل المعتادة التي تصل من ذلك الحي الشهير الذي يضم غالبية يهودية ويعكس، على نحو أو آخر، الاتجاهات الرئيسية للجالية اليهودية المتنفذة في "أمريكا"، فقد تضمنت هذه المرة تحذيراً واضحاً للنخبة السياسية في إسرائيل من السعي إلى ضم الضفة الغربية المحتلة أو أجزاء منها، معتبرة أن قراراً إسرائيلياً بهذا الشأن سيعقد أي خطة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جهة، ولكنه في نفس الوقت "سيضر بالعلاقة المهمة بين دولة إسرائيل ويهود الولايات المتحدة الذين تؤمن غالبيتهم وتدعم حل الدولتين للصراع"، في فقرة أخرى تحذر الرسالة من الانسياق خلف إدارة الرئيس الأمريكي ترامب حتى لو بدا أنها، الإدارة، "تؤيد خطط الضم"، فمن الخطأ، كما تنص الرسالة، بالنسبة لإسرائيل أن تعتقد أن هذه "ستكون دائماً سياسة الحكومة الأمريكية".

وحذرت الرسالة، التي نشرتها صحيفة "يديعوت أحرنوت" على موقعها باللغة العبرية نهاية أغسطس (آب) الماضي، من أن "أسلوب هذا الرئيس"، المقصود دونالد ترامب، "لا يمثل المصالح طويلة الأمد والسياسة المستقبلية المحتملة للولايات المتحدة".

وهو ما ينسجم مع أصوات كثيرة بدأت ترتفع في إسرائيل، تدعو إلى التريث وعدم الانجرار خلف "حماسة" فريق ترامب وخطابه الموجه إلى جمهوره الانتخابي المسيحي الأبيض داخل الولايات المتحدة دون التفكير بتبعات مثل هذه القرارات على مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي.

ويترافق مع تصريحات من داخل أمريكا تتفق على رفض سياسة "ترامب" في الشرق الأوسط وتتفاوت في مستوى الرفض، من "بايدن" المرشح الديمقراطي للرئاسة واعتراضه التقليدي على الاستيطان، إلى "ساندرز" المرشح الآخر الذي يقترح حجب المساعدات عن "إسرائيل".

هذه منطقة عمل مفتوحة وقابلة للمبادرات وبناء القواسم وتنظيم حملات العمل، مساحات تشمل منظمات يهودية فاعلة وأوساط نافذة في الحزب الديمقراطي وحضور حيوي وفاعل لحركة المقاطعة.

من الضروري استحضار هذا التحذير الآن، وإعادة قراءته على ضوء اعلان وزير الخارجية الأمريكي الأخير، أن الولايات المتحدة لا ترى في المستوطنات اليهودية في مناطق الضفة الغربية أمراً مخالفاً للقانون، وأنها تتعامل معها بصفتها عملاً شرعياً لا يتعارض مع القانون الدولي.

اللافت هنا هو الرد الباهت للنخب السياسية الفلسطينية، والذي في أفضل صوره بدا تكراراً مثيراً للضجر يفتقر للمخيلة وصناعة المبادرة، أو استعادتها وهذا يشمل التصريح الذي نسب إلى رئيس السلطة.

لا يكفي الاتكاء على إعلان "الاتحاد الأوروبي" الرافض للقرار الأمريكي، أو تصويت "كندا" للمرة الأولى إلى جانب "حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره"، وتسويق ذلك على أنه إنجاز للديبلوماسية الفلسطينية، شكراً "موغريني" شكراً "ترودو"، هذه وغيرها جزء من المواجهة التي يخوضها العالم مع فوضى "ترامب"، الموضوع الفلسطيني يأتي في السياق وبحكم الوقت والتقادم ودون أي بصمة أو مبادرة.

لم تضف السياسة الفلسطينية الرسمية في الفترة الطويلة الأخيرة، أي بصمة يمكن الحديث عنها على واقع الصراع، رغم التحولات الحادة التي نشأت وتنشأ على الأرض وتمس جوهر هذا الصراع، وهو أمر بالغ الخطورة إضافة إلى غرابته.

الأمر أكثر تعقيداً من الإعلان المتكرر عن "موت صفقة القرن"، بينما على الأرض يتم سحب البساط والأرضية والكرسي الذي يجلس عليه الرئيس في المقاطعة والمقاطعة نفسها.