الخميس 28 نوفمبر 2019 / 13:06

الأكراد يواجهون تركيا وروسيا وسوريا

رغم إعلان وقف لإطلاق النار في شمال سوريا في الشهر الماضي، يستمر القتال بين الجيش التركي وحلفائه من المتمردين السوريين وبين قوات سوريا الديمقراطية قسد، والجيش السوري.

إذا جدد الأتراك هجماتهم، سوف نقاتل. ونحن نعتمد على قواتنا، وندرك أنه سيكون صعباً علينا، لكننا سنقاتل

وشهد جوناثان سباير، مدير مركز الشرق الأوسط للتحرير والتحليلات، كيف يقطع صوت المدفعية التركية سكون الصباح عند قرية أم كيف، على مسافة أقل من 3 كيلومترات من بلدة تل تمر بالقرب من الحدود السورية التركية.

ولفت الكاتب في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، لانطلاق قذائف هاون كردية بعد قرابة دقيقة على بدء القصف التركي. ويتعمد المدافعون عن أم كيف إحراق إطارات لتشكيل سحابة من الدخان لحجب الرؤية عن طائرات تركية دون طيار. لكن ذلك لا يحميهم لأن الطائرات تخلف خسائر كبرى في صفوف المدافعين.

وسرعان ما يزدحم الطريق بسيارات تنقل ما تبقى من مدنيين هاربين من القرى الأمامية نحو ملاذ آمن نسبياً في تل تمر، وبلدات أبعد نحو الجنوب. وتحمل سيارات وشاحنات كل ما تستطيع الأسر حمله من فرش، وبطانيات، وطاولات.

منع التقدم
ومنذ بداية الهجوم التركي في 9 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، تمكن الغزاة من السيطرة على منطقة طولعا قرابة 100 كيلومتر، وعمقها 36 كيلومتراً بين بلدتي تل أبيض ورأس العين. وتوجد بلدة تمر المسيحية تقليدياً، والمهجورة الآن، على الطريق أمام أي تقدم تركي جديد.

وقال قائد قسد، الجنرال الكردي مظلوم عبدي للكاتب عندما التقاه داخل قاعدة لقواته بالقرب من مدينة الحسكة: "يرغب أردوغان في مواصلة الهجوم. والآن كل شيء يعتمد على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. فإذا ضغطوا عليه، لن يتجرأ الأتراك على معاودة الهجمات".

تشعب النزاع
ويشير كاتب المقال إلى تشعب النزاع عدة مرات منذ بداية أعمال عدائية في ما يعرف بـ"الربيع العربي" في 2011. وظهر داعش بفضل الفوضى والحرب بين قوات الأسد، وعدد من التنظيمات المتمردة السنية. وبدورها، أدت الحرب بقيادة أمريكية ضد داعش إلى ظهور سلطة كردية في شمال شرق سوريا، ما أدى اليوم إلى حرب تركية للقضاء على المكاسب الكردية. وتنشط حالياً سبعة جيوش من مختلف الأنواع في منطقة مثلثة من الأرض السورية، شرق نهر الفرات.

وعندما أعلن الرئيس الأمريكي ترامب، في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، سحب قوات أمريكية من شمال شرق سوريا، تبعه غزو تركي كان متوقعاً.

وعندها أصبح الأكراد أمام خيار مواجهة الهجوم التركي بمفردهم، أو دخول قوات الحكومة السورية والروسية إلى منطقتهم. وفضل الأكراد الخيار الثاني.

وفي بداية الأمر، بدا من المرجح أن يمهد ذلك إلى زوال سريع لسلطة حكم ذاتي كردية في روج آفا، كردستان السورية، التي اقتطعت في منتصف 2012.

صورة بسيطة
لكن، حسب كاتب المقال، يكذب الواقع الحالي على الأرض هذه الصورة المبسطة، لأن النظام السوري يفتقر للقوة البشرية، فيما لا تزال قوات قسد قوية، وراسخة. ولهذا السبب تواصل القوات السورية محاولات السيطرة على مدن مثل ديريك، والحسكة، وقامشلي التي لا يزال الأكراد يسيطرون فيها على نقاط تفتيش، والسلطات الأمنية.

ويشير كاتب المقال إلى اعتماد قوات النظام السوري على دعم حلفائه. وتبقى روسيا القوة الحقيقية في شمال شرق سوريا، التي تتوسط بين قوات الأسد والأكراد، وبين النظام والأتراك.

وتفضل موسكو أن تسترد دمشق سيطرتها على كامل الأراضي السورية. لكن الاعتبارات الروسية معقدة. فهي تريد توسيع الشرخ بين تركيا وحلف الناتو، كما لا تضمر عداوة خاصة للأكراد، ولا ترى فائدة في تجدد صراع دموي بين قوات الأسد وقسد.

وساطات

ويقول قائد قسد، الجنرال مظلوم: "يجري الروس وساطات. إنهم يحاولون تقريبنا من النظام عبر استخدام تركيا تهديداً".

وحسب كاتب المقال، تحاول موسكو بشكل منهجي حض الأكراد على الموافقة على دور متنامٍ للنظام السوري في شرق نهر الفرات، بالتهديد بالسماح بشن هجوم تركي آخر ضد مراكز سكانية كردية، إذا ثبت تعنت الأكراد.

ولكن الجنرال مظلوم لا يعنيه شيء من ذلك، ويقول: "إذا أصر النظام على العودة إلى ما كان عليه الوضع في 2011، فسنقاتل".

وعندما التقى الأسبوع الماضي، وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره الأمريكي في بروكسل، قال له إن اتفاق 17 أكتوبر( تشرين الأول) الماضي، على وقف الإطلاق النار "لم يطبق بعد"، ما معناه أن قوات قسد لا تزال في المنطقة.

وفي مكان آخر، قال وزير الخارجية التركي: "إذا لم نحقق أي نتيجة، فكما بدأنا العملية من قبل، سنعمل كل ما يلزم في شمال سوريا".

تحديات
لكن الأكراد يتمسكون بموقفهم. ويقول مظلوم: "إذا جدد الأتراك هجماتهم، سنقاتل. ونحن نعتمد على قواتنا، وندرك أنه سيكون صعباً علينا، لكننا سنقاتل".

ويختم كاتب المقال رأيه بالإشارة إلى احتمال تأخير عودة نازحين من أم كيف، ورأس العين، وتل تمر، وبلدات حدودية أخرى إلى بيوتهم. ولا تزال الحياة الطبيعية حلماً بعيد المنال، فالحرب الأهلية السورية لم تنته، ودخلت عامها التاسع.