صورة مركبة لمنشأة نفطية إيرانية وعلم إيران.(أرشيف)
صورة مركبة لمنشأة نفطية إيرانية وعلم إيران.(أرشيف)
الجمعة 22 نوفمبر 2019 / 14:45

في ظل ضغط اقتصادي شديد.. إيران أمام خيارين

ليس صحيحاً ما يقال إن نظام العقوبات الواسع النطاق الذي فرضته إدارة ترامب ضد إيران لم يكن له الأثر المطلوب، وهو ما أثبتته احتجاجات عمت جميع أرجاء البلاد، رداً على قرار النظام رفع أسعار الوقود.

ليس أمام النظام مجال واسع للمناورة، ولذا هو أمام خيار ين: إما أن يعدل سلوكه، أو يستمر في مواجهة غضب الشعب الإيراني

ويشير كون غوغلين، محرر الشؤون الدفاعية والخارجية في صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، وزميل بارز لدى معهد "غيتستون"، لما زعمه منتقدو قرار إدارة ترامب، في العام الماضي، بشأن الانسحاب من الصفقة النووية، بأن آيات الله سيستطيعون الالتفاف على العقوبات عبر الاتجار مع دول كالصين، بقيت على التزامها بالصفقة النووية.

وحسب غوغلين، ثبت اليوم خطأ تلك المزاعم بعدما نزل عشرات الآلاف من الإيرانيين إلى الشوارع احتجاجاً على قرار النظام، قبل أسبوع، برفع أسعار الوقود بنسبة 50%، فضلاً عن تقنين مقدار ما يستطيع السائقون شراءه من الوقود بالأسعار القديمة بـ 60 ليتراً شهرياً فقط.

ويرى كاتب المقال إنه ما يثير السخرية عدم قدرة حتى أشد أنصار الملالي تجاهل حقيقة أن بلد كإيران يفاخر بأنه من أكبر منتجي النفط في العالم، غير قادر على إنتاج ما يكفي لتلبية حاجات سكانه.

مطلب محرج
و فيما يعتبر طلب رفع أسعار الوقود أمراً محرجاً للغاية بالنسبة لحكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، فقد ردت الحكومة الإيرانية بوحشية عرفت بها على احتجاجات مناهضة لقراراتها.

ومن الصعب معرفة العدد الحقيقي للقتلى بين المحتجين، لا سيما بسبب قطع النظام الإيراني خدمة الانترنت عن البلاد، وهو شيء متوقع من أية دولة مستبدة تتعرض لضغوط.

وتشير تقارير غير رسمية جمعها إيرانيون يقيمون في الخارج لمقتل حوالي 200 شخص، وإصابة قرابة 3000 بجروح بعدما أمر روحاني قوات الأمن الإيرانية بالتعامل مع الاحتجاجات، والتي وصفها بأنها تحولت إلى شغب.

وقال روحاني بعد وقت قصير من بدء الاحتجاجات ضد الحكومة" من حق الناس الاحتجاج، ولكن الاحتجاجات تختلف عن أعمال الشغب. وينبغي أن لا نسمح بانعدام الأمن في مجتمعنا".

وذهب المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، أبعد من ذلك، زاعماً بأن الاحتجاجات لم تكن أكثر من "عمليات تخريب وحرق نفذها مثيرو شغب، وليس شعبنا. ولطالما دعم أعداء الثورة وإيران أعمال تخريب وانتهاكات أمنية، وسيواصلون القيام بذلك".

بطش
وكما يحدث غالباً عندما يجد النظام الإيراني نفسه تحت ضغوط، كالثورة الخضراء لعام 2009، عندما جرت احتجاجات شعبية ضد نتيجة الانتخابات الرئاسية، يعمد آيات الله لسحق أي احتجاج بالقوة المفرطة مستعينين بفيالق الحرس الثوري الإسلامي (IRGC) والباسيج، ميليشيا من المتطوعين في الحرس الثوري.

ويشير كاتب المقال لاستخدام النظام إجراءات مماثلة خلال الثورة الخضراء، عندما خرج آلاف من الإيرانيين الذين خابت آمالهم إزاء احتمال أن يحكمهم الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد لمدة أربع سنوات أخرى، وخرجت يومها أكبر احتجاجات مناهضة للحكومة شهدتها إيران منذ الثورة الإسلامية في 1979.

وحسب الكاتب، من السابق لأوانه القول ما إذا كانت الموجة الحالية من الاحتجاجات سوف تكتسب نفس الزخم، وخاصة لأن النظام أصبح أكثر مهارة في سحق أية معارضة مناهضة للحكومة.

أوقات عصيبة
ومنذ نهاية العام الماضي، خرجت موجات دورية من الاحتجاجات في جميع أنحاء طهران، وبخاصة احتجاجاً على تأثير خانق لنظام العقوبات الأمريكية على الاقتصاد، وحيث وصلت نسبة التضخم إلى 40% وتداعت قيمة الريال الإيراني، ما سبب ارتفاعاً هائلاً في كلفة سلع أساسية، كاللحوم الحمراء والدجاج بنسبة 57%، فضلاً عن زيادة في أسعار الحليب والجبنة والبيض بنسبة 37%، والخضار بنسبة 47%.

وحسب الكاتب، بالإضافة لما سبق، يواجه آيات الله أوقاتاً عصيبة من نواح أخرى عديدة. فإن قادة إيران لا يتعرضون فقط لضغط داخلي نتيجة معالجتهم الكارثية للاقتصاد. إنهم يشهدون فشل جهودهم في تصديرهم للثورة الإسلامية إلى أركان أخرى في الشرق الأوسط، كما ظهر من خلال احتجاجات مناهضة لإيران في كل من العراق ولبنان.

وفي واقع الأمر، هناك مخاوف من أن تخرج الاحتجاجات الجارية حالياً في إيران عن السيطرة، كما جرى مؤخراً في كل من العراق ولبنان، ما دفع عدداً من أعضاء البرلمان الإيراني، للدعوة للتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود.

لكن يرى الكاتب بأنه في ظل تعرض الاقتصاد الإيراني لضغط شديد نتيجة العقوبات، ليس أمام النظام مجال واسع للمناورة، ولذا هو أمام خيارين : إما أن يعدل سلوكه، أو يستمر في مواجهة غضب الشعب الإيراني.